يقول الأمام الرضا (سلام الله عليه): "لو عرف الناسُ فضل هذا اليوم بحقيقته لصافحتهم الملائكة في كلٌ يومٍ عشرَ مراتٍ".
لو أردنا ان نفهم الغدير في عبارة موجزة لأمكننا القول:
إن الغدير هو الوعاء الذي تجتمع فيه جميع تضحيات الرسول الكريم (صلى الله عليه وآله)، وهو مخزن الأحكام والآداب التي أوحى الله تعالى بها إلى رسوله الأمين والأشارة إلى هذه الحقيقة ومدى توقف البعثة الخاتمية عليه تجسٌد في قوله جل وعلا: "يأيٌها الرٌسول بلغ ماأنزلَ إليكَ منْ رَبٌكَ وإن لم تفعل فما بَلٌغتَ رِسالَته".
الآن وبعدما سُلب حقّ الإمام في الخلافة وأُقصي عن الحكومة ولم يُمتثل أمر الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وآله في يوم الغدير، فما الذي حدث؟
بعد أن أُجبر الإمام على الجلوس في داره مدّة 25 عاماً، منذ السنة الأولى التي أُنكر فيها الغدير عملياً بعد رحيل رسول الله صلى الله عليه وآله ظهرت المشاحنات والقتل والحروب والظلم بدءاً من الظلم الذي حاق بمولاتنا السيدة فاطمة الزهراء سلام الله عليها وإسقاطها محسناً ثم بالحروب التي وصفها القائمون عليها بـ (حروب الردّة) واستمراراً بما تلاها من حروب حتى يومنا هذا، حيث قتل الملايين من البشر! كلّ ذلك بسبب إقصاء الغدير وتجاهل قول رسول الله صلى الله عليه وآله في عليّ: هَذَا وَلِيُّكُم مِنْ بَعْدِي(1).
هناك كما نوهّنا رواية تستدعي التأمّل وتؤيّد ما ذهبنا إليه؛ مفادها أنه لو تحقّق الغدير: لمَا اخْتَلَفَ في هَذهِ الأُمَّةِ سَيفَانِ(2).
أي لما تحارب اثنان. وهذه حقيقة تستدعي التأمّل.
فالحروب التي خاضها الإمام أمير المؤمنين سلام الله عليه إبان حكومته الظاهرية لم تكن لتقع لو استقامت الأمّة على منهج الغدير، كما أراد الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وآله؛ ولكنها فُرضت على الإمام سلام الله عليه من قِبل أولئك الذين مكّنهم الأسبقون الذين لم يرق لهم تحقّق الغدير.
فصرنا نشهد على مرّ التاريخ حروباً ودماراً وظلماً وفساداً وهتكاً للحرمات، حتى آل الأمر إلى ما نشهد اليوم من حروب واستبداد واستعباد للناس وقتل وعنف في كل بقاع العالم تقريباً، فهذا يقتل ذاك وذاك يظلم هذا، وعمليات خطف وإبادة ودمار في كل مكان!.
الأمر الذي حذّرت منه مولاتنا السيدة فاطمة الزهراء سلام الله عليها بقولها:
ثمَّ احْتلِبوا طِلاعَ القعْبِ دَماً عَبيطاً وزُعافاً مُمَقَّراً. هُنالِك يخْسرُ المُبْطِلُون، ويعْرِفُ التّالُونَ غِبَّ ما أسّسَ الأوَّلُونَ، ثُمَّ طِيبُوا عَنْ أنْفُسِكمْ نفْساً، واطْمَئِنُّوا لِلفِتْنةِ جَأْشاً، وأبْشِرُوا بسَيْف صارِمٍ، وهَرَجٍ شامِلٍ، واسْتِبدادٍ مِنَ الظّالمِينَ، يَدَعُ فَيْئَكُمْ زَهِيداً، وزَرْعَكُمْ حَصِيداً. فَيَا حَسْرَتَي لَكُمْ، وأنَّى بِكُمْ وقَدْ عُمِّيَتْ عَلَيكُمْ؛ أنُلْزِمُكُمُوها وأنْتُم لَها كارِهُون(3).
ماهي مسؤوليتنا ازاء الغدير وأمير المؤمنين (عليه السلام)؟
الكلام كثير والروايات عديدة في هذا المقام، ولكن المرجع السيد الشيرازي يشير الى بعضها ليتبين لنا أننا إذا كنا نشهد اليوم بعض الحرية في العالم، في اي بقعة من الارض وبأي درجة، فأن الفضل في ذلك يعود لأمير المؤمنين (ع) لأنه هو الذي وضع اساسها وارسى دعائمها طبعاً بعد رسول الله (ص).
إن نبينا الأعظم (صلى الله عليه واله وسلم) هو الوحيد -في مانعلم - الذي طلب بين جميع الأنبياء أجراً على رسالته: (قُلْ لا أسألكُم عَليهِ أجراً إلاّ الموَدَّةَ في القُربَى).
وعلي (عليه السلام) يعيش مع الأمة ثلاثين عاماً بعد وفاة النبي الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم)، وأكثر من اربعة اعوام كان حاكماً ويخطب، خطبة واحدة ضمن خطب أمير المؤمنين (صلوات الله عليه) كما ينقل المؤرخين، استمرت من بعد صلاة الصبح وحتى الظهر، يقول الشاعر: نهج البلاغة قطرةً من علمه فأين نهج البلاغة في الاذاعات وفي الصحف؟ أهؤلاء يحبون اهل البيت (عليهم السلام)؟ وهل التهميش دلالة على حٌب اهل البيت عليهم السلام؟ ام إلغاء لأهل البيت وإقصائهم عن الحياة؟.
ألم يكفهم ماصنع الأولون من القتل والظلم والتشريد والإقصاء؟ لماذا هذا الحقد على أهل البيت؟! ولماذا يستمر قتل الشيعة تهل البيت والقتل على الهوية؟! فما ذنب أهل البيت وشيعتهم؟!
(حتى منهم اخلوا ربوعه).
إن نهج البلاغة يجب ان يكون مفخرة ، ويجب ان يتلى في الفضائيات، ذلك الأستاذ في جامعة (كمبردج) الامريكية يقول: لو طبق المسلمون ماجاء في نهج البلاغة لسادوا العالم.
إذن هنالك محاولات لإلغاء نهج البلاغة، والصحيفة العلوية، والغاء أحاديث الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام).
يجب جعل الغدير يوما للتحول الجديد
لأن يوم الغدير هو يوم المرجعية للأمة بعد النبي الاعظم (صلى الله عليه وآله وسلم) في مختلف الحقول الفكرية والاجتماعية ولاقتصادية والاعتقادية وغيرها، ويجب ان يكون يوم الغدير يوماً استثنائياً ولانجعله كبقية الايام، بل يجب ان يكون هنالك تحولاً في الاسرة وتوسيعاً لها في يوم الغدير، فمن الجدير أن يرتبط أطفالكم قلبياً من الآن بيوم الغدير، تجدون كتاباً حول عيد الغدير أشتروه للعائلة وللاطفال، فلابد من نشر هذه المعارف وإحياء الغدير في داخل النفس وداخل الاسرة وداخل المجتمع ولو بمصباح يدل على الفرحة أمام البيت.. وان شاء الله يتحقق نشر الغدير في العالم اجمع.
اضافةتعليق
التعليقات