يبدو الاسم غريبا للوهلة الأولى، وقد يوحي للسامع أن المطلقات يعرضن أنفسهن في هذا السوق لمن يرغب في الزواج.
لكن الأمر خلاف ذلك، فهنا تتخلص المطلقة الموريتانية من الأمتعة الزائدة عن حاجتها، وربما من كل ما يذكرها بأعباء حياة زوجية مضت ربما إلى غير رجعة.
سوق الرحمة والسلوان
أهل السوق سموه بداية سوق الرحمة، وكان يوفر منذ أواسط ثمانينيات القرن الماضي لمتوسطي الدخل الأفرشة والأواني والملابس المستعملة بأسعار رخيصة، ولذلك أصبح قبلة كل من يريد بيع أثاثه المستعمل. فمن أين جاء اسم سوق المطلقات؟
تقول التاجرة بهذا السوق، العالية بنت كليب، لموقع "سكاي نيوز عربية": "تعرفون أن الطلاق منتشر بشكل كبير في موريتانيا، والمطلقة غالبا ما تعود لبيت أسرتها، لذلك تبيع العفش الذي تقضي العادات أن يبقى لها بعد الطلاق، ونحن هنا نشتري من المطلقات أحيانا ونساعد بعضهن أحيانا أخرى على أن ينسين الماضي ويصبحن تاجرات في السوق، ومن هنا جاء الاسم".
"ليست كل التاجرات هنا مطلقات" توضح خديجة (تاجرة) لموقع سكاي نيوز عربية، وتضيف ضاحكة: "بعضهن تطلقن أثناء ممارستهن التجارة في سوق المطلقات، لكن الطلاق بالنسبة للموريتانيات أمر عادي. المرأة تتزوج مرة بعد الطلاق وحتى لو تطلقت مرة أخرى فقد تتزوج".
ويوفر سوق المطلقات فرصا مناسبة لمئات الأسر، التي لا يمكنها توفير ثمن الفراش المرتفع في السوق، فتشتري منه بأسعار تناسب دخلها. "لولا هذا السوق لم أكن لأحصل على فراش صالون البيت ولا أحلم بغرفة النوم"، يقول محمد الأمين، أستاذ تعليم ثانوي، متحدثا إلى سكاي نيوز عربية.
موريتانيا.. الأولى عربيا في نسبة الطلاق
ويمثل المجتمع الموريتاني استثناء في ظهور حالات الطلاق، فموريتانيا تحتل المرتبة الأولى عربيا في نسب الطلاق، حيث "تتجاوز نسبة الطلاق 31 بالمئة من حالات الزواج، ويحصل الانفصال في 60 بالمئة منها في السنوات الخمس الأولى من الزواج" كما يوضح الحسين بديدي، أستاذ علم الاجتماع في جامعة نواكشوط العصرية لسكاي نيوز عربية.
ويضيف "الاستثناء ليس فقط في الآثار السلبية المترتبة على ظاهرة الطلاق، وانما لسهولة الإقدام عليها، وتفهم المجتمع بل وتقبله لها بشكل مبالغ فيه، حيث إن ظاهرة الطلاق لا تقترن بوصمة العار الاجتماعية، مما جعلها تنتشر بشكل مخيف ولافت، بل أضحت ظاهرة تلازم العائلة الموريتانية، بغض النظر عن السن وعدد سنوات الزواج".
أسباب عديدة وانعكاسات سلبية
ويعدد بديدي أسبابا مختلفة لظاهرة الطلاق "منها التسرع في اتخاذ قرار الزواج، وعدم الوعي بالحقوق والإحساس بالمسؤولية تجاه الأسرة، يضاف إلى ذلك استسهال الزواج واختلاف العادات والتقاليد بين المناطق والأعراق وحتى الشرائح، ناهيك، عن غياب وضعف القوانين التي تلزم الرجل بتحمل تبعات الطلاق، بالإضافة إلى الدور الذي يلعبه تباين الفوارق المادية والاجتماعية والطبقية بين الزوجين، وكذلك العوز والأمية والتفاوت في العمر".
ويتسبب الطلاق في تهديد مستقبل الأطفال نتيجة للاضطراب في أوضاع الأسرة السكنية والمادية والاجتماعية. وتظهر الاحصائيات أن نسبة كبيرة من أطفال الشوارع والمنحرفين في موريتانيا، ضحايا الطلاق.
كما تظهر أيضا وجود علاقة طردية بين زيادة نسبة الطلاق في المجتمع وارتفاع معدلات التخلف الدراسي أو زيادة أنواع معينة من الأمراض النفسية التي يتعرض لها الأطفال الذين انهارت أسرهم. حسب سكاي نيوز
اختفاء واحتفال.. عادات مثيرة للزواج و الطلاق بصحراء المغرب
تختلف العادات والتقاليد المرتبطة بالزواج من بلد إلى آخر، إلا أن المشترك في ما بينها هو ارتباط الزواج بمظاهر الفرح و الاحتفال و ارتباط الطلاق بمشاعر الخيبة والحزن. و هو ما لا ينطبق بالضرورة على معادلة الزواج والطلاق في منطقة الصحراء المغربية، حيث يحتفل الناس هناك بالزواج مثلما يحتفلون بالطلاق.
ويعتبر الاحتفال بالطلاق الذي يسمى في المعجم الحساني "التحراش" من بين العادات التي يتفرد بها الصحراويون، وهي عادة قد يستغربها البعض، لكن أهلها يعتبرونها تقليدا يمنحهم الاختلاف والتميز، وطقس يكرم المرأة المطلقة وسط النساء.
والاحتفال بالطلاق عادة ورثها الصحراويون عن الأجداد، كما ورثوا معها عادات وأسرار مثيرة ترتبط بأيام الاحتفال الطويلة بالزواج، تميز المنطقة عن باقي مناطق المغرب.
اختطاف العروس وإخفائها
من أكثر العادات الصحراوية غرابة، هي اختطاف العروس من طرف صديقاتها وإخفائها عن العريس في مكان يصعب الوصول إليه، وهو ما يضفي نوعا من الحماس والتشويق والمرح على تفاصيل العرس الصحراوي. وهو ما يطلق عليه "التراوغ" بالحسانية وهي لهجة أهل الصحراء في المغرب، ويعد اختبارا لمدى تعلق العريس بعروسه ومدى حبه لها وسعيه المضني خلال تلك الليلة للبحث عنها بهدف العثور عليها بكل الطرق.
وجرت العادة أن يساعد أصدقاء العريس صديقهم في البحث عن العروس المختطفة، وما يزيد من صعوبة العملية هو تنكر إحدى صديقات العروس في ملابس هذه الأخيرة واختبائها في مكان يسهل على العريس العثور عليه لتعقيد مهمته وزيادة تمويهه، ليحملها إلى مكان العرس وفور إزالة الخمار عن وجهها يكتشف أنها "العروس المزيفة".
وبعد دخول أهل العروسين والمدعوين في حالة من الضحك والسخرية مما وقع للعريس، يعاود الأخير محاولة البحث عن عروسه مرة ثانية بمعية أصدقائه، ويعود بها إلى الخيمة التي يقام فيها العرس في جو من الحماس والفرح وإن لم يفلح في العثور عليها يتوجب عليه حينها دفع فدية لتحرير زوجته من صديقاتها.
يقول محمد سالم الشافعي المتخصص في الموروث الحساني: "هذه العادة تعطي نكهة خاصة للزفاف الصحراوي، و متعة للضيوف الحاضرين في ليلة العرس، ويضيف: "تختلف تفاصيل هذه العادة من قبيلة إلى أخرى في ما يتعلق بالعادات إلا أن العريس الشاطر غالبا لا يترك زوجته تقع في قبضة صديقاتها وأقربائها خلال تلك الليلة المميزة".
لا تكشف العروس عن وجهها
تقاليد حفل الزفاف الصحراوي كثيرة ومختلفة وبعضها غير مألوف، من ضمنها عدم كشف العروس الصحراوية عن وجهها أثناء مراسيم الزفاف، وتطل على ضيوفها بخمار شفاف تضعه على وجهها ولا تزيله إلا بعد انتهاء العرس.
ورغم هذه العادة، فإن عقد القران في الصحراء تحكمه مقولة : "لا لاحقة ولاسابقة" والتي تشترط على العريس عدم الزواج سابقا وعدم اقدامه على الزواج مستقبلا، وهو شرط الزواج الذي ينصف به المجتمع الصحراوي المرأة، ويمنحها الحق في تطليق نفسها إن علمت بوجود امرأة سابقة لزوجها أو اقدامه على الزواج من غيرها ".
يقول المتخصص في الموروث الحساني: "التقاليد الصحراوية في المغرب مشبعة بالقيم والأخلاق، والشق المتعلق منها بأعراف الزواج يختلف من قبيلة إلى أخرى، ولكل عشيرة طقوسها الخاص، وكان الزفاف قديما يستمر7 أيام حينما يتعلق بالفتاة البكر وتتخلله مجموعة من الطقوس والعادات، فيما كان يخصص ثلاتة أيام لحفل الزفاف بالنسبة للمرأة التي سبق لها الزواج".
احتفال بالطلاق
فلسفة الطلاق في الصحراء تختلف عن باقي مناطق المغرب، حيث دأبت النساء الصحراويات من العائلات الميسورة والمتوسطة على إقامة حفل راقص مباشرة بعد انتهاء عدة الانفصال، للتعبير عن الفرح بطلاقهن ودخولهن في مرحلة انتقالية قد تنتهي بزواج جديد.
وتحتل المرأة المطلقة مكانة خاصة داخل مجتمعها، وتستشار في أمور الحياة اليومية من طرف أهلها وأقاربها لما خبرته في تجربتها من زواجها الأول.
ويعتبر حفل الطلاق بمثابة إشهار للراغبين في التقدم لخطبة المرأة المطلقة، وتكون لها حظوظ أكبر في الزواج للمرة الثانية والثالثة، حيث يفضل بعض الرجال في الصحراء الارتباط بامرأة مطلقة نظرا للخبرة التي كسبتها خلال تجربتها الأولى عن الحياة الزوجية وهو ما يؤهلها لتحمل المسؤولية داخل البيت.
كما يعتبر حفل الطلاق في أحيان كثيرة تعبيرا عن الفرح من قبل أهل المطلقة بعد عودة ابنتهم إلى منزل العائلة، وتشجيعها على تجاوز أزمتها النفسية بعد تجربة زواج فاشل، وفي أحيان أخرى يقام هذا الحفل لإغاظة الطليق.
يقول المتخصص في الموروث الحساني "في المجتمع الصحراوي إذا وقع خلاف يحصل الطلاق كباقي المجتمعات، لكن ما يميز عاداته، إذا طلقت المرأة الصحراوية من قبل زوجها السابق غالبا ما يتم إعلام ساكنة الجوار والحي والمقربين من العائلة بالأمر لكي يتسنى لمن يكن لها حبا او ودا التقرب منها".
وبحسب الشافعي: "يقوم الرجل المتودد إلى المرأة المطلقة بنحر بعير أو جمل أو ذبح شاة وبتقديم مال يمكنها من إعلان طلاقها والإفصاح عن هوية المرشح الجديد المبادر بالخطوة، كعربون عن صدق نيته في الارتباط والزواج منها مستقبلا. وهو ما يتخذ شكل احتفال بالنسبة للزوجة الطليقة والمقبلة على الزاوج مرة أخرى".
اضافةتعليق
التعليقات