قصة بلعم بن باعورا هي قصة غريبة لشخص خرج من النور الى الظلمات..
"بلعم بن باعورا" هو رجل ورد أنه كان في زمان نبي الله موسى (عليه السلام) وكان من أشهر علماء بني إسرائيل وكان قد أُوتي علماً ومعرفة بآيات الله وحججه وبراهينه، وكان من مبلغي النبي موسى (عليه السلام) وارتقى الى درجة أنه أُعطي اسم الله الأعظم فكان يدعو الله به فيُستجاب له وإذا ينظر الى السماء كان له الإذن بأن يرى العرش!، نعم ارتقى الى هذه الدرجة!.
إلّا إنَّه إنحرف عن الحق رغم ارتقائه لهذه المنازل العالية ورغم علمه عن خطِّ الله تعالى فجحد بآياته وصار في صف أعداء نبي الله موسى.
قال تعالى: "وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آتَيْناهُ آياتِنا فَانْسَلَخَ مِنْها فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطانُ فَكانَ مِنَ الْغاوِينَ*وَلَوْ شِئْنا لَرَفَعْناهُ بِها وَلكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الْأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَواهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَثْ ذلِكَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ". المصدر: سورة الأعراف.
قال الإمام الصادق (عليه السلام): "اَلْأَصْلُ فِي ذَلِكَ بَلْعَمُ ثُمَّ ضَرَبَهُ اَللَّهُ مَثَلاً لِكُلِّ مُؤْثِرٍ هَوَاهُ عَلَى هُدَى اَللَّهِ مِنْ أَهْلِ اَلْقِبْلَةِ". المصدر: بحار الأنوار.
نعم.. فضّل أهواءه وشهواته الفانية على هدى الله حباً للدنيا، فمثله كمثل الكلب، فكما أن الكلب يظلُّ يلهث حتى وكأنه لا يرتوي أبداً هكذا هو الإنسان المحب للدنيا والمتبع لغرائزه؛ لا يرتوي منها أبدا.
فلا يغرّنك الى أيّ مرحلة من العلم وصلت ولا الى أيّ درجة من الإيمان ارتقيت فمن الممكن في احظة تنقلب وتخسر دنياك وآخرتك.
قال تعالى: "ذَلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ يَدَاكَ وَأَنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ". المصدر: سورة الحج.
نعم، في داخل كلٍّ منّا شيطان مختبئ، لكن بيدك ويرجع لك الإختيار أن تجعله مرئياً في حياتك كي يعبث فيها كيف يشاء أو أن تحرقه وتقضي عليه وتخرج بذلك العظمة الكامنة داخلك.
فلكلٍّ منّا جانبين؛ جانب شر وجانب خير، لـكــــن...
قال تعالى: “قد أفلح من زَكَّاهَا وقد خاب من دَسَّاهَا”. نعم إذا أهملت (نفسك) ولم تنقيها من الدّنس ولَم ترقّيها؛ ستصبح بسهولة الى (شر) كـ بلعم بن باعورا..! حيث سقط من العرش الى الفرش..
أما... إذا هذَّبتها ورقَّيتها ورفعت من شأنها قد تصبح كـ (الحر بن يزيد الرياحي) حيث كان في صف الأعداء وعلى وشك أن يكون ممن قتلوا إمام زمانهم! لكن.. رأى بقلبه الجنة والنار وتخلى عن قومه وبادر للإلتحاق بصف الحق؛ فخرج من الظلمات الى النور..
وأنت كذلك تستطيع أن تكون مثله بل وأعلى منزلة منه!، نعم، للإنسان قدرات هائلة للصعود لأعالي الخير أو للسقوط لأقاصي الشر وقاعها..
فالله سبحانه أكرمه بالعقل.. وله حرية الإختيار..
اضافةتعليق
التعليقات