ما الذي يستطيع الناس الذين يتعذر عليهم النوم أن يفعلوه؟ هل ينبغي لهم أن يستشيروا طبيباً أم أن يحاولوا بعض أنواع العلاج المنزلي؟ وهل الأقراص المنومة هي الحل الفعال الحقيقي، أم أن هناك إمكانات أخرى؟ وهل الأرق يضر بصحة هؤلاء الناس؟.
هذه هي بعض الأسئلة التي يسمعها الباحثون في النوم مرارا وتكرارا ونبدأ بمواجهة السؤال الأخير أولاً. إن بعض الناس ينشغل بالهم إذا ساء نومهم ليلة أو ليلتين ويركبهم الهم خشية أن تتأثر صحتهم لذلك . ونقول أن أمثال هذه المخاوف لا أساس لها، وأن كل واحد من الناس تقريبا يخبر في بعض الأحيان فترات مؤقتة قصيرة من النوم السيء، وفي العادة لا تدعو الحاجة إلى علاج خاص، كما أنه لا دليل هناك على أن الفترات العابرة من الأرق يكون لها أثر ضار على الحالة العامة للفرد أو صحته، أما إن أصبح الأرق أكثر خطورة وأكثر تكراراً، كان من الواجب أن نبحث عن الأسباب المحتملة، هل لدي مشاكل لا أستطيع أن أطردها من ذهني؟ هل للتوترات في حياتي الشخصية أو المهنية أثر سلبي على نومي؟ هل هناك أعمال مجهدة أو عصبية تشغل ساعات المساء في حياتي ، بحيث تكون نتيجة ذلك أن تظل المشاكل السبب في أنني لا أستطيع النوم؟ تدور وتدور في رأسي بالليل؟ أم هل إنني أفرط في التدخين في المساء، وهذا هو السبب في أنني لا أستطيع النوم؟
إن في استطاعتنا أحيانا أن نصلح من النوم بمجرد اتباع قواعد الصحة المتصلة بالنوم :
١ - كون لنفسك موعد نوم منتظم: فالنوم جزء من ايقاع بيولوجي على امتداد أربع وعشرين ساعة.
۲- خصص ساعات المساء للأنشطة الترويحية والاسترخاء. الأنشطة المجهدة الجسمية أو الذهنية قد تؤدي إلى سوء النوم . كذلك يحسن أن نتجنب تناول الوجبات الثقيلة في المساء .
٣ - تجنب القيلولة: ينبغي للناس الذين يجدون صعوبة في النوم بالليل أن يتجنبوا النوم أثناء النهار، وذلك حتى لا ينتقصوا من حاجتهم إلى النوم بالليل .
٤- تجنب الكافيين، والكحول، والنيكوتين : المشروبات التي تحتوي على الكافيين القهوة والشاي والكوكاكولا والافراط في التدخين تحدث تأثيراً منبهاً على الجهاز العصبي وينبغي تجنبها في ساعات المساء .
ه - عليك أن توفر الظروف المشجعة على النوم . قد يعين على الراحة الطيبة أن تكون الغرفة مظلمة هادئة غير ذات درجة حرارة مرتفعة وأن تكون جيدة التهوية .
ومن الواجب أن يكون السرير كبيراً بدرجة كافية تسمح بالتقلب والحركة . وكثير من الناس يفضلون أن يناموا على مرتبة مسطحة ليست شديدة الطراوة أو اللين وإنما تكون أقرب إلى الصلابة أو القوة .
إن هذه المبادىء البسيطة تستطيع وحدها أن تصلح من نوع النوم . أما إن ظل النوم متقطعا بالليل فإن من الحكمة أن ينهض المرء من فراشه، وأن ينشغل بشيء آخر من القراءة أو الحياكة بدلا من أن يرقد يقظا في فراشه . فإن بلغ الأرق حداً خطيراً، وجبت استشارة الطبيب بالتأكيد .
ومن أساليب الاسترخاء تهدف إلى خفض وظائف الجسم زائدة النشاط . ومن ضمن هذا النوع من العلاج طريقة «التدريب ذاتي النشأة»، وهي طريقة الصور المألوفة تدرب الناس على أن يركزوا جهدهم في أن يحدثوا في أنفسهم إحساسات بالثقل والدفء في أطرافهم بحيث ينتهي الأمر الى استرخاء مهدىء للعضلات الطرق الأخرى في هذا المجال الاسترخاء التدريجي المتزايد» وكذلك «التدريب بالتغذية المرتدة على التحكم في السجل الكهربي للعضلات».
وتتألف الطريقة الأخيرة من تسجيل النشاط الكهربي في العضلات الارادية مع تنبيه المفحوص إلى شدتها عن طريق أزيز أو جرس (ومن هنا جاء مصطلح التغذية المرتدة) وعلى المفحوص أن يتعلم منع وقوع الأزيز أو الجرس لفترات يحاول أن يجعلها أطول وأطول وبذلك تتحسن قدرته على الاسترخاء وعلى الرغم من أن هذه الطرق أفادت في علاج بعض المرضى بنجاح إلا أنه لم يثبت أنها تفيد في علاج كل أنواع الأرق.
ونفس القول يصدق أيضا على العلاج النفسي الذي يكون التركيز فيه على الصراعات التي يفترض أنها تكمن وراء اضطرابات النوم. والواقع أن التقدير الدقيق لفعالية هذه الأنواع من علاج النوم التي لا تنطوي على استخدام العقاقير عملية صعبة ولأن المعايير الموضوعية التي هي غير سهلة، وذلك لأنها كثيرة ومتشبعة.
أسباب الأرق تقيس التحسن لا يسهل الاهتداء إليها ولذلك نقول أن الأحكام النهائية العامة عن مزايا هذه هذه الطرق، مع ذلك، تشترك الطرق لا يمكن التوصل إليها بعد ولو أن كل في مزية واحدة بالتحديد وهي أنها لا تنطوي على وهناك عدة تمرينات أو طرق للاسترخاء ينصح بها لاستجلاب النعاس.
واستخدام هذه التدريبات يرتكز على افتراض مؤداه أن كثيرا من مشكلات النوم تنشأ عن التنشيط المستمر للكائن الحي، تنشيطا يتخذ صورة توتر عضلي بالغ، ونبض شديد السرعة، ودرجة حرارة مرتفعة قليلا . ولكن هذا الافتراض لا يستند إلى أدلة كافية، وذلك لأن علاقة العلية (العلة - المعلول) فيما بين تنشيط الكائن الحي العضوي من ناحية والأرق من ناحية أخرى لم تثبت أو تتدعم حتى الآن.
إن هذه مخاطر الآثار الجانبية التي نجدها في العلاج بالعقاقير. ثم مزية أخرى هي الطرق تدفع المصابين بالأرق إلى أن ينشطوا وإلى أن يتناولوا مشكلاتهم بأنفسهم بدلا من أن يقبعوا في انتظار أن تأتيهم المساعدة من خارج ذواتهم، ذلك أن العلاج بتناول الأقراص المنومة لا يتطلب من المرضى إلا قدراً ضئيلاً من التعاون أو المبادرة، وكل ما في الأمر أنهم يبتلعون الدواء الذي وصف لهم ثم يرقبون أو ينتظرون أن تتولى الكيمياء عمل ما يلزم بعد ذلك وهم عندما يتناولون هذه الأقراص الليلة بعد الليلة ينتهي أمرهم إلى الاقتناع بأنهم لن يتمكنوا من النوم بدونها .
ومن شأن هذا العكاز الدوائي أو الفارماكولوجي أن يؤدي إلى اتكالية دائمة، إذ أن المرضى لا يحاولون البحث عن أسباب أرقهم بأنفسهم وعلينا أن نؤكد هنا مرة أخرى أن الأقراص المنومة ليست علاجا وإنما هي مجرد وسيلة لجلب الارتياح المؤقت . فالأمر هنا أشبه بالأمر في حالة الألم، بمعنى أن استخدام الدواء ينبغي أن يعد خطوة أولى لابد من أن يعقبها العلاج الحق الصحيح لعلل المريض.
اضافةتعليق
التعليقات