تعددت طرق الخدمة لسيد الشهداء (عليه السلام) من قِبَل مُحبِّيه وشيعته بين افتتاح مدارس لتعليم الفن الحسيني المنبري وتدريبٍ فيما بينهم وعقد مجالس المعرفة والارشادات الخاصة بخدمة المنبر الحسيني واعداد البرامج المطوِّرة للمهارات، ومن بين هذه البرامج برز برنامج (وجيهاً بالحسين) الذي بُثَّ من على شاشة قناة الكميل الفضائية في شهر رمضان المبارك حيث أخذ صدىً واسعاً في كل الدول العربية وربما غير العربية أيضاً، حيث كان من أهم البرامج التي جذبت أعداداً كبيرة من خدمة أهل البيت (عليهم السلام) مستهدفاً كل الفئات العمرية من الذكور في مواسمه الثلاثة التي بُثَّت حتى الآن.
وهنا كان لـ(بشرى حياة) عدة تساؤلات طُرِحَت على خدمة الامام الحسين (عليه السلام) القائمين على البرنامج العاملين فيه والمشاركين أيضاً.
بداية حديثنا كانت مع خادم الحسين (عليه السلام) الشاعر الكبير واثق العيساوي حيث طرحنا عدة أسئلة كان أولها:
• ما الذي استطاع أن يقدمه الشعراء ضمن تواجدهم في برامج الردة الحسينية (وجيهاً بالحسين) وغيره من البرامج؟
وتفضل قائلاً: الشعر هو ركيزة أساسية في بناء القصيدة المنبرية لذلك لابد من تواجد أصحاب الخبرة في هذا المجال ليقدموا النصيحة والتوجيه ورسم الطريق السليم للتعامل مع الشعر المنبري.
• واسترسلنا حديثنا بسؤالٍ ثانٍ وهو هل يُعَد تواجد الشعراء كأحد أعضاء لجان التحكيم في برامج الردات الحسينية من الأشياء الأساسية؟ ولماذا؟
وتحدث شاعرنا مجيباً بقوله: الشعر المنبري أساسي وأحد أعمدة الخدمة على المنبر الحسيني لذلك لابد من تواجد الشاعر الذي يملك الخبرة والدراية والحس النقدي في هكذا برامج... فتقديمه للنصيحة والتوجيه وتدريس الرواديد على النهج الصحيح في التعامل مع القصيدة المنبرية والشعراء المنبريين يعطي دافعاً مهماً ودروساً استخلصها من عمره الطويل في طريق الخدمة ويقدمه على طبق من ذهب للجيل الجديد.
وللاستفادة من هذا المعلم المتفاني في خدمة الإمام الحسين (عليه السلام) طرحنا سؤالاً ثالثاً قائلين:
• كما نعلم أن للشعراء دور كبير في قضية الردة الحسينية إذ تُعَد كتاباتهم الحجر الأساس لها ولكن هل يقتصر دور الشاعر على الكتابة فقط ؟
فأجابنا قائلاً: الكتابة... والأدبيات العامة أيضاً في توطيد العلاقة بين الشاعر والرادود، كذلك من خلال تقديم النصح في سرد المواقف التي مرت به وتعلم منها دروس وعبر إلى الجيل القادم.
والسؤال الأخير لحضرته كان:
• كيف يمكن للشاعر أن يدعم البراعم من الرواديد مع معرفتهم القاصرة للردة الحسينية وعالمها؟
فتحدث مُجيباً: خيركم من تعلم القرآن وعلّمه... كذلك خيركم من تعلم في طريق الخدمة ونقل هذا العلم للبراعم للمساهمة في إنشاء جيل واعد في الخدمة ونقل هذه الخبرات كالتحصين واللقاح من الأمراض التي قد تصيب النفس في طريق الخدمة.
انتقلنا بعدها إلى الإعلامي علي الفاطمي الذي كان مقدماً للبرنامج في موسمين أحدهما كان بمشاركة قارئ القرآن السيد حسنين الحلو، حيث طرحنا عدة تساؤلات أيضاً حيث قلنا:
• وجيهاً بالحسين.. انطلاقة كبيرة لجيل حسيني، كيف نتمكن من تطويرها واستمرارها؟
فتفضَّل قائلاً: بذلت قناة الكميل الفضائية جهودًا كبيرة على المستوى المادي واللوجستي وهي بصدد تطوير البرنامج من موسم إلى آخر، فنرى التغيير الملحوظ بين موسم وآخر، بما يشكل تطويرًا واضحاً وسعيًا لتقديم الأفضل، واستمرار نجاح البرنامج مرهون بمادته الأساسية والمتمثلة بالرواديد المشتركين، فكلما كان الموسم يحتوي طاقات إبداعية من المشتركين كلما زاد النجاح وتطور البرنامج أكثر.
• ثم قلنا لحضرته هل ترون من الواجب إعداد مثل هذه البرامج (المتعلقة بالردة الحسينية)؟ وماهي أكثر فئة يستهدفها البرنامج الشباب أم البراعم؟
فقال: هنالك الكثير من برامج ومسابقات الردة الحسينية قد انتجت وخصوصاً في السنوات الأخيرة عدد من هذه البرامج، إلّا أن برنامج وجيهاً بالحسين أخذ الصدارة، لإتقانه الإنتاج بما يحمل من طاقات إبداعية على كل المستويات وخصوصاً لجان المسابقة، و أرى أن من النافع عدم تشتيت ذهن المشاهد أو حتى المشتركين في كثرة البرامج التي تتناول نفس المحتوى، ما دام هنالك برنامجًا ناجحاً ، فعلينا جميعاً السعي لإنجاحه و تطويره و الإهتمام فيه ، فضلاً عن أن مثل هكذا برامج تشكل معادلاً موضوعياً لبرامج أخرى قد تسلب التوجه الصحيح من قبل الشباب و المجتمع، فهكذا برامج تملأ الشاشة الملتزمة بالوقت النافع المملوء بذكر محمد و آله، وهذا من أبرز الغايات و أفضل الأهداف، أما بخصوص الشق الثاني من السؤال، فالبرنامج يستهدف كل الفئات التي تسعى لخدمة المنبر الحسيني من الكبار و البراعم، من المحترفين و المبتدئين، فهو سيكون بمثابة بوابة الإنطلاق نحو المعرفة و التعلم، بالإضافة إلى الظهور الإعلامي و الدعم على المستويات الفنية الأخرى .
• ثم قلنا كيف رأيتم الإقبال على هكذا نوع من البرامج سواء (وجيهاً بالحسين) أو غيره؟
فأجاب متفضلاً: بطبيعة المجتمع المسلم الشيعي يتفاعل وجدانياً مع قضايا خدمة أهل البيت، و من أهم ما يحرك وجدانه هو القصائد و المجالس الحسينية، و لذا فإن البرامج التي تخص المنبر والرواديد، تلاقي تفاعلاً وإقبالاً كبيراً، وبالخصوص برنامج وجيهاً بالحسين، والذي حصد ملايين المشاهدات على مواقع التواصل الاجتماعي، والمشاهدات المسجلة على شاشة التلفاز، ليس في العراق و حسب، بل امتد التفاعل و المشاهدة على المستوى العربي والعالمي، وهذا ملحوظ و بقوة، وبالخصوص بعد الموسم الدولي الذي اشترك فيه عدد من الأتراك والايرانيين الناطقين باللغة العربية والفارسية و اللبنانيين وغيرهم، و البرنامج يسعى لأن يضمن مشاركة دول أخرى في الموسم القادم كالهند وباكستان و دول الخليج العربي وأوربا.
• وختاماً مع الفاطمي قلنا: هناك علاقة كبيرة بين القرآن الكريم والعترة الطاهرة كونهما الثقلين الذي اوصى بهما رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فكيف يمكن تحقيق الربط بينهما في آن واحد؟ وجاء هذا السؤال لحضرته كونه حافظاً للقرآن الكريم.
فقال: لا يوجد أدنى شك بأن العلاقة لا يمكن أن تنفك بين خدمة القرآن الكريم، وخدمة أهل البيت، سواء من الناحية العقائدية أو الفنية، فخدمة كتاب الله تفتح لأي مسلم آفاقاً غير محدودة والأخوة القرآنيين يعرفون ذلك وتلمسوه بوضوح، فالقرآن الكريم يزيد في أناقة اللسان، وحسن التلفظ، ويثقف صوت المؤدي، ويعطي من العلمية الشيء الكثير في مجال الصوت وعلم الأنغام، وأنا أعتبر أن القرآن قالب أنيق لكل مؤدي، أما كيف يتقن أحدهم الطريقتين، فما دام يمتلك المادة الأولية والأساس الصحيح يستطيع أن يصب هذه المادة في أي قالب شرط أن يختار ذلك بدراية وعلم وحنكة ومواظبة على الدراسة و التعلم و الإلتحاق بمعاهد ودورات القرآن، و أنني أيضاً أؤمن بالتخصص و عدم التشتت في أنواع الأداءات غير أني متيقن بأن قراءة القرآن لا تنفك ارتباطاً بالقراءة الحسينية فحلية القرآن الصوت الحسن و نزل القرآن بالحزن فاقرأوه بالحزن ، وهذه مرتبطة تماماً بالقراءة الحسينية ، لذلك من أبرز المقومات المهمة لنجاح أي رادود، هو ارتباطه بالقرآن الكريم، فإنهما حبل ممدود من الأرض إلى السماء و أنهما لن يفترقا كما ورد عن النبي (صلى الله عليه وآله).
ثم انتقلنا بعد ذلك إلى الوجيه بالحسين الرادود سجاد الدايني الذي كان مشاركاً في الموسم الثالث ودارت في حديثنا عدة أسئلة كان أولها:
• ما الذي استطاع أن يقدمه برنامج وجيهاً بالحسين لمشتركيه (من كان منهم رادوداً قبل دخوله البرنامج وغيره )؟
فأجاب متفضلاً: برنامج وجيهاً بالحسين نافذة اعلامية ، حيث استطاع خدمة الحسين (عليه السلام) أن يوصلوا شيئاً مهماً من امكاناتهم لأنه برنامج متابَع من قبل الجمهور وكوننا خدمة الحسين (عليه السلام) علينا أن نوصل رسالتنا من خلال هكذا برامج.
• ثم طرحنا على حضرته سؤالاً آخراً حيث قلنا ما تقدمه البرامج الحسينية من معلومات كافٍ لأن يصنع رادوداً من الفرد الذي لا يمتلك معرفة كافية بفنون الردة الحسينية أم لا؟
فأجاب الملا قائلاً: حقيقةً هي ملاحظات مهمة وقيِّمة من قبل لجنة التحكيم ولكن سياق البرامج بصورة عامة هو صياغ تنافسي لا تعليمي ولكننا نتعلم كثيراً من الملاحظات.
• وأنهينا حديثنا معه بماذا تنصحون الشباب؟ وكيف لنا أن نجعلهم منقادون للردة الحسينية؟
فقال: ننصح الشباب الرواديد وغيرهم أن يعتمدوا على المجالس الحسينية لأنها هي الأساس وكذلك الدورات الفنية ودورات تعليم أساسات الصوت والنغم والمقامات وأن يستمعوا لقصائد التراث الحسيني حتى يطوروا من هذه الإمكانات وتبقى المسابقة هي أن تخرج بكل ما عندك من امكانات نتيجة اطلاعك واهتمامك بالأمور التي ذكرتها في هذا المجال.
وختام تحقيقنا كان مع البرعم الحسيني المتألق محمد باقر قحطان الذي شارك في الموسم الأول حيث طرحنا سؤالاً واحداً هو:
• لاحظنا تواجد الكثير من البراعم في برنامج وجيهاً بالحسين وغيره من البرامج الخاصة بالردة الحسينية فهل تُعَد مشاركتهم في هكذا برامج دافع وداعم لهم لأن يكونوا جيل حسيني؟
فقال بتلك الفطرة الحسينية الجذابة: اكتشاف موهبة البرعم من قبل ذويه ومشاركته وتوجهه نحو الخدمة الحسينية وتقويمه من قبل أصحاب الاختصاص القائمين على البرامج الخاصة بالردة الحسينية هو سبب رئيسي في تكوين قاعدة أساسية ومهمة للمجتمع الحسيني فهم بذلك وضعوا الحجر الأساس لجيل حسيني صحيح وأجواء حسينية مستقبلية بعيدة عن التشوهات الفكرية الدخيلة على خدمة الحسين عليه وعلى آل بيته الاطهار السلام، (وهذه هي بركة الامام الحسين عليه السلام).
اضافةتعليق
التعليقات