يعيش العالم نوبة من الاحداث الاجتماعية والسياسية التي غالباً ما تشغل الرأي العام وتسبب الفوضى في المجتمع، وغالباً ما تكون هذه الأحداث قادرة على اثارة الجدل الواسع بين الاوساط العامة، فمثلاً موقف واحد أو هفوة تصدر من شخص أو جهة معينة سواء كانت بقصد أو بغير قصد، قادرة على إشعال العالم برمته.
فتجد الانتقادات تقذف نفسها على صفحات التواصل الاجتماعي بأعداد لا تعد ولا تحصى، كما ان في الجهة الأخرى ستجد التلفاز شاهراً سيفه الإعلامي على الملأ منتقداً تفاصيل الحادثة.
وبين البرامج التي تزدحم في الإعلام والأفلام التي تنتقد الحالات والظواهر التي تحصل في المجتمع هل نستطيع ان نقول بأنها قادرة على الارتقاء بالواقع وحل أزمات المجتمع؟
أو بصيغة أخرى، هل ان الانتقاد قادر على رفع عزمنا؟، وهل إن البرامج التي تنحصر في دائرة الانتقاد سواء من خلال الأفلام أو البرامج قادرة على رفع الواقع نحو الاحسن؟.
في الحقيقة ان المجتمع الإسلامي حاله كحال باقي المجتمعات يمر بأزمات ومشكلات عديدة، خصوصاً في ظل عدم التزامنا التام بشريعة الإسلام الصحيحة والتهاون عن الجوانب التي أكد عليها الرسول (ص)، التي اُقرّت علينا كدستور يستفيد منه الانسان لتلافي المشاكل بكافة جوانبها الاجتماعية والاقتصادية و...الخ.
وان اهم ما يلزم الحركة الإسلامية هو اتخاذ حالة تقدمية مستمرة، والتغاضي عن نشر الهفوات والترويج لها، والاستفادة من الأخطاء الحاصلة لغرض تجنبها في المستقبل.
فشتّان بين من ينتقد حالة معينة لغرض تصحيح مسارها، وبين من ينتقد فقط من اجل الانتقاص من شخص او جهة معينة ورسم الخطوط الحمراء حولها.
فما نحتاجه اليوم هو النقد الذي يرفع من شأن الأمة ويصحح مسارها، ولن يتم ذلك الا من خلال التفكير في تجاوز الهفوات وإيجاد حلول مثالية ترتقي بالوضع الحالي وتجعل جلّ التركيز في ماهية الحل وليس المشكلة، لأن اللف والدوران حول نقطة المشكلة لن يحسن من الوضع ولا يُحرك من الواقع ساكناً.
ويجب أن لا ننسى أمراً مهماً جداً، وهو ان أي انتقاد عابث الى المنظومة الإسلامية يعتبر نقطة ضعف كبيرة علينا، ينتهي بالضرر على حال الإسلام والمسلمين في المنطقة، ويفتح أبواب واسعة للعدو ويجهز أراضي صالحة لزراعة الفتنة والحرب لكل من لا يريد للإسلام خيرا.
فهل من المعقول ان نكون اليد التي تسند سلاح العدو صوب الإسلام؟!، ونساهم في اعطاء نقاط الضعف، حتى يسهل على العدو إيقاع المسلمين في شباك الكفر!.
بالتأكيد لا، اذن من المهم الالتفاف حول نقطة المحاسبة والنقد الذاتي الذي حثنا الرسول محمد (ص) عليه، لأنها سترفع من رصيد الأمة الإصلاحي وستعالج المشاكل بصورة جذرية وواقعية، وفي كل الأحوال المؤمن الحقيقي هو من ينتقد ويحاسب نفسه بنفسه، ويجاهد في تصحيح اخطاءه.
وتعتبر المحاسبة مسألة مهمة.. لأنها تجعل الانسان يفكر في أعماله وتصرفاته، ويعيد النظر الى أسلوب حياته.
وفي هذا الباب يقول الرسول (ص): "يا أبا ذر حاسب نفسك قبل أن تُحاسب يكون أهون لحسابك غداً" (بحار الأنوار، ج74، ص85، الحديث رقم 3).
ولأن الإسلام بناء متكامل يهدف الى إيصال الانسان الى الحالة الإنسانية الكاملة التي اقرها الله تعالى له، اذن من المهم جداً ان تقاد الحركة الإسلامية بدقة ومهارة عالية من اجل نشر الرسالة المحمدية في ربوع العالم بتفاصيلها النزيهة والعادلة، والالتزام بتعاليم الدين المجيد والحد من الهفوات والاخطاء التي ستحسب غالياً على حساب الدين، والاهتمام بمصداقية الموضوع، لأن النصر لن يتحقق إذا ما التحفت الاعمال بخالص النية والصدق التام، والابتعاد عن الزيف والتضليل اذ يقول المولى علي (عليه السلام):"فلما علم الله منا الصدق... أنزل علينا النصر". (نهج البلاغة/ الخطب ٥٦).
اضافةتعليق
التعليقات