في زمن يعج بالتطور وتعدد المغريات التي تُزيّن الحياة الدُنيا أكثر وأكثر عند كل اشراقة لمن على قيدها، تتفاوت الأمنيات عند الأفراد ويسعى كل متمنٍ خلف تحقيق أمنيته مهما كلفته، وفور اقرارها تبدأ رحلة مطلب آخر وهذا بديهي لدى البشر، بيد أن هناك فوارق تبرز بين المبتغيات، وقبل وبعد الوصول للمبتغى ذاته، تُبنى على أساس الايمان بالفكرة وشدة الرغبة وجموحها..
إن الإمام المهدي (عجل الله فرجه) الشريف حيُّ يعيش بيننا متنقلًا من مكان إلى آخر، يستطلع أمورنا ويفرح ويحزن لها، يزور مراقد أجداده (عليهم السلام) لاسيما في كربلاء، ويعبد الله عبادة كاملة تضيف إلى نورانيته نورانية قادرة أن تزيل كل الظلمات في هذا العالم وينتظر أمر الله بتسهيل مخرجه، ما إن يقدر المؤمنون على ازاحة الحواجز الحاجبة لنور وجهه المُبارك، كما ينتظرون ويتضرعون إلى الله بتعجيل الفرج كل صباح ومساء "وأكحل ناظري بنظرة مني اليه"...
هل تمنيت يومًا لقاء امام زمانك؟
قد يتمنى كل مؤمن ومؤمنة لقاء امام زمانهم، ولكن ما مدى جدية هذه الأمنية وكيفية الفوز بنيلها وردت قصص عن لقاءات حقة بالإمام "عليه السلام" لعلماء وفقهاء وربانيّين وأُناس عاديين تمكنوا من رؤيته والتواصل معه، ما يثير دهشة الآخرين وتساؤلاتهم كيف يتم ذلك؟ فوِجد أن القاسم المشترك بين من رأوه هو اتصافهم بالتقوى والاستقامة والعدالة على وجه الخصوص في سلوكهم الاجتماعي لما له من أثر بالغ، ومثابرتهم وإصرارهم على لقاء مولاهم هو ما يميزهم عن غيرهم من الراغبين ..
علينا ان نسعى لأن نكون من أنصار الامام المهدي (عليه السلام) وأن لا نزهد في طلب رعايته في الدنيا وشفاعته في الآخرة، ولكي نفوز بذلك يكفي أن نكون واعيين لأمور زمانه، ملتزمين بدين الله ومجاهدين في سبيل الله أمام هذا السيل العارم من الآسرات، صادقين في الحديث ومؤدين للأمانات، نتعاون على البر والتقوى ونبغض الإثم والعدوان ..
إمام زماننا هو ملجأنا الوحيد ومنقذنا المنتظر على مر السنين، فإن له ولاية تكوينية ولولاه لساخت الأرض بمن عليها، هو يراقبنا في أمور ديننا ودنيانا، فكلما التزمنا بالفرائض والطاعات وابتعدنا عن المعاصي والمحرمات، اقتربنا منه ومن تحقيق أمنيتنا بلقائه .
وما يجب علينا معرفته أن تمتين العلاقة بالإمام (عجل الله فرجه) يتم من خلال توطيدها بمثلث الحزن والمظلومية (فاطمة الزهراء-الامام الحسين- العقيلة زينب عليهم السلام) فلهم في قلب الامام موقع شكوى وتظلم، كما الحب والعاطفة، وهنا تكمن أهمية مجالس العزاء المرتبطة بهم ..
وبعد، قراءة سورة الفاتحة لأمّه "سلام من الله عليها" وزيارة والديه في سامراء ، وإن مساعدة الأيتام والمساكين والمستضعفين في غيبته من أهم الأمور التي تُفرح قلبه فهو أبو الأيتام وناصر المستضعفين، وراعي المساكين، فمن يقوم بهذه الأعمال يكون خادما للامام الحجة ويساهم في مهمته الأصلية، وإنهُ سيشكره على ذلك وستأتيه إشارة القبول منه..
وأيضًا من أراد أن يتواصل مع الامام يستطيع ذلك من خلال المداومة على زيارة عاشوراء ولو مرة واحدة في الاسبوع ، وقراءة دعاء العهد كل صباح ودعاء الندبة صباح كل جمعة، وزيارة آل ياسين ودعاء الحفظ ودعاء الفرج، والزيارة الجامعة لأئمة أهل البيت ودفع الصدقة عن سلامة الامام "روحي فداه" كل جمعة، وإحياء المناسبات المتعلقة به، فمن يذكر الامام فلا بد ان الامام سيذكره وهو أكرم الكرماء.
وقد تكون رؤية الامام في المنام دليلًا على سلامة الدين أو على عمل خير قام به الرائي، وإن عدم الرؤية ليس دليلًا على عدم الصلاح، وإنما يرى الامام في مصلحة العبد أن يحرمه الرؤيا حتى يبقى متضرعًا وساعيًا إلى اللقاء، أو حتى لا يعجب بنفسه ويغتر .. أما رؤيته في اليقظة دليلًا على صلاح حال الرائي واستقامته وحسن دينه، ولأجل ذلك ورد في دعاء الندبة: "واتمم نعمتك بتقديمك إياه أمامنا حتى توردنا جنانك ومرافقة الشهداء من خلصائك " .
فيارب أعنا على بلاء دنيانا، واجعلنا وذريتنا ممن ينالون شرف رؤية حجتك في الأرض، اللهم عجل بفرج صاحب العصر والزمان، وأرنا الطلعة الرشيدة والغرة الحميدة، واجعلنا وكل مؤمن وموالي من أنصاره وأعوانه والمستشهدين بين يديه برحمتك يا أرحم الراحمين.
اضافةتعليق
التعليقات