بعد التطور الحاصل في المجال التكنولوجي أصبح الذكاء الاصطناعي يكتب مختلف المقالات وبصورة منطقية ومقنعة، كما يكتب مجموعة من القصص، ويجري مجموعة من الحوارات، وهذا ما يمكن أن ينافس ويهدد الكتّاب بنفس الوقت في إن المجلات والمواقع بإمكانها استبدال الكتّاب بالذكاء الاصطناعي والحصول على المواد المطلوبة.
موقع (بشرى حياة) أجرى استطلاعا للكتّاب حول هذا الموضوع فأجابتْ آيات الخطيب: "من المؤكد أن التطور التكنلوجي وبالذات بعد توفير هذه الميزة من الذكاء الاصطناعي لتسهيل الكثير من المهام كان لها صدى واسع جداً في المجتمع، لكن المثير للقلق هو تأثير هذا الذكاء على النتاجات الفكرية بمختلف أنواعها هل ستؤثر على جودة العمل الفكري الذي تنتجه؟ مما لا شك فيه لن تكون الجودة متشابهة بين الذكاء الاصطناعي والفكر الانساني من جميع النواحي، كما لا مقارنة بين النتاجات اليدوية والمصنعية، لكن تبقى مسألة اختيار القرّاء ومتذوقي الكتب هل ستنحدر نحو منحدر المفردات المرتبة ترتيبا منطقيا دون أن يداخلها مشاعر حقيقية من خلج صاحبها".
أمّا عبير المنظور فقالتْ: "يعتبر الذكاء الصناعي طفرة كبيرة على مستوى المحتوى الرقمي وهو تكنولوجيا تسهل كثيرا على الباحثين في كتابة المعلومات والكتب وجمعها وترجمتها من حيث السرعة المذهلة والجودة، إلا أنه على مستوى الكتابة والتأليف لا أعتقد أن الذكاء الصناعي سينجح في اضفاء الروح على النص، فروح النص تتمثل بمشاعر الكاتب وتجربته الشعورية ليوصلها للقارئ بإحساس فالأمر كما يقال ما يخرج من القلب يدخل إلى القلب، إضافة إلى أن الذكاء الصناعي لا يستطيع أن يضيف الطابع الشخصي على كتاباته لأنها تعتمد اساسا على قاعدة بيانات معينة هي أساسا من نتاج البشر، أي بكلمة أخرى إن كان يتوجب على الذكاء الصناعي كتابة سلسلة روايات رعب مثلا علينا إدخال سلسلة روايات ما وراء الطبيعة للكاتب د.أحمد خالد توفيق كقاعدة بيانات فينطلق بالكتابة على نمطها وأسلوبها، وهنا تضييع لحقوق الكاتب وسرقة ابداعه، وارى أن هذا التحدي الأكبر الذي سيواجه الكتاب والمؤلفون".
ورأتْ فاطمة الركابي: "في حدود ما أعتقدهُ للجواب على سؤالكم الكريم بما إن الأصل في وجود هذا التطور وهذا الاختراع هو الانسان نفسه، فهذا يعطينا رؤية واضحة لحقيقة أن هذا الاختراع مهما كان متطورا هو يبقى أداة بشرية ويستند بكل ما يقدمه وما ينتجه على نتاجات بشرية بالأصل، أي بمعنى أنه مهما أعطى من نتاجات تبقى ناتجة عن ما هو مخزون في ذاكرته الالكترونية من معلومات ونتاجات فكرية أو أدبية من نتاج تراكمي بشري محض.
واعتقد أن الانسان القارئ لن يستغني عن النتاج البشري وعن الكتابات التي تخطها أنامل الإنسان بنتاج الآلة الالكترونية، لسبب أساسي ومهم جدا هو أن كل نتاج الكتروني مهما كان دقيقا ومتقنا هو يفتقر إلى الجانب الروحي، فهو صنع آلة لا تنتج أشياء فيها روح وإنما تعتمد على ما مخزون فيها الكترونيا -كما أشرت- أي هي تتعامل مع حروف وعبارات ومفردات قد تصفها وتجمعها باتقان لكن لن تهبها شيء من الروحية التي يمكن للانسان الكاتب وحده أن يبثها بين سطور كتاباته، والتي هي ما يبحث عنها القارئ الحقيقي، ويبقى الإبداع البشري هو المتجدد والمعطي الأصل فإن توقف توقف حتى النتاج عبر الذكاء الاصطناعي لو تأملنا بذلك على المدى البعيد.
إنّ الكتابة فنّ من الفنون التي لا يمكن في حال من الأحوال إيقاف جنونها المتحوّل عبر دهاليزها الملتويّة والمنتهية إلى اللا مكان، ولكن هذا لا يمنع الذكاءَ الاصطناعي إلى جانب ما فيه من إيجابيّات في إعطاء الفكرة الموزونة، عن سطوة السلبيّات التي تؤدّي إلى تقويض العقل البشريّ وشلّ مفاصله الإبداعيّة.
أما بخصوص السرقات الأدبية فهي موجودة ولا يمكن السيطرة عليها حتى بعدم وجود هذا التطور، ونزاهة الجهة أو الكاتب هي الضابط الوحيد للحد من هذا الأمر.
أما بخصوص حفظ الحقوق، نحن كمؤمنين يفترض إننا نؤمن أن كل فكرة وكل كلمة نكتبها إنما هي بتوفيق وتسديد من الله تعالى، فالأصل إننا وسائل لإيصالها، ولا ملكية حقيقية لدينا في الواقع، وإن سرقة هذه الفكرة أو تلك هو أمر يحاسب عليه السارق بلا شك، أما نحن فلنا أجر أن هذا السارق أوصل ما سرقه إلى شريحة أكبر من الناس، وهذا واقعا أمر يفرح ولا يحزن إن نظرنا إليه من هذه الزاوية، وتبقى الجهود عند الله تعالى محفوظة لصاحبها بلا شك إن كانت خالصة لوجهه".
وكان جواب زينب الأسدي: "للقلم والقرطاس قداسة امتدّت في بطن التاريخ؛ تنحت في عمق الوجود الإنسانيّ بواعث الحضارة والدقّ الشفيف الذي ينخر العقول المتحجّرة ويترك أثرًا يتسلّل منه النور، وقد تجاوزت عبر هذا المسير ركامًا موحشًا من الانكسارات التي كادت أن تودي بالحركة العلميّة إلى مهاوٍ سحيقة ولكن شاء الله أن لا يكون ذلك وشاء أن يحافظ على هذا الأثر المترتّب على قوله تعالى: (الذي علّم بالقلم علم الإنسان ما لم يعلم) وقد سار هذا النهج وتحقَّق البدء ونشأت الحضارة.
الذكاء الاصطناعيّ محاسبات عقليّة تعتمد على تراتبيّة منطقيّة تمّ تثبيتها في هذا النظام لا يمكن تجاوزها إلى أفق الإبداع الإنساني في تناول المتحوّلات، على سبيل المثال لا يمكن له دراسة متغيّرات الخطاب التي تلائم الواقع النفسي عند المتلقّي ورغباته في تناول المستجدّات التي تحاكي بيئته المتغيّرة باستمرار، كما لا تستطيع استقراء الذوق الاجتماعي السائد في الشعوب والمجتمعات".
اضافةتعليق
التعليقات