يالها من فاجعة ألقت بظلالها الثقيلة على صدر الوطن المنكوب حتى أذنيه!!
في ليلة رمضانية مشهودة، تلتهم النيران ما تبقّى من أحلام المصابين الموعودين بالشفاء على حين غرّة.. مَن كان يدري أنّ هذا الهدوء الذي يلفّ الزمان والمكان قد يعقبه انفجارا هائلا، امتدت فيه يد النيران لتزهق أرواحا كانت تؤمل النجاة من وباء كورونا، وإذا بها تجد نفسها تصارع الموت حرقا واختناقا..
ففي ردهات مستشفى ابن الخطيب كانت هناك الأجساد تتلوى ألما بين الدخان الأسود والنيران الحمراء، وقد بدت عاجزة عن الحركة وطلب النجاة.. أليسوا هم مرضى يابشر؟
لحظات مرت كدهر عليهم، وهم بين صارخ يولول من شدة الألم وآخر يحاول جاهدا الانفلات من النيران المتأججة وأخرى تحاول جر مريضها إلى خارج الردهة علّها تنقذه من موت محتم.. صور كثيرة تحبس الأنفاس في بلد العجائب!!
أين هي التدابير الوقائية لمثل هذه الحالات الطارئة؟ هل كان جرس الإنذار نائما في هذه الساعات العجاف؟ من المسؤول عن تردي الأوضاع في مشافي الوطن؟ ومن يتحمل مسؤولية ازهاق أرواح مئات الراقدين، الذين لم يأتوا إلا لطلب الحياة ، وإذا بهم يذاقون الموت غصة غصة، فتتحول أجسادهم إلى أكوام متفحمة.
آه أيها الوطن المنكوب حتى الثمالة.. ما تستيقظ من نكبة حتى تلج إلى نكبة أخرى أشد، هل كتب عليك القدر أن تعيش النكبات إلى ما لا نهاية؟!
هل تبقى مستباحا بسبب الفساد والاثرة والمحسوبيات واللاكفاءة؟
كثيرة هي التساؤلات هنا، ولا يهمنا إن كان المقصّر زيدا أم عمرو.. لكن حجم الفاجعة كبير، وأكبر مما قد يتصوره انسان، وأكبر حتى من كل الحلول الترقيعية والتي تحاول الحكومة اجراءها وسط هذا الذهول والفوضى العارمة.
إنّ اقالة هذا واستبداله بذاك أو سحب اليد عن الوزير الفلاني.. هذه حلول ترقيعية لا تغني ولا تسمن من جوع... وهي لم تأت إلا من باب رفع العتب ليس إلا.
الواقع الصحي المتردّي والذي تشهده مستشفياتنا دلالة على سقم مزمن يشهده عموم الوطن.. فالمليارات التي صُرفت على قطاع الصحة كان بإمكانها أن تجعل العراق في الصدارة من حيث الخدمات الصحية.. وتجعله في مصافي الدول المتقدمة لكن الفساد المستشري حال دون ذلك.. فأصبح الجميع يحنّ إلى العهد القديم ويتباكى على الواقع المزري الذي نشهده جميعا.
الصبر والسلوان لكل من فقد عزيزا في هذه الفاجعة الأليمة، وأخص منهم الثواكل والأيتام والأرامل، ولكل مفجوع لم يستطع الوصول إلى ذويه..
والرحمة والغفران لكل فقيد، لم يجد يدا تسعفه في لحظاته الأخيرة.
والعار والشنار لكل من قصّر في أداء الواجب.. واغمض العين عما يجري في بلاد الرافدين.
اضافةتعليق
التعليقات