هناك أشخاص خَلَّدهم التاريخ، منهم من ترك موقف وأثر في حياته ومنهم من جعل اسمه بريقا لامعا في الصفحات ، بينهم من ترك خلف اسمه (لعنة) واخر (رحمة ورضى)، فهنا تكون العاقبة والعمل الصالح اثر في حياة الانسان، برير بن خضير الهمداني هو أحد أصحاب الحسين الذين غيروا مسار حياتهم في كربلاء وكان قارئًا ومعلمًا للقرآن، ومن كبار شجعان الكوفة، وينتمي لقبيلة همدان، ويعتبر برير من التابعين وعرف بسيد القراء، وكان يكثر من قراءة القرآن والعبادة في مسجد الكوفة، وله منزلة مرموقة في قبيلة همدان وعند أهل الكوفة.
نسل برير بن خضير الهمداني المشرقي ينتمي إلى بني مشرق، وهم من بطن قبيلة همدان اليمانية، سكنوا الكوفة.
من أقوال العلماء فيه، قال الشيخ الصدوق(قدس سره): «وكان أقرأ أهل زمانه».
قال العلّامة المجلسي(قدس سره): «وكان من عباد الله الصالحين».
قال السيّد محسن الأمين(قدس سره): «كان بُرير زاهداً عابداً».
الالتحاق بسيد الشهداء
لما بلغه خبر الحسين سار من الكوفة إلى مكة ليلحق بالحسين، فجاء معه إلى كربلاء. لما ضيق الحر على الحسين جمع أصحابه، فقام فيهم خطيباً، فحمد اللَّه، وأثنى عليه، فخضبهم بخطبته ثم قام برير بن خضير، فقال: يا بن رسول الله لقد من الله بك علينا أن نقاتل بين يديك، تقطع فيك أعضاؤنا، حتى يكون جدك يوم القيامة بين أيدينا شفيعا لنا، فلا أفلح قوم ضيعوا ابن بنت نبيهم، وويل لهم ماذا يلقون به الله، وأف لهم يوم ينادون بالويل والثبور في نار جهنم.
وإنّه كان يمازح عبد الرحمن بن عبد ربّه الأنصاري، «فقال له عبد الرحمن: دعنا فو الله ما هذه بساعة باطل! فقال له بُرير: والله، لقد علم قومي أنّي ما أحببت الباطل شاباً ولا كهلاً، ولكن والله إنّي لمستبشر بما نحن لاقون، والله أنّ بيننا وبين الحور العين إلّا أن يميل هؤلاء علينا بأسيافهم، ولوددت أنّهم قد مالوا علينا بأسيافهم».
وعظه لقائد جيش بني أُمية عمر بن سعد
طلب الإمام الحسين(عليه السلام) منه أن يعظ القوم، «فتقدّم بُرير فقال: يا قوم، اتّقوا الله فإنّ ثقل محمّد قد أصبح بين أظهركم، هؤلاء ذرّيته وعترته وبناته وحرمه، فهاتوا ما عندكم وما الذي تريدون أن تصنعوه بهم؟ فقالوا: نريد أن نمكّن منهم الأمير ابن زياد، فيرى رأيه فيهم.
فقال لهم بُرير: أفلا تقبلون منهم أن يرجعوا إلى المكان الذي جاؤوا منه؟ ويلكم يا أهل الكوفة، أنسيتم كتبكم وعهودكم التي أعطيتموها وأشهدتم الله عليها، يا ويلكم أدعوتم أهل بيت نبيّكم، وزعمتم أنّكم تقتلون أنفسكم دونهم، حتّى إذا أتوكم أسلمتموهم إلى ابن زياد، وجلأتموهم عن ماء الفرات، بئس ما خلفتم نبيّكم في ذرّيته، ما لكم لا سقاكم الله يوم القيامة، فبئس القوم أنتم. فقال له نفر منهم: يا هذا ما ندري ما تقول؟
فقال بُرير: الحمد لله الذي زادني فيكم بصيرة، اللّهم إنّي أبرء إليك من فعال هؤلاء القوم، اللّهم ألق بأسهم بينهم، حتّى يلقوك وأنت عليهم غضبان. فجعل القوم يرمونه بالسهام، فرجع بُرير إلى ورائه».
خروجه لمبارزة القوم
خرج (رضي الله عنه) إلى ميدان القتال وهو يقول:
أنا بُرير وأبي خُضير *** ليث يروع الأسد عند الزئر
يعرف فينا الخير أهل الخير *** أضربكم ولا أرى من ضير
قال (رضي الله عنه) للإمام الحسين(عليه السلام): «يا ابن رسول الله، ائذن لي أن آتي هذا الفاسق عمر بن سعد فأعظه؛ لعلّه يتّعظ ويرتدع عمّا هو عليه، فقال الحسين: ذاك إليك يا بُرير، فذهب إليه حتّى دخل على خيمته، فجلس ولم يسلّم، فغضب عمر وقال: يا أخا همدان، ما منعك من السلام عليَّ! ألست مسلماً أعرف الله ورسوله، وأشهد بشهادة الحق؟.
فقال له بُرير: لو كنت عرفت الله ورسوله كما تقول، لما خرجت إلى عترة رسول الله تريد قتلهم، وبعد فهذا الفرات يلوح بصفائه ويلج كأنّه بطون الحيات تشرب منه كلاب السواد وخنازيرها، وهذا الحسين بن علي وإخوته ونساؤه وأهل بيته يموتون عطشاً، وقد حلت بينهم وبين ماء الفرات أن يشربوه، وتزعم أنّك تعرف الله ورسوله! فأطرق عمر بن سعد ساعة إلى الأرض ثمّ رفع رأسه وقال: والله يا بُرير، إنّي لأعلم يقيناً أن كلّ مَن قاتلهم وغصبهم حقّهم هو في النار لا محالة، ولكن يا بُرير، أفتشير عليَّ أن أترك ولاية الري فتكون لغيري، فو الله ما أجد نفسي تجيبني لذلك.
فرجع بُرير إلى الحسين وقال: يا ابن رسول الله، إنّ عمر بن سعد قد رضى لقتلك بولاية الري».
صباح يوم عاشوراء
في صباح يوم عاشوراء كان بريرُ يمازح عبدَ الرحمن الأنصاري، فقال له عبد الرحمن: ما هذه ساعة باطل؟ فقال برير: لقد علم قومي ما أحببت الباطل كهلاً ولا شاباً، ولكنّي مستبشر بما نحن لاقون، والله ما بيننا وبين الحور العين إلاّ أنْ يميل علينا هؤلاء بأسيافهم، ولوددتُ أنّهم مالوا علينا السّاعة.
مقتله: قتل في 61 هـ بعد مشاركته في معركة كربلاء، وأثناء قتاله كان ينشد:
أنا بـرير وأبي خضـير وكل خيـر فلـه بـريـر
اضافةتعليق
التعليقات