يعتبر الشباب الركيزة الأساسية في بناء المجتمع ولذا فإن صلاح المجتمع من صلاح أبناءه الشباب.. وفي الوقت الحاضر نجد أن شريحة الشباب تواجه خطر الانحراف الذي استولى على عقولهم فتارة نجد أنهم قد ابتعدوا عن الأخلاق السامية التي أوصى بها الأسلام, وتارة نجدهم يغيروا بأنفسهم ويتحولون إلى شيء اخر من حيث تصرفهم فنجدهم يتصرفون تصرف الأنثى, والفتاة تتصرف تصرف الرجل.. فارتأينا أن نتناول هذا الموضوع ونضع له بعض الحلول التي عساها أن تنفع ولو بعدد بسيط.
فقد ورد عن أمير المؤمنين عليّ عليه السلام: "إنَّما أخافُ عليْكُمْ إِثنتين: إتِّباعُ الهوى وَطولُ الأمل، أمَّا إِتِّبَاعُ الهوى فَإِنَّه يَصَدُّ عن الحقِّ، وأمَّا طولُ الأمل فإنّه يُنسي الآخرة".
لا شكّ أنَّ رغباتِ النَّفس الإنسانية جامحة وتنشد المزيد دائماً وأنّ آمالها لا تتوقّف ولا تنتهي ولا تصل إلى حدٍّ أو غاية. كما أنَّ وقوع الإنسان فريسة اتِّباعِ واحد من أهواء النفس يوقِعُه في حضيض عدد من المفاسد والأخطار ويبتلى بآلاف المهالك والموبقات، حتَّى تنغلق شيئاً فشيئاً جميع طرق الحقِّ بوجهه، ويرين على قلبه فيغرقُ في بحرٍ من الفساد والضَّياع، ويصبح أسيراً ومُنهزماً أمام فنون الفساد والإفساد التي تعجّ بها كافّة الأماكن اليوم، فأخطار اليوم كبيرة ويزيّنها الشيطان ويجعلها أكثر جاذبية، ولذلك فعلى الإنسان لا سيّما الشباب أن يكون أكثر ورعاً ووعياً وحكمةً حتى يعصم نفسه من السقوط، وقد ورد في الشريعة التحذير من انحراف الشباب، فعن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "كيف بكم إذا فسد نساؤكم، وفسق شبابكم، ولم تأمروا بالمعروف ولم تنهوا عن المنكر؟!".
عن أمير المؤمنين عليه السلام: "وقد تأتي عليه (أي الإنسان) حالات في قوّته وشبابه يهمّ بالخطيئة فتشجّعه روح القوة، وتزين له روح الشهوة، وتقوده روح البدن حتى توقعه في الخطيئة، فإذا لامسها تفصّى من الإيمان، وتفصّى الإيمان منه".
من أدوات الفساد:
كثيرة هي الموادّ والبرامج التي تستهدف شريحة الشباب اليوم لإفسادهم وإبعادهم عن الجادّة التي ارتضاها الله لهم، والأعظم إفساداً في ذلك أنّ كل ما يُبثّ ويُعرض ويُثار إنما يُقدّم لعنصر الشباب تحت عناوين برّاقة من الحريات والتمدّن والحضارة، وهي ليست سوى مصاديق للتخلف والتبعية والفساد والرذيلة والتيه والضلال.
ونكتفي هنا ببعض الأمور التي يجب على شبابنا اليوم الاحتراز عنها واجتنابها رغم تزيين الشيطان لها:
1- الإعلام: سواء المكتوب أو المسموع أو المرئي بأفكاره وصوره ودعاياته وبرامجه، لا سيّما الأكثر رواجاً اليوم كشبكات التواصل الاجتماعي ومواقع الفساد على الإنترنت والاختلاط غير المسؤول على هذه المواقع وسواها من الأماكن الغنيَّة عن التعريف بآثارها السلبيَّة.
2- الفنُّ المنحرف والموجّه: وما أكثر البرامج والأفلام والمسلسلات التي تستهدف قلوب الأحداث لتزرع فيها مفاهيم جديدة وتربّيها على مصطلحات ومعادلات برّاقة وتعدهم الوعود المزيفة! بل ما أكثر القنوات الإعلامية التي تساهم اليوم في تغيير الثَّقافات بطريقة هادئة وساكنة بدون أن يلتفت المجتمع لذلك!.
ومن الطريف ما يُذكر أنك ترى الكثير من هذه المحطّات تدمج بين برامج السوء وبرامج الخير والكلمة الطيبة والأخرى الفاسدة والموضوعات التربوية والأخرى اللهوية، وبين قراءة القرآن والأغاني المبتذلة حتى يضيع على الشابّ غير المحصّن تشخيص الجادّة السواء فيحسب كلّ شيء له حلالاً ومباحاً.
3- مراكز الفساد: وهي كلُّ مكان يُعصى الله فيه، ومنها صالات الإنترنت المختلطة، والسهرات اللهوية وحانات اللهو واللغو وكلّ ما من شأنه تضييع الوقت وهدر الطاقات وتعمية الشباب عن دورهم ومايجري حولهم.
4- العلاقات غير الشرعية: بين الشباب والفتيات حتى في أبسط صورها لأنها ستكون مقدّمة للوقوع في الخطأ والحرام، فكثيراً ما يُزيّن الشيطان لنا أنّ العلاقة عبر الهاتف أو عبر الإنترنت أو الحديث مع فتاة مجهولة عند المتكلّم وأحياناً حتى تحتعناوين الصداقة والأخوّة والإعانة أو الظروف القاسية التي يمر بها الشبّان والفتيات اليوم وسوى ذلك من ضغوط الحياة تشكّل مسوِّغًا وعذراً لإقامة هكذا نوع من العلاقة التي يرفضها الشرع ويعتبرها مدخلاً واسعاً للحرام وللتسيّب والإنحلال شيئا فشيئاً.
5- البيئة الفاسدة: فحذار حذار البيئة الفاسدة التي ينمو فيها الأحداث ويشبّون بها فإنّ الخصال السيئة تنتقل إلى أصحابها كالنعاس، فلينظر كلٌّ منا إلى من يصاحب ومن يجالس ومع من يسافر ومن يشارك وأين يسهر وما هي خصال هؤلاء الأصحاب وكيف هي سلوكياتهم؟ هل هم من روّاد المسجد؟ كيف هي قراءتهم للقرآن؟ هل يحافظون على صلواتهم؟ هل يتمتعون بالأخلاق السامية؟ كيف هي علاقتهم بأهلهم وأخوتهم؟ وإلى غير ذلك من المسائل الكبرى والعناوين الأساسية التي لا ينبغي التفريط بها تحت أيّ عذر أو مسوِّغ.
قال أمير المؤمنين عليه السلام: "مجالسة الأشرار تورث سوء الظنّ بالأخيار، ومجالسة الأخيار تلحق الأشرار بالأخيار، ومجالسة الفجّار للأبرار تلحق الفجّار بالأبرار، فمن اشتبه عليكم أمره ولم تعرفوا دينه فانظروا إلى خلطائه، فإن كانوا أهل دين الله فهو على دين الله، وإن كانوا على غير دين الله فلا حظّ له في دين الله، إنّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كان يقول: من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يؤاخينَّ كافراً، ولا يخالطنَّ فاجراً، ومن آخى كافراً أو خالط فاجراً كان كافراً فاجرا".
6- التشبه بالشخصيات: وهذه المسألة من الأمور الرائجة في بعض مجتمعاتنا اليوم وهي بشكلٍ عامّ تسهم في إفساد الشباب والشابّات الذين يتشبّهون ببعض الممثلين أو الفنانين أو بعض الشخصيات السياسية أو سواها سواء في الشكل كالتشبه بهم في لباسهم حتى وإن كان مخالفاً للشرع، أو تسريحة الشعر أو تطويله أو طريقة مشيهم وحديثهم وتكبرهم واستخدام عباراتهم واتخاذهم قدوة من دون الأنبياء والرسل، وهو بالضبط ما تستهدفه الثقافة الغربية لمجتمعاتنا اليوم، وهو برمجة عقول شبابنا بما يتناسب والمفاهيم الثقافية التي يروّجون لها.
طرق علاج أنحراف الشباب
لا ننسى أن الفراغ هو من أهم الاسباب وراء هذا الضياع والانحراف, والشباب الاسلامي من طبعه يغالي في الوقت, ولا يبالي كيف تمر عليه الأوقات, يقول الرسول الأعظم: (نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس, الصحة والفراغ)، ومن هنا وجب على الجميع متابعة الشباب في كل خطوة, لأن الشباب إذا توافرت لهم الصحة والأمور التي ذكرناها وطال الفراغ أمامهم, ولم يحسنوا استخدام الوقت في النفع, سيكون الفشل والخسران والكارثة تنتظرهم على أحر من الجمر. يقول النبي الأعظم: (إغتنم فراغك قبل شغلك), إن الحياة تزهو بالشباب, وكل مشروع تلج للحياة, ترى الشباب مطوقين به وهم النصيب الأكبر لانجاع كل مشروع في الحياة. وكلنا نعلم بأن أخطر مرحلة في الحياة, حيث أن الشباب في هذه المرحلة يتسابقون لما هو فيه من الملذات والدخول إلى عالم المتاهات, هنا وجب تدخل الجميع لايقافهم, والجدير بالذكر أن هناك أطنان من الحلول للقضاء على هذه الكارثة, نذكر منها, إنشاء أندية رياضية, جمعية للفنون, مكتبة للقراءة, تثقيفهم من خلال ندوات, والكثير من الحلول كما تعلمون فعلى المجتمعات الاسلامية ايجاد الحلول المناسبة للقضاء على فراغ الشباب, لأن هناك وللأسف الشديد ضعف الوعي الديني والذي يعتبر من أهم الدعائم للشباب, وخصوصا في زمننا هذا, حيث إننا محاربون بشراسة من الكثير ممن لايريد لشباب هذا البلد النهوض والرقي والتي من اهم أهدافها تدمير الطبقة المهمة وهي الشباب, وأن ننشر بينهم الأهداف التي وصى بها النبي وأهل البيت عليهم السلام وذلك بالتقدم للامام بالشباب وتوعيتهم بالمجالات الدينية.
وكما ذكرنا الأسباب السابقة, على المجتمع ايجاد جميع الحلول, لتجنب الكارثة التي ستصيب الشباب, والدور هنا يقع على عاتق الجميع, الحكومات, الافراد, الشيوخ, وغيرهم, ووسائل الاعلام وجب عليها دراسة الوضع بحذر شديد, لأنها المتهم الأول والأخير في افساد الشباب, ونحن إذ عرضنا هذا الموضوع باختصار شديد حتى نبين الأسباب وراء تدمير الشباب, والنظر إلى تلك الأسباب التي ذكرت سابقاً.
اضافةتعليق
التعليقات
العراق / النجف2019-04-16