تشكل الطفولة مرحلة بالغة الأهمية تؤثر بشدة على تكوين شخصية الإنسان، فهي الأساس الذي تُبنى عليه جميع المجتمعات. وقد أولى القرآن الكريم مكانة خاصة للطفل، معتبرًا إياه رمزًا للبراءة والطهارة. وتُعد مرحلة الطفولة، خاصة في السنوات الخمس الأولى، من أهم وأخطر مراحل التكوين والنمو الشخصي.
تتناول هذه الدراسة مكانة الطفل في القرآن الكريم، وما شرعه الله تعالى للأطفال من أحكام وآداب لتحقيق سعادتهم واكتمال حياتهم. ويُعد موضوع الطفولة ورعايتها من القضايا التي أولاها الإسلام اهتمامًا كبيرًا يتناسب مع أهميتها، فالطفل هو اللَّبِنة الأولى لتكوين الأسرة، التي تُعد الخلية الأولى لبناء المجتمع.
تعريف الطفل في القرآن
الطفل في اللغة يعني المولود الصغير، وجمعه أطفال. وقد وُصف الطفل في القرآن الكريم بصيغة الجمع، كما في قوله تعالى:
{أوِ الطفلِ الذين لم يظهروا على عورات النساء} (سورة النور: 31).
أولى القرآن الكريم الطفل عناية فائقة، ومن الآيات التي تناولت حقوق الطفل قوله تعالى:
{المال والبنون زينة الحياة الدنيا} (سورة الكهف: 46) (الطباطبائي، 2009، ج 18: 158).
حقوق الطفل في القرآن
تحدث القرآن الكريم عن حق الرضاعة في قوله تعالى:
{والوالدات يُرضعن أولادهن} (سورة البقرة: 233).
كما أقسم الله تعالى بالولد في سورة البلد، وطرحت سورة النور القيم التربوية التي يجب على الطفل التخلُّق بها (النوري، 1994، ج 3: 123).
ويُظهر القرآن الكريم الطفولة كنعمة وهبة ربانية، حيث يُحثُّ المُنعَم عليه بشكر الله تعالى، كما في دعاء النبي إبراهيم (عليه السلام):
{الحمد لله الذي وهب لي على الكِبَر إسماعيلَ وإسحاق} (القرآن الكريم، 2023) (الطباطبائي، 2009، ج 14: 75).
دور الوالدين
تشير الروايات عن أهل البيت (عليهم السلام) إلى أن من أهم أهداف الوالدين وجود الولد في حياتهما، ليكون سندًا لهما. وقد شُبِّه الولد بأنه "عضد" لوالديه، كونه العامل الذي يُفترض أن يستندا إليه في الحياة (الكافي، الكليني، 1986، ج 7: 125).
دعاء الإمام زين العابدين
يعلمنا الإمام علي بن الحسين (عليه السلام) كيفية طلب العفو من الله عن إساءة الوالدين، معبِّرًا عن أهمية الرحمة والعفو تجاههما (الصحيفة السجادية، 1995، دعاء 47).
تربية الحسن والحسين
وُلِد الإمامان الحسن والحسين (عليهما السلام) في المدينة المنورة، وتربّيا في أحضان جدهما النبي الأعظم (صلى الله عليه وآله وسلم)، حيث كان النبي يُعبّر عن حبه لهما بتصرفاته (ابن شهرآشوب، 1994، ج 3: 158). وكانت التربية النبوية مثالًا يُحتذى به، حيث عُلّمت القيم الإسلامية والمبادئ الأخلاقية.
الخاتمة
تُظهر الدراسات القرآنية أهمية الطفل في بناء المجتمع، وضرورة رعايته وتربيته وفقًا للقيم الإسلامية. إن الطفولة ليست مجرد مرحلة، بل هي أساس لنمو الإنسان وتكوينه، مما يستدعي منا جميعًا الاهتمام والدعم في هذه المرحلة الحساسة.
اضافةتعليق
التعليقات