يعود أصل كلمة ثقافة إلى اللغة اللاتينية في القرن السادس عشر والتي تعني زراعة الأرض وهو معنى مجازي، وبعد تطورها وشيوعها عبر القرون تغيرت دلالتها من إنتاج الأرض؛ مستودع الرزق واستغلال نعمها إلى تدريب الفكر البشري وجني ثمراته.
وفي اللغة العربية تعني كلمة ثقافة؛ الحذق والتمكن والإدراك، والشخص المثقف هو الشخص المهذب والمتمكن والمتعلم، ويقال ثقف الكلام أي حذقه وفهمه بسرعة. وثقف الرمح أي قومه وسواه ويقصد به أنه خالي من الاعوجاج.
ثم أُلحق بها المضاف وصار يقال: ثقافة الفنون وثقافة الأدب وثقافة الحوار وثقافة الاستخدام..
وبما إن الثقافة يتم تعليمها ونقلها من جيل إلى آخر وتعني إدراك الشخص لتصرفاته وسلوكياته، نود التوقف عند ثقافة الاستخدام والتي يجهلها الكثير، وهي شبه مغيبة في فكر وسلوك معظم الشباب وخصوصا في استخدام شبكات التواصل الاجتماعي والتطبيقات الرقمية للألعاب المعدة والمهيئة لتصنيع العقول التافهة والكسولة والخالية من الطموح والاصرار والافاق الواسعة والأحلام الكبيرة وكل القيم التي تحفز الانسان ليكون عاملا ومجتهدا ومنتجا، وهي برامج تجارية تدر ملايين الدولارات وتقف وراءها رؤوس متنفذة وشركات عالمية همها زيادة أرباحها فقط.
ولمن يقول إن هذه الألعاب تستقطب الأعمار الشبابية من جميع انحاء العالم ولا يقتصر الأمر على الشاب العربي!، نقول؛ هذا صحيح، ولكن هناك فرق كبير بين شباب الصين أو اليابان أو أميركا وبين الشاب العراقي أو العربي وإن جمعتهم لعبة واحدة مثل لعبة (البوبجي)، لأنهم مجتمعات تقوم باستغلال قدرات الشباب في كلّ الميادين، واستثمار طاقاتهم بخطط تنموية مستدامة، واحتواء الشباب، فهناك الكثير من الأمور الموازية والمنافسة لدى الشاب الأجنبي لمثل هكذا ألعاب مهما بلغت متعتها لديه، والتي توفّر شكلاً من الحصانة في أقلّ تقدير كما وتشجعه للاعتماد على إمكانياته وتطويرها في مسارات واضحة البلوغ.
وكذلك هناك تشريعات وشروط وقوانين تضبط سلوكيات المستخدمين ولكن دون أن تقيد حريتهم، سواء كان من قبل الأهل أو الحكومات. فهم يطبقون وبإيمان كبير مبدأ إنّ صلاح المجتمع يعتمد على صلاح أبنائه الشباب.
أما الشاب العراقي أو العربي فهو يعيش في أمة تعاني من جهل كبير في استثمار الطاقات الشبابية وكيفية احتواءهم، والتركيز على ثقافة الاستخدام من الأمور المهمة للحفاظ على الوقت واستثماره، وهذه التطبيقات دمرت حيوية ونشاط جميع فئات الشباب وقتلت إبداعهم ومواهبهم وبراءتهم، وشوهوا أجمل مرحلة في حياتهم، وقلبت موازين أوقاتهم فهم أصحاء ليلا، نيام وكسالى نهارا.
وأفضل الحلول هو قتل الفراغ الذي يعانون منه بإقامة مشاريع تجذب انتباههم وتحفز مواهبهم وتشجعهم على الإبداع وتستغل كل أوقاتهم.
اضافةتعليق
التعليقات