مما لاشك فيه ان الاعلام لعب دورا مهما في قضية واقعة الطف، سواء كان من الناحية الايجابية ام السلبية، فبعد انتهاء المعركة وكما هو معروف ان بني امية لعنة الله عليهم استخدموا الاعلام المضاد في تشويه المفاهيم الاساسية من خروج الامام الحسين عليه السلام لكي تختلط الاوراق على عامة الناس، وبالمقابل رد عليهم الاعلام الرصين ذو الكلمة الصادقة وهو الاعلان الزينبي والسجادي الذي اوصل قضية الطف بالصورة الحقيقية والغاية من حدوثها وقد استمر هذا الي يومنا الحالي.
اليوم ونحن في عصر النهضة والتطور الاعلامي هل أثر الاعلام في نشر قضية الامام الحسين (عليه السلام) بصورتها الصحيحة ام فعل العكس في ذلك؟ اهتم موقع بشرى حياة بهذا الاستطلاع، وكان لابد من طرح السؤال على ذوي الاختصاص:
تقصير الاعلام الاسلامي
وكانت واجهتنا الاولى على الكاتب الصحفي حيدر السلامي والذي رد على سؤالنا بالقول: بدءا لابد من التسليم بحقيقة أن الإعلام المعاصر وبكل إمكاناته لم يستطع الارتقاء إلى مستوى الحدث.. واعني هنا الاعلام الاسلامي بمختلف قنواته وأدواته ووسائله وأساليبه اما الاعلام الآخر فلم يجعل للقضية الحسينية اي مساحة في أجندته ولو كانت صغيرة أو على نحو اسقاط الفرض أو مجاملة الشيعة والموالين.. بل إن كثيرا من وسائله عملت على الإساءة لعاشوراء مستغلة بعض ممارسات الافراد المحسوبين على الجمهور الحسيني او غير المقصودة احيانا وتضخيمها واعتبارها ضروبا من التخلف والرجعية ساعدها على ذلك تباين التصريحات والمواقف الصادرة من الزعامات الدينية وهزال الخطاب الاعلامي الإسلامي كما اشرنا.
وحول الجواب عن سؤالنا قال: جوابا على السؤال المحوري لاستطلاعك اقول..
يمتلك الاعلام الاسلامي مقومات النهوض وباستطاعته القيام بدوره في إظهار وتعريف مبادئ النهضة الحسينية المباركة واخراجها من الإطار التاريخي الجامد وتحريكها في واقع الحياة المعاصرة. ولتحقيق ذلك الهدف ينبغي له أن يسعى بجدية تامة نحو الاحتراف والتخلص من عقدة الشعور بالنقص إزاء الاعلام الآخر والايمان بأهمية احياء وتجديد التراث. القضية الحسينية لها مقوماتها الذاتية التي أعطت كل هذا الزخم الكبير ودفعت بكل هذه الجماهير وما على الاعلام الا نقل الصورة باتقان وتفسير ما يجري باقناع.
مراحل الاعلام الزينبي
اجابنا الكاتب الصحفي عدي الحاج: لضمان نجاح أي حركة إصلاحية في المجتمع البشري، يجب توفّر عاملين أساسيين هما التخطيط المُسبق السليم والإعلام من أجل إبراز هوية تلك الحركة وبيان أحقيّتها على غيرها من الحركات، والنظر في تبعاتها وما ستؤول إليه، وأيضاً من أجل تفنيد الشبهات التي قد تُطرح ضدها، وعلى مدى التأريخ نجد أنّ من يقومون بإحداث التغيير في مجتمع ما، دائماً ما ينظرون الى أبعاد حركاتهم الإصلاحية وتبعاتها، ويُخطّطون لإستمراريتها على المدى البعيد من خلال إهتمامهم بالإعلام، وللحديث عن التأثير الإعلامي في نشر القضية الحسينية، لا بدّ من بيان الدور الكبير التي قامت به السيدة زينب (عليها السلام) بُعيد إستشهاد أخيها الإمام الحسين أهل بيتها (عليهم السلام)، والبصمة التي وضعتها (عليها السلام) من أجل إنجاح الثورة الحسينية وإظهارها بمظهرها اللائق، فلولاها (عليها السلام) لضاع الكثير من أحداث ما جرى في كربلاء.
اكمل حديثه: مرَّ الإعلام الزينبي بمرحلتين هما: الإعلام المضاد، والإعلام الهادف، المرحلة الأولى هي بُعيد إستشهاد الإمام الحسين (عليه السلام) الى خروج العائلة الهاشمية من مجلس يزيد بن معاوية (لعنه الله) مروراً برحلة الأسر والسبي والأحداث التي رافقت هذه الرحلة التي لنا فيها ثلاث وقفات، الأولى كانت في تعنيفها (عليها السلام) لقائد جيش الشام عمر بن سعد (لعنه الله)، والثانية تمثّلت في خطبتها العظيمة في محفل من أهل الكوفة أبان دخول ركب السبايا إياها، أما الثالثة فهي تحدّيها (عليها السلام) لوالي الكوفة عبيد الله بن زياد (لعنه الله).
أما المرحلة الثانية هي منذ دخولهم الى خربة الشام وإستقرارهم فيها لمدّة سبعة أيام، ثمّ خروجهم الى كربلاء ومن ثمّ وصولهم وإستقرارهم في المدينة المنوّرة والى حين وفاتها (عليها السلام)، وفي هذه المرحلة كانت هناك وقفة مهمّة ومفصلية للسيدة زينب (عليها السلام) في مجلس طاغية الشام يزيد بن معاوية (لعنه الله)، من خلال خطبتها التي إتّسمت بقوّة المنطق وفصاحة البيان وأذهلت فيها الحضور بأجمعهم ويزيد نفسه، كما هناك وقفات تصدّت فيها عقيلة الهاشميين (عليها السلام) لحركة التزوير والتظليل التي أطلقها الإعلام الأموي أنذاك، والذي وصف الإمام الحسين (عليه السلام) ومن قاتل معه بالخوارج والمارقين من الدين والباغين على حكم "أمير المؤمنين".
اخير: لقد كان التأثير الإعلامي الزينبي في نشر القضية الحسينية بتلك المرحلتين، حاسماً جداً ومفصلياً بشكل كبير في توضيح الحقائق وإظهار النوايا الخبيثة التي إنطوى عليها الإعلام الأموي، وكان أيضاً مهماً جداً في تثبيت دعائم الثورة الحسينية والرد على إفتراءات الأمويين وإعلامهم الزائف.
اساليب ايصال القضية الحسينية
في نفس الموضوع اجابت الاعلامية وصال الاسدي: اذا ما اردنا ان نؤدي دورا مؤثرا في الاعلام لقضية الامام الحسين عليه السلام فكرا وثقافة ومبدأ، علينا ان نغوص عميقا في البحث والدراسة لدور الامام زين العابدين عليه السلام والسيدة زينب في هذا الجانب، واذا ما نظرنا نظرة شمولية للمواقف بعد العاشر من محرم الحرام.
نجد انه عليه السلام اتخذ اساليب عدة في ايصال القضية الحسينية للجماهير ستثمر البلاغة في الخطابة والجذب في الحوار والعاطفة في البكاء. وقف في الكوفة ونادى "أيها الناس، من عرفني فقد عرفني، ومن لم يعرفني فأنا أعرفه بنفسي، أنا علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب، أنا ابن زمزم والصفا"، الى نهاية الخطبة، وهنا ارسل رسالة ان التعريف اساسا مهما في نشر قضية الامام الحسين عليه السلام.
ونحن اليوم نمارس هذا الدور من خلال البرامج والقنوات والمواقع الالكترونية التي تبث الى اقصى بقاع العالم.
وانتصر في الحوار مع يزيد لعنة الله عليه في خطبة الشام عندما حاول الطاغية ان يقطع كلام الامام بعد ما رأى من تأثير كبير للرسالة التي وجهها الامام زين العابدين عليه السلام في خطبه على الناس، فاذن المؤذن وعندما وصل الى اشهد ان محمد رسول الله حاججه الامام بالدليل من فمه عندما قال يزيد لاقتلن ال بيته شر قتلة.
وحادثة حديثه مع الشيخ الذي اعترض القافلة ويحمد الله على مقتل الحسين وال بيته عليهم السلام فالقى الحجة عليه بآية ذي القربى، وهنا حقق الامام غاية الانتصار باستخدام الادلة الثابتة والقطعية.
ولنقف عند رسالة بكاء الامام عشرين عاما على ابيه عليهم السلام ماذا يريد من هذا البكاء؟ في كل مكان عند الطعام في الاسواق وعند شرب الماء ويذكر مظلومية الامام الحسين عليه السلام امام الناس ماهو إلا دورا اعلاميا بحتا فهو مرسل يحمل رسالة ذات سمو عظيم ومستقبل كان تأثره بتلك الرسالة كبير جدا اعتمادا على الاسلوب والطريقة التي استخدمها الامام عليه السلام.
وكما مارست الصديقة الحوراء دورا كبيرة بأساليب مختلفة للحفاظ على العفة والمبادئ والقوة رغم قساوة الظروف التي كانت تمر بها.
كل هذه المواقف للامام عليه السلام ماهي إلا اعلام موجه لنشر مظلومية ومبادئ الامام الحسين عليه السلام.
وما يجب الالتفات عليه هو ان دورهم عليهم السلام كان يرتكز على ثقة نابعة من الايمان بالمبدأ والقضية وتخطيط مدروس ومبني على اسس ثابتة وهو ما دعم نجاح ثورة الامام الحسين عليه السلام.
اذاً التخطيط المسبق والسليم لأي حركة إصلاحية في المجتمع البشري، والنظر في تبعاتها وما ستؤول إليه، هي من أسباب نجاح هذه الحركات.
ولا ننسى دور الاعلام الاموي الذي كان مشتتا لانه يعتمد على التضليل والتزوير. لم يستطع الصمود امام الثورة الاعلامية الصادقة التي قادها السجاد والعقيلة زينب عليهم السلام.
وعلى مدى التاريخ فإننا نرى أن من يقوم بإحداث التغيير في مجتمع ما، دائما ما ينظرون إلى أبعاد حركاتهم وتبعاتها، ويخططون لاستمرارية حركاتهم هذه على المدى البعيد، وذلك لضمان نجاح المشروع الإصلاحي في المجتمع، ويهتم هؤلاء بالإعلام من أجل إبراز هوية حركاتهم الإصلاحية وبيان أحقيتها على غيرها من الحركات، وأيضا من أجل تفنيد الشبهات التي قد تطرح ضد هذه الحركات.
ونستنتج من ذلك ان المرحلة الأولى كانت حاسمة جدا ومفصلية بشكل كبير في توضيح الحقائق وإظهار النوايا الخبيثة التي تأسس عليها الإعلام الأموي، وكانت أيضا مرحلة مهمة جدا في تثبيت دعائم الثورة الحسينية، والرد على افتراءات الأمويين وإعلامهم الزائف. وهي مرحلة بداية الاعلام الحسيني الذي وصل الان الى كل بقاع الارض وعليه اثبت ان الاعلام له دور كبير جدا في نقل واستمرارية انتشار الفكر الحسيني، وكما ذكرت كان دور الامام زين العابدين والسيدة زينب عليها السلام دور محوري في هذه المرحلة المهمة من تاريخ الصراع بين البيت الهاشمي والبيت الأموي.
اعلام نقل السلبيات
وكان رأي الاعلامي كريم السيلاوي: هناك أعلامان اعلام نشر القضية الحسينية بشكلها الصحيح اعلام هادف عرف كيف يتعامل مع القضية واستطاع نشرها بشكل كبير في بلدان العالم بل واقناعهم بثورة الحسين (ع) وهناك اعلام نقل السلبيات لبعض المحسوبين على المذهب.
اخيرا: من خلال معرفة اراء ذوي الاختصاص حول تأثير الاعلام على القضية الحسينية نجد من خلال اجاباتهم ان هنالك بعض القصور في ايصال القضية الحسينية بالصورة الصحيحة الى العالم اجمع لذا يجب على القنوات التلفزيونية والاعلاميين ان يقتدوا بأعلام الامام السجاد الذي كانت حتى دمعته عليه السلام هو اعلام عن الامام الحسين عليه الاسلام ومظلوميته، ونحتاج الى اعلام رصين وقوي كقوة صوت السيدة زينب عليها السلام في خطبتها بمجلس يزيد عليه اللعنة. حتى ننشر صورة ثورة الحسين عليه السلام الى جميع بقاع الارض.
اضافةتعليق
التعليقات