في ظل توسع نطاق الثقافة وانتشارها بطرق مختلفة وعديدة إلا أن هناك دوامة الأسئلة التي تحكم تفكير الإنسان المحب للقراءة أو المبتدئ وتجعل الشخص لا يعرف مصب فكره في أي نهر ثقافي سوف يصب فيه، تشغله التيارات المتواترة بمختلف الخطوط والصفحات لتأخذ بأفكاره التي تشكلت من خلال المجرى الذي غذاه به.
فالقراءة عالم متنقل جميل جداً وواسع يسافر بك إلى العوالم التي ترغب بزيارتها في الواقع، فهناك كتب بعد اقتنائها ومعرفة محتواها تشعر بأن الكون بين يديك فمنها من يرتب بعثرة أفكارك ويجعلها ضمن اطار التفكير السليم ومنها من يرتب ركاكة مشاعرك، فالقراءة هي عملية مهارية تُصنَّف من أهمّ أنواع الوسائل التي تُسهم بشكلٍ كبيرٍ في التواصل بين الفرد والمجتمع، والقراءة هي ليست وليدة اليوم ولا اللحظة إنَّها موجودة كغريزة في الإنسان مذ خلقت السماوات والأرض وما بينهما.
وكثيرًا ما أصبحت القراءة في الآونة الأخيرة من أهم الطرائق التي يتخاطب بها العالم بأسره ووسيلة علاجية يستخدمها قسمٌ كبيرٌ من علماء النفس كعلاج لمرضى الانفصام وغيره، وهي الكلمة الأولى التي نزلت بها رسالة الإسلام وذلك لأنَّ ثقافة الأرض كاملة تقوم عليها، وهناك قول لعباس محمود العقاد يقول فيه "الكتب كالناس، منهم السيد الوقور ومنهم السيد الطريف ومنهم الجميل الرائع والساذج الصادق، ومنهم الخائن والجاهل، والوضيع والخليع... والدنيا تتسع لكل هؤلاء ولن تكون المكتبة كاملة إلا إذا كانت مثلاً كاملاً للدنيا".
فالتنوع في التفكير والاعتقاد لدى الناس ضروري لاستمرار الحياة لأن الحياة تقوم على أساس الاختلاف للتجاذب والتبادل بين الأفكار والثقافات، لكن على ألا يستهلك هذا التنوع وقت الانسان لإبعاده عن الروافد البنائية له، فالقراءة العشوائية عبئ تضاف على فكر الإنسان وقد تقوده القراءة إلى فقد زمام الفهم الصحيح والمنطقي أحيانا متأثرا بالأشياء التي لم يلتقطها بصورة صحيحة من الكتب.
ففي بداية الولوج إلى عالم القراءة لا بد من مراعاة قابلية العقل ومدى اتساع فضاءه فتبدأ بتحفيزه بروايات بسيطة ثم كتب تنموية مفيدة ثم تتصاعد بالسلم حتى تصل إلى قراءات عالية المعانِ والأفكار، وفي مقدمة كل ذلك وفي زمن أصبحتْ الأفكار فيه عشوائية أو مقصودة لتضيق الفكر الانساني حتى يرى نفسه موجودا كأي كائن في الوجود منساقا لغرائزه لا يفقه تنظيمها أو الأدهى منها أن يجد نفسه يؤمن بأنه كان نائما وصحا ليجد نفسه انسانا بعد أن كان حيوانا.
هذه المغالطات التي كُتِبتْ على أيدي لم تفقه من انسانيتها شيئا، تضرب موازين العقل الطبيعية وتجعل منه آلة للتلقي فقط دون العمل للتفريق بين الخطأ والصواب، فالأجدر بناء العقل بناءً سليما ثم الالتحاق بقراءات متنوعة حينها تسخر مما ستقرأ من أفكار، وهذا البناء أساسه وقوامه دراسة العقائد التي تثبتْ الانسان وتثقل عقله وتسلحه من كل تلك الأفكار الزائفة، وكتب العقائد كثيرة وأبسطها كتاب لا يتجاوز المئة صفحة يقي القارئ من شراذمة الكتب.
اضافةتعليق
التعليقات