نعيش اليوم في وسط متلاطمة الحياة التي تزداد ظُلماً وتيهاً يوماً بعد يوم لتشمل كل جوانب يومياتنا، فحين ننظر لجميع الاصعدة والشرائح وخاصة الشباب ، نلمس فيهم الضياع والتشتت.
فذاك الشاب الذي ذهب وراء عالم الانترنيت ومواقع التواصل الأجتماعي لايعرف ليله من نهاره ، لايدري الى من ينتمي ؟ وماذا يريد ؟
وتلك الفتاة التي أصبح جُل همها كيف تواكب أحدث صرعات الموضة والماركات ذا الشعارات الزائفة التي باتت تقتلُ في داخلها الهوية المُسلمة ، وتسلب منها تلك القناعة وتجعلها تلهثُ خلف الكمال الزائف والسعادة الكاذبة لتجد نفسها تغرق في بئر الضياع والسراب.
ومابين هذا وذي نجد دعامة المجتمع من فئة الشباب ضائعة في بحر الحياة،
ليكونوا طُعماً غنياً لأصحاب النفوس الفاسدة التي دأبها تمزيق هذه الطاقة العظيمة.
فالرغبة الجادة بالتحصيل الدراسي والحصول على أعلى الدرجات والمنافسة وروح الفريق والمشاركة في مُختلف المهرجانات الثقافية والابداعية بدت غائبة بين الشباب كأنها من تراث الماضي السحيق، ليحل محلها الفيس بوك والانستغرام وغيره من المواقع التي رغم كثرتها الا انها وجهان لعملة واحدة ، لتمر الساعات تلو الساعات على الشاب وتتساوى عنده الايام والشهور.
ففراغ الشباب وعدم توجهيهم بمدى اهميتهم وما هو المطلوب منهم، وبسبب البطالة وعدم الالتحاق بالمؤسسات الشبابية، أدى بهم الى أن يتجهوا الى مواقع الانترنت التي وجدوا بها ضالتهم فمع اختلاف رغباتهم وميولهم يجدون كل شي حاضر مابين ايديهم، فالشاب الان هو سجين للجهاز الذي بين يديه، فلا صلة للرحم ولاعلاقات اجتماعية ولا التفكير بالغير او محاولة المساعدة والنصح او العمل على تغيير ذاته وكسب الخبرة والمعرفة و الرغبة للسعي امامها.
فحتى الترفيه بالنسبة اليهم والذي اغلبه يكون بإرتياد المقاهي وغيرها هو الاخر لا يخلو من وجود الانترنيت لتجد الجميع يجلسون لساعات، مابين هاتفه المحمول غارقاً في عالمه الأفتراضي والذي لا يمتُ للواقع بصلة ودون أن يعي أين هو ؟
فاليوم مواقع التواصل الاجتماعي ووجود الانترنت هو واقع لا يمكن لنا نكرانه، والعمل دون الحيلولة عنه، والضرر الذي أدى بشبابنا هو اكثر بكثير من النفع منه.
ولهذا تقع علينا مسؤولية الانتباه الى الخطر الذي إجتاح بيوتنا وبات يخطف أزهارنا والحيلولة دون الهلاك المحتم بهم.
وهنا المسؤولية تقع على عاتق الجميع من الاهل وذوي الخبرات واصحاب المؤسسات وعلى كل الاصعدة لتوجيه الشباب وإيجاد البديل المناسب الذي يعد الحل الامثل لهذه المشكلة ولملىء أوقات الفراغ بالعمل الصالح والناجح الذي يرتقي بهم نحو الأعلى، فعلماؤنا الاتقياء عادةً ماكانوا يشددون علينا في أن نهتم بالشباب فما أن يصلُح الشاب صَلُحْ العالم بأسره وبالعكس ما أن هلك شاباً هلك العالم بأسره.
فعن أمير المؤمنين صلوات الله عليه قال الأحداث أسرع شيء إلى الخير.
فالدين الاسلامي والسنة النبوية وأهل البيت سلام الله عليهم، رسموا لنا الطريق الأمثل للسير عليه.
فالحائل دون أن يهوي شبابنا في رذائل السوء هو الايمان بالله واليوم الاخر والأعتقاد بأهمية الفرد في إيصال رسالته التي خُلق من أجلها.
وهذا يتم باعتناق العقائد الصحيحة عند الاولاد والبنات منذ الصغر وزرع القيم السمحة فيهم وهذه مسوؤلية الاباء بأن يعلموا أولادهم منذ صغرهم مخافة الله في السر والعلن ومحاسبة النفس، وأن لا يكون شغلهم الشاغل هو فقط توفير الملبس والمسكن والمأكل اللائق وترك الجوهر وهو المهم و الذي يجب العمل عليه، فالبذور التي تغرس منذ الصغر في نفوسهم ما تلبث الا أن تكون ثماراً يانعة لإعداد شبابًا قوياً لاتتمكن الريح من قلعه.
اضافةتعليق
التعليقات