"هذا وعد.. هذا وعد.. البصرة ما تسكت بعد"، حق.. حرية.. دولة مدنية"..
شعاران انطلقا من حناجر نسوية بصراوية قبل أيام.. في تظاهرات شبيهة بمظاهرات شباب البصرة ورجالها.
إنه الحق المشروع الذي كفله دستور البلاد.. دستور كُتب بعد سقوط الصنم، ولكنه مع ما عليه من مؤاخذات في كثير من مفاصله، لكنه أعطى الحق في التظاهر السلمي للمطالبة بالحقوق، وعليه فإن الواجب الوطني، هو مؤازرة هذه الأصوات الصاعدة والمطالبة بأبسط حقوق العيش الكريم.
إنه الماء ياسادة.. وهل هناك اكثر مشروعية من الماء واحقية الناس به، هو وباقي الخدمات التي هي من صميم واجب كل الحكومات أن توفرها لشعوبها؟.
ولقد صدحت بعض الأصوات الشاذة في تظاهرات البصرة الفيحاء، فرفعت شعارات تمّجد الطاغية المقبور.. هل هو حنين الى الماضي ياترى؟ أم أن هناك أيادي بعثية تؤجج الوضع بما يزيده تعقيدا وتأزما؟.
لا ينبغي أن نعجب من رفع هذه الشعارات وغيرها في تظاهرات البصرة، لأن الحكومات المحلية المتعاقبة لم توفر ادنى متطلبات الحياة الكريمة للشعب البصري.. لقد أدارت ظهرها لكل الحقوق الشعبية بل انها تحاول كسر شوكة البصريين عبر الإهمال المتعمّد لكل مرافق الحياة.. والأنكى من ذلك هي محاولة معاقبتها بشكل جماعي لأنها رفضت الذل والهوان والقبول بالأمر الواقع.
لقد طفح الكيل بشعبنا بسبب السياسات اللامنصفة، والتي تتبعها الحكومة، إذ لا توظيف ولا خدمات ولا ماء ولا كهرباء ولا هم يحزنون!.
وهي البصرة أم الخيرات، ملتقى عناق النهرين الخالديْن دجلة والفرات.. هي وليس غيرها من يمتلك أكبر احتياطي بترول في المنطقة، لكنها اليوم تئن من العطش، ومن كثرة الأمراض والأوبئة وازدياد نسبة الملوحة في مياه شط العرب.. العصب الرئيسي لتغذية أبناء المحافظة، أدت هذه الملوحة المرتفعة الى شيوع حالات تسمم بالآلاف.. لقد لاقت البصرة الفيحاء الأمرّين من سلطة الاحزاب الدينية المتسلطة على رقاب ابنائها.. ان يصل الامر للمناداة باسقاطهم واستبدالهم بعلمانيين هو الحل الذي يرونه مخرجا لكل ازماتهم..
وكما نعلم جميعنا ان هؤلاء الشباب عاصروا فترة سقوط الطاغية، ولم يدركوا تلك الفترة الظلامية التي حكم بها البعث الشعب العراقي بقبضة الحديد والنار، لكنهم سمعوا بظلمه وجبروته بكل تأكيد.. إلا ان حكومات ما بعد السقوط وبما مارسته من سياسة ممنهجة لإذلال الشعب وتجويعه بيضّت وجه الطاغية، فما كان من الشباب سوى رفع الصوت المنادي: بالروح بالدم نفديك ياصدام!.
فهو ليس حنينا للماضي، بقدر ما هو يأس من الإصلاح.. انهم يرفعون اصواتهم لنصرة صدام ليس حبّا به.. بل بغضا بكل الأحزاب المتأسلمة. والتي نخر الفساد في كل اوصالها، حتى أعيت الحيلة كل مصلح يروم الإصلاح.. وصدق الشاعر ابن حمام الأزدي إذ قال:
كالثوب ان أنهج فيه البلى
أعيا على ذي الحيلة الصانعِ
كنّا نداريها وقد مُزّقت
واتسع الخرق على الراقعِ.
اضافةتعليق
التعليقات