اليوم وبينما كنت أتصفح بجوالي وأتابع عبر مواقع التواصل الاجتماعي للاطلاع على آخر الأخبار استوقفني منشوراً كان كاتبه يتحدث عن نسبة الطلاق في العراق خلال شهر كانون الأول 2020 وكان الرقم على ما أظن 2000 حالة طلاق في عموم العراق خلال شهر واحد.
أُصبت بهلع وخوف من هذا الرقم الكبير. مماجعلني أبحث في محرك البحث كوكل للتأكد من الرقم لعلي أجد نسبة أقل، وأول مابحثت في موقع مجلس القضاء الأعلى لأخذ الاحصائية الدقيقة، دخلت على الموقع وتحديدا انفوغراف الزواج والطلاق خلال شهر كانون الأول 2020، لن أتحدث عن نسبة الزواج فتلك مصيبة ولكن المصيبة الأكبر نسبة الطلاق الحقيقية كانت 6582هذه هي الصدمة الكبيرة، فقد كان بداخلي أملاً أن يكون الرقم أقل ولكن مع الأسف كان أكثر مما توقعت، طبعا تحدثت عن تفاصيل أخذ المعلومة ربما المتلقي لن يصدق مثلي هذا الرقم الهائل حتى يبحث بسهولة.
أتعلمون هذا العدد ماذا يعني، يعني 6 آلاف امرأة في مصير مجهول أمام مجتمع ظالم خلال شهر واحد ولن أقول جميعهن لديهن أطفال لنفترض جزما نصف هذا العدد يمتلكن أطفال يعني على حسب تقديراتي الشخصية ثلاث آلاف طفل خلال شهر واحد تتمزق عائلته ويفرض عليه البقاء مع أحد والديه في ظل غياب جزئي أو ربما كلي للآخر.
إن الانفصال أو الطلاق بحد ذاته قرار صعب جدا، وعندما يكون للزوجان أطفالا، فإن الأمر يكون أشد صعوبة وألماً للأطفال فقد يتسبب الطلاق في انعدام الشعور بالأمن والحماية اللذان يتوفران في جو الأسرة بوجود الوالدين. وتشير الدراسات إلى أن الطلاق يمكن أن يكون مدمرا بالنسبة للأطفال تماما كوفاة أحد الأبوين.
وربما وفاة أحد الأبوين أقل ألماً. لأنه أمر رباني ونستطيع أن نتحدث عنه مع أطفالنا.. ولكن كيف سيتحدث أحد الأبوين مع ابنهما عندما ينفصلان عن بعض ويشعران ابنهما بشعور اللاأمان وعدم الاستقرار والخوف من مستقبل مجهول، كيف سيقتنع الطفل أن ابتعاده عن أمه أو والده وغياب جو الاستقرار الأسري أنه حلاً أمثلاً للعيش، كيف لا يحمل والداه المسؤولية حول هذا التشتت الأسري الذي يعيشه بإرادتهما واختيارهما.
فعندما يقرر الآباء الانفصال بسبب فتور العواطف بينهما فإن الطفل تكون الصدمة عليه كبيرة وكأن العالم انقلب رأسا على عقب. وطبقًا للجمعية الأمريكية لطب الأطفال فإن معظم الأطفال يعانون بعد انفصال والديهما على المدى القصير من المشاعر السلبية، والرجوع لمرحلة عمرية سابقة، أما على المدى البعيد فهم يعانون غالباً من مشاكل أكاديمية، وعاطفية، واجتماعية، وسلوكية وفق موقع اضاءات.
هنالك قرارات صعبة في حياة كل انسان وقرار الزواج ضمن هذه القرارات فمجرد أنك تختار شخصاً يقاسمك الحياة هذه مهمة صعبة ومعرفة طباعه وكيفية الانسجام مع شريك الحياة في أمور وتفاصيل مهمة يجب التركيز عليها قبل الشروع في الزواج، ولكن يؤسفني أنني ألاحظ في مجتمعاتنا العربية والمجتمع العراقي على وجه الخصوص لا يوجد أي اهتمام في قرار الزواج فأغلب الزيجات تقليدية وعدم الاهتمام بتفاصيل الأمور الأمر الذي يجعل بداية هذه العلاقة هي بداية غير موفقة ونهايتها سريعة.
ومابني على باطل فهو باطل وخير دليل على كلامي أن نفس شهر كانون الثاني كانت نسبة الزواج في عموم العراق 28302. ومن خلال استخراج النسبة المئوية مابين الزواج والطلاق تَبيّن أن أكثر من 23% من حالات الزواج قد انتهت بالطلاق، أي أنه لكل 4 زيجات زواج تنتهي واحدة منها بالطلاق تقريباً. وفق موقع رووداو.
هنا تستوقفك أسئلة وهي لماذا كانت نتيجة هذه الزيجات الطلاق؟ لماذا لم يستمرا مع بعضهما؟ هل أغلبهم ارتبطوا عن قناعة تامة واتخذوا هذا القرار بكامل ارادتهم؟. هل كانت شروط الزواج متحققة في جميعهم؟ هل جلس الرجل والمرأة قبل الزواج ووضعا خارطة طريق لمستقبلهم القادم أم انشغلا بتوافه الأمور ولم ينتبها على اختلاف التفكير بينهما وصعوبة التفاهم.
ومن بعد الزواج هنالك قرار جدا جدا مهم وعلى كل متزوج ومتزوجة أن يفكروا مئة مرة قبل اتخاذه أو الشروع به وهو قرار ولادة طفل، فالزوج أو الزوجة عندما خاضوا تجربة الزواج وهم بدون قناعة كافية وعندما ركزوا على الأمور السطحية أكثر من الأمور المهمة والمصيرية كان الأمر يخصهم وهم من خاضوا هذا الاختيار الخطأ وعواقب فعلتهم هم يتحملوها، ولكن بعد هذا القرار يقعون في فخ قرار أكبر وأكثر خطورة وهو انجاب الأطفال، يجب أن يعطوا لأنفسهم فرصة التعرف على بعض ومدى قبولهم إلى بعض ومدى استقرار حياتهم وبعدها يفكرون بانجاب طفل لا ذنب له سوى أنه ضحية القرارات الخاطئة التي تبدأ بالظهور مع مرور الزمن.
وفي نهاية المطاف يروا أن الحياة مستحيلة بينهم وبعد حصيلة على مايقل طفل أو طفلين يقرران بكل برود الانفصال لأن كرامتهم لاتسمح لهم أو أنهم تعبوا.. وماذنب هؤلاء الأطفال الذين أصبحوا عبئاً عليكم وتسببتم بأذيتهم نفسيا وعاطفيا.
وبحسب مانشر على موقع BBC فقد أكدت دراسة أعدتها الأكاديمية الأمريكية للصحة النفسية للأطفال والمراهقين، أن "الأطفال يشعرون بالخوف والارتباك نتيجة إحساسهم بأن الطلاق يهدد أمنهم. وقد يعتقدون خطأً أنهم السبب وراءه. إضافة إلى ذلك، قد يشعر العديد منهم أن عبء إعادة العلاقة بين الأبوين يقع على عاتقهم، مما يزيد من الضغط النفسي عليهم".
لذا حافظوا على بيوتكم من الانهيار وحافظوا على أطفالكم من الضياع، فأطفالكم أمانة في أعناقكم، صونوا أماناتكم وكونوا أهلا لها.
اضافةتعليق
التعليقات