تمر الزوجة أحيانا بمراحل مختلفة، مرتبطة بالتجارب والمواقف والتغيرات الفكرية والجسمية في حياتها الزوجية، تأتي تدريجيا فترة بعد فترة ولا تقاس بوقت، وما تحمله كل مرحلة من مشاعر وأفكار وردود أفعال وأحكام تنعكس في التعامل مع الزوج.
وفي الغالب أول المراحل التي تعيشها الزوجة، مرحلة الحب والاهتمام ومساحة كبيرة من التوافق في المسائل الحياتية، وليس شرطا أن يكون عنصر التفاهم قائما في جميع الآراء والتوجهات، إلا إن حبها يهيئ عقلها لمعالجة تجربة أو موقف بما يرضي الزوج ويدفعها لتذليل العقبات وتقديم التنازلات برحابة صدر، والسعي لتجاوز المحن والمصاعب، مثلا بعضهن تسامحه على أخطائه أو خيانته وتتجاوز رغم شعور المرارة والألم إكراما للحب الذي تكنه لذلك الزوج، وعندما يخفت وهج المحبة، وتتهاوى ركائز العلاقة بينهم، ويتوقف العطاء، تندم وتشعر بالغبن والغباء لأنها سامحته يوما ما.
فطبيعة المرأة تسامح بسهولة وتنسى ما يجرح مشاعرها بصعوبة، ومنهن من تعيد حساباتها لتضيف الفعل الجارح القديم لقائمة أفعاله ومواقفه العنيفة والسيئة، وتخلق الحواجز وتكثر بالعتاب وتفكر بالعقاب بطرقها الخاصة كشيء من رد الاعتبار وهي بهذا ربما دخلت مرحلة الكره.
ومرحلة الكره هو الشعور بنهاية الشوط واليأس من إصلاح العلاقة ومعالجة المشاكل وانعدام لبنة الحب وعدم الاهتمام، واللامبالاة الصفة الغالبة على تصرفاتهم، فالزواج الناجح يقف على ساقين أحدهم الاهتمام والآخر الثقة فإن ماتت الأولى لحقتها الثانية.
فيصل الأمر أنها لا تطيق النظر إليه، ولا يثير كلامه اهتمامها ويشعرها بتململ، لأنها تراه ليس أهلا للكلام الصحيح، مثلا إذا تكلم عن السعادة الزوجية وينتقد الخيانة أو يتحدث عن العدالة أو الدين أو السلوك المتحضر، ترفض الاستماع ورفضها نابع من معرفتها بفشله في أحد هذه القضايا التي يطرحها أو جميعها، وتبقى المصالح المشتركة هي الروابط التي تجبرها أن تعيش معه تحت سقف واحد.
ويشكل الأبناء أقوى رابط، فهم السبب الأكبر في دخول المتزوجين دائرة الخلافات على طريقة التعامل والتربية ومستقبلهم، في الوقت ذاته يبعد فكرة الطلاق التي تراودها وتتمناها مع كل شجار، ويأتي بعدها الخوف من الملامة والشماتة الظاهرة والكامنة من المحيطين والمعارف والأقارب، والخوف من فقدانها الاستقرار المادي أو الوحدة أو الفشل في إعادة تجربة الزواج..... الخ.
وهناك مرحلة شديدة الحساسية تعيشها بعضهن تتوسط بين مرحلة المودة والألفة والنفور والكره، يسميها خبراء في علم النفس (منطقة اللا حب)، فتكون الزوجة حذرة من الاتجاه نحو الكره، فهو نهاية للاستقرار العائلي والنفسي لديها، فتساير الزوج وفي الغالب يكون الكلام الطيب بينهم مصطنعا. فتتمسك بالأمل المتوقد في داخلها لتحقيق أهداف وطموحات مشتركة إن تكون مادية أو تخص مستقبل أبنائهم.
كما يصعب عليها استرجاع مشاعر الحب السابقة مهما حاولت إقناع نفسها، وتتحول أغلب التعاملات بينهم مع مرور الوقت لتأدية الواجب وإعطاء الحقوق، ويأتي هذا نتيجة تراكم التعامل القاسي، أو تعرضها لانكسار أو صدمة، مثلا اكتشاف صفات سيئة اظهر عكسها خلال علاقة الحب إذا كانت هناك علاقة سبقت الزواج أو فترة الخطوبة أو بداية الزواج، فالعشرة مهما طالت لا تولد حباً إذا كانت مصحوبة بعدم التفاهم إلا أنها تخلق مشاعر متولدة من الاعتياد، يؤدي إلى القبول على مضض في الاستمرار، وشبه سيد الأوصياء (صلى الله عليه وآله وسلم) المرأة بالقوارير لسهولة كسرها وصعوبة ترميم مشاعرها، فتكون مشاعرها متذبذبة تشعر بالمقت وتتمنى أن تفارقه دهرا مع كل خلاف، وتأنس بالحديث والمزاح معه في وقت الرضا.
وليس بالضرورة أن تبحر وتجرب كل المراحل، لعل مرحلة تدوم طيلة فترة حياتها الزوجية، وللزوج المسؤولية في المشاركة وتغذية المرحلة التي تمر بها الزوجة.
اضافةتعليق
التعليقات