تشتكي أغلب النساء من حياتها الزوجية بأنّها تقضي أغلب وقتها في المنزل وهي ملتزمة بالقيام بأشغاله كالترتيب وإعداد الطعام وتنظيف البيت وتربية الأولاد، فنراها تئن من الشكوى من كثرة الأعباء الملقاة على عاتقها دون حمد أو شكر من الرجل، فكثير ما نسمع إحداهن تثرثر "الدين مفصل للرجال"، "حلال على الرجال أن يخرجوا من البيت ويستمتعون ونحن لنا الهم والشقاء"، "تعبت من أعمال البيت ولا أحد يقدر ذلك" وتنسى قول الله تعالى: ((أَنِّي لَا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِّنكُم مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى)) آل عمران: 195 وتنسى أن لها الأجر الكبير عند الله.
فقد تكفلت بعض التعاليم الدينية بشرح وبيان عظمة الدور الذي تؤديه الزوجة وقيمة الأعمال التي تقوم بها من وجهة نظر الإسلام وقد اعتبر عمل المرأة في البيت من الأعمال التي تستحقُ عليها الأجر، والرواياتُ كثيرةٌ في هذا ـــــــــــــــ وهي تؤكد استحباب عمل الزوجة في بيتها، وما يترتب عليه من أجر وثواب عظيم إذا ما كانت نيتها خالصة لوجه الله ، فكما يستحب، أن تنوي القربة إليه سبحانه في كل ذهاب وإياب، كذلك عليها ب (نية القربة) في كل عمل منزلي تقوم به، وبذلك تنال من الثواب ما لا يعدّه العادّون.
أهم الأحاديث التي تبين ثواب عمل الزوجة في المنزل:
1. قال الإمام علي (عليه السلام): (جِهادُ المرأة حُسنُ التبعُّل).
إن جهاد المرأة و حسن تبعلها يتمثل في طاعة المرأة لزوجها و تقدير ما يقوم به من أعمال، و محادثته بتوددٍ و رفق، و الصبر على ما يعانيه من فقر و قلة ما في اليد، و الاقتصاد في الإنفاق و عدم فرض ما يخرج عن طاقة الرجل ، و الترحيب به و استقباله عند الباب و توديعه عند خروجه ، و التزين له و غيرها ، و نلاحظ أن كلام الإمام علي (عليه السلام) كان تكريمًا للمرأة حيث أنه لم يحملها مشقة الخدمة والعمل في المنزل واعتبر أجر ما تقوم به من أعمال في رعاية بيتها كأجر الجهاد في سبيل الله.
2.عن الإمام الصادق (عليه السلام) : ( أيُّما امرأة خَدمت زوجها سَبعةُ أيام أغلقَ اللهُ عنها سبعةَ أبواب النارِ وفتحَ لها ثمانيةَ أبوابَ الجنةِ تدخلُ من أيّها شاءَت. ) (وسائل الشيعة ج7) .
إياكِ أن تستمعي لما قد يقوله البعض من أن عمل الزوجة في منزلها و خدمة زوجها ليس واجباً عليها ، فقد أعدّ اللَّه تعالى على تلك الأعمال ثواباً جزيلاً وحثّ على الالتزام بها حيث أن المرأة التي تخدم زوجها سبعة أيام بنية خالصة لوجه الله يفتح الله لها أبواب الجنة تدخل من أي باب تشاء (فما بالك بالمرأة التي تخدم زوجها طوال عمرها و تنوي بعملها القربى إلى الله .. طوبى لها!! ) ، بالإضافة إلى أن القيام بهذه الأعمال يلعب دوراً هاماً في تنمية عوامل المودة والاستمرار في الحياة الزوجية .
3.عن الإمام الصادق (عليه السلام) : سألت أم سلمة رسول الله عن فضل النساء في خدمة أزواجهن ؟ فقال : ( أيما امرأة رفَعَت من بيتِ زوجِها شيئاً من موضعٍ إلى موضعٍ تريدُ به صلاحاً إلا نظرَ اللهُ إليها , ومن نظرَ الله إليه لم يعذبه) (البحار ج103) .
و يقصد بهذا الحديث ترتيب البيت (كأن ترى قدحاً في الغرفة و ترجعه إلى المطبخ) ، حيث من قامت بترتيب بيتها نظر الله إليها و كم منا يتمنى نظرة من الله ترعاه و تحرسه في الدنيا و الآخرة .
4.عن الإمام الصادق (عليه السلام) : (مَا مِن امرأة تسقي زوجَها شربةً من ماءٍ إلا كانَ خيراً لها من عبادةِ سنةِ صيام نهارِها وقيام ليلها ويبني اللهُ لها بكلِ شربةٍ تسقي زوجَها مدينة في الجنة وغفرَ لها ستين خطيئة .) (وسائل الشيعة ج20 ص172) .
حيث يتحدث الإمام هنا عن شيء صغير ذي أثر كبير و هذا يدل على أهمية الاستقرار الأسري في الإسلام و خلق السكن و الأنس بحيث أعطى هذا الثواب الجزيل للمرأة مقابل شربة ماء تسقي زوجها.
5.وعن رسول الله (صلى الله عليه وآله) : "... ما من امرأة تكسو زوجَها (أي تلبسه ثيابه) إلا كَساها اللهُ يومَ القيامةِ سبعين خلعةً من الجنةِ ، كلّ خِلعة منها مثل شقائقُ النعمانِ والريحانِ ، وتُعطى يوم القيامة أربعين جاريةً تخدمها من الحورِ العين" جامع أحاديث الشيعة، ج20، ص 242.
و في الختام عندما نتأمل ما ذكره النبي الأكرم و أئمة الهدى سلام الله عليهم من تعليمات هامة في سبيل سعادة الأسرة، نرى أن الإسلام يحثنا على الاهتمام بالشأن الأسري و يهدف إلى صناعة أسرة مُتحابة متعاونة متفاهمة في ما بين أفرادها كونها اللبنة الأساسية التي اعتمدها الإسلام في بناء المجتمع و لأن علاقة الزوجين مع بعضهما لها التأثير المباشر على تربية الأولاد.
إذ إن الطفل كالجهاز اللاقط يلتقط ما حوله بدقة ويختزنها في لا وعيه ، لذا تحث هذه الأحاديث المرأة و تشجعها على خدمة الزوج و البيت بكل حب و نية صادقة و أن تخدم بيتها بحماس كونها تدرك ثواب ما تفعل ، حيث أنها بأعمال روتينية اعتادت المرأة على عملها تستطيع أن تكسب من الأجر ما لا تتوقعه ، و هذه المسائل تزيد في فعالية الرجل والمرأة داخل وخارج الدار، وتجعل من المنزل محلاً للسرور والحبور و بذلك نضمن سعادة الزوجين أولاً ، و بالتالي نضمن تأثير هذه السعادة على سعادة الأطفال كي يتربوا أولاداً صالحين.
اضافةتعليق
التعليقات