هل تواجهين صعوبة في طلب ما يلزمك من العلاقة الزوجية؟ هل تخافين أن تتفاقم الأمور وتنتهي بمواجهة سيئة؟ هل أنتِ غير متأكدة مما يلزمك من الإنسان الذي تشاركينه حياتك؟ هل أنتما واضحان تمامًا مع بعضكما بخصوص حاجتكما الفردية؟ لا شك أن علاقتكما ستنمو وتتطور حين تُشبَع حاجتكما، ولكن تذكّرا أنه يوجد بون شاسع بين الحاجات والرغبات والأمنيات.
ولجعل الفكرة أكثر سهولة ووضوحًا، يمكن تشبيه هذا الاختلاف بالشعور بالجوع والشهية المفتوحة؛ فالجوع حاجة يجب تلبيتها، أما الشهية فرغبة. لذا يجب عدم الخلط بين الأمرين حين تطلبين شيئًا من زوجك. تأكدي أن حاجاتك حقيقية، وألهمي الإنسان الذي تحبينه للوفاء بهذه الحاجات. ولا شك أن نصفك الآخر سيستجيب لحاجاتك أكثر من رغباتك؛ فعندما تحتاجين حقًا إلى شيء ما، فإن الإنسان الذي يهتم بك سيشعر بذلك ويسارع إلى تحقيقه. فنحن نبذل قصارى جهدنا لمساعدة من نحب. ولكن كوني حذرة، لأنك إذا كنتِ تريدين شيئًا من أجل الرغبة في ذلك فحسب، فإن شريكك لن يشعر بالحماس لفعل ذلك.
وفي المقابل، كن مسؤولًا عن تحقيق طلباتك، لأن زوجتك غير ملزَمة بها. ولأن مثل هذه التصرفات قد تؤذي زواجك، تأمّل جيدًا الدافع والسبب المؤدي إلى هذه التصرفات. فقد نقع فريسة لرغبات شريكنا، وقد نوقن حقًا أنه بحاجة إلى نيل هذه الرغبات. ولهذا علينا توخي الحذر عندما نطلب من شريكنا تحقيق هذه الرغبات، وألّا نطلب سوى ما يلزمنا فعلًا.
لا شك أن الجزء الأصعب من هذه العملية هو تحديد الحاجات وفصلها عن الرغبات، ما قد يُمثّل تحديًا كبيرًا لأن كلا الأمرين متشابهان بالنسبة إليك. إن عملية الفصل هي عملية عاطفية وجسدية؛ لذا يتعين عليكِ أن تعرفي الحاجات الحقيقية حتى لا تشعري بالإحباط، أو تُلحقي الأذى بزوجك وعلاقتك به. أما إذا كنتِ تخلطين الرغبات بالحاجات، وتعتقدين دائمًا أن حاجاتك لا يُستجاب لها، فإنك لن تُحققي التوازن والسعادة في حياتك.
تذكّري أنك لن تستطيعين التحدث عن الموضوع بموضوعية إلا بعد التحقق من حاجاتك، وتأكد من أن طلبك معقول. وفي حال أحسّت زوجتك أن هذا الطلب غير ضروري وتافه، فإنها لن تكون مستعدة لتحقيقه من أجلك. وبالمثل، لا تطلبي من زوجك أن يُحضِر لك القمر، وإذا أردتِ قضاء وقت شاعري مع زوجك، فاجلسي معه على الشرفة وشاهدا النجوم معًا. وإذا كنتما تحظيان بعلاقة ودّية، فإن زوجك سيسارع إلى تحقيق طلبك وهو ممتن. وفي حال حددتِ ما تريدينه من زوجك، فاحرصي على إخباره بذلك؛ لأنه غير قادر على قراءة أفكارك. سوف تجدين الأمر سهلًا جدًا، وسوف تحصلين على حاجاتك إذا كنتِ واضحة وصريحة حيالها. ولكن أظهري لزوجك بعض الاحترام والتقدير.
وهذه بعض الإرشادات التي تساعد على تحقيق ذلك:
عبّر عن حاجاتك بلطف، ولا تُلقِ اللوم على زوجتك لأنها لم تفِ بطلباتك التي لم تُعبر عنها.
كوني إيجابية وصريحة، واطلبي إلى زوجك أن يعانقك أو يُمسك يدك حين تشعرين بالحزن أو الخوف؛ فالشعور بالارتياح عند الإفصاح عن الحاجات هو الخطوة الأولى لتحقيقها.
اطلب ما تريد من زوجتك بهدوء ورويّة، وتأكد أنها لن ترفض طلبك رفضًا مجردًا، وكن واثقًا أنها ستحققه إذا سألتها بصدق وعفوية.
كن واضحًا فيما تطلب، ولا تُعقّد الأمور بالتحدث عن قضايا طفولتك؛ لأنها لن تُجدي نفعًا. تحدث فقط عن مشاعرك الخاصة، وتجنب مضايقة زوجتك بسبب شعورك السيئ، وتحدث إليها باحترام، وسترى أن حاجاتك سوف تُلبى عاجلًا أو آجلًا.
اجلس مع زوجتك في الغرفة نفسها؛ لأن القرب منها هو أفضل وسيلة لتعريفها بحاجاتك والوفاء بها. وفي حال لم تكن في المنزل، فاتصل بها. ولكن اعلم أن الاتصال المباشر هو أفضل طُرق التواصل. قل لنفسك إنك تتصل بأقرب إنسان إليك، وإن هذا الإنسان سيستمع باهتمام لما يجول في خاطرك. كن قريبًا منها؛ لأن حديثك إليها عن الألم والأسى سيُخلصك منهما، ولأن إصغاء شريكتك إليك يزيد علاقتكما قوة وصلابة. أخبرها بما تريد بذكر بعض الأمثلة، وقل لها إنك ستكون أكثر سعادة إذا أنجزت ما تريد، وتذكّر أن هذا النقاش يساعدها على فهم حاجاتك ومعرفتها.
قد تشعر بالخجل عند التحدث في هذا الموضوع، وهذا أمر جيد لأنك تهتم برد فعل زوجتك عندما تخبرها بما تريد. ولكن اعلم أنه ليس من الحكمة التحدث في أمر جاد من دون التمهيد له، ولا سيما إذا كانت الزوجة لا تستجيب لطلبات الآخرين، حتى لو كان أحدهم زوجها؛ لذا حاول معالجة الموضوع بطريقة سلمية ولطيفة. اسألها إذا كان الوقت مناسبًا للحديث، وستدرك سريعًا أن هذه المقدمة تصنع المعجزات. يمكنك أيضًا إخبارها أنك تود التحدث إليها بوصفك زوجًا إذا كان لديها وقت لذلك. وفي حال رفضت، فاطلب إليها تحديد الوقت الذي يناسبها للحديث، وتأكد أنها حددت موعدًا لنقاش الموضوع، لكي لا ينتابك شعور بالإهمال.
من جانب آخر، فإن الأشخاص الذين يُفضّلون التزام الصمت أو يتوقعون من الآخرين معرفة حاجاتهم، يشعرون بانعدام التوازن في علاقاتهم؛ لأن قلوبهم تظل موشّحة بالألم والحزن. فهؤلاء الأشخاص يُفضلون الانسحاب بدلًا من الإفصاح عن حاجاتهم، ما يجعلهم عرضة للتوتر والقلق بسبب الشعور السيئ الذي ينتابهم طوال الوقت.
سوف تكون الحياة عظيمة جدًا لو استطعنا العيش منعزلين عن العالم كله بحيث نفي بحاجاتنا العاطفية من دون دعم أي شخص. ولكن لو أن الحياة وُجدت لتسير على هذا النحو، لما شعرنا بحاجتنا إلى منح الحب وتلقيه. فحين تحظى بدعم عاطفي كافٍ، يمكنك مواجهة متطلبات الحياة كلها، وإلّا تصبح الأعباء أكبر، وتقل قدرتك على تمييز الأشياء الجيدة في الحياة.
والواقع أنه إذا لم يكن زوجك مستعدًا أو موجودًا للوفاء بحاجتك أو مساعدتك على تحقيقها، فإنك ستُعانين بعض الألم. وحتى لو شعرتِ أنك بحاجة إلى المساندة، فإن عليكِ التخلي عن حاجتك مؤقتًا والنظر في حاجات زوجك ومساعدته على نيلها قبل تحقيق رغباتك ومرادك. تذكّري أننا قد نضطر أحيانًا إلى وضع ألمنا جانبًا لنتمكن من التعامل مع القضايا الملحة والطارئة. وبالرغم من أن هذا أمر مقبول، إلا أنه مزعج بعض الشيء. ولكن الحديث والنقاش عمومًا يُعالجان المشكلات كلها، ويُلبّيان حاجات الزوجين.
ختامًا، فإن الوفاء بالحاجات ليس أمرًا مستحيلًا، وهو أسهل بكثير مما تتوقعين؛ إذ يبدأ الأمر بمعرفة هذه الحاجات، ثم جلوس الزوجين معًا لمناقشتها بلطف وصراحة. فحين يحبك إنسان، فإنه سيبذل قصارى جهده لمساعدتك على تحقيق ما تحلمين به، وكل ما عليكِ فعله هو التحدث عن ذلك فحسب.
اضافةتعليق
التعليقات