في مواجهة ارتفاع الإصابة بجدري القرود، قررت منظمة الصحة العالمية عقد اجتماع طارئ لمناقشة الوضع. هذا لا يعني أن البشرية مهددة بوباء جديد، وإنما بعض المجموعات تحتاج إلى الحماية في مواجهة المرض أكثر من غيرها. فكيف نحقق هذا؟
فيروس الجدري
لفيروس الجدري عدة أنواع، من بينهم جدري القرود. وتتم الإصابة بجدري القرود بسبب الاتصال بحيوان حامل للفيروس أو بشخص مصاب.
سُجلت حالات الإصابة بمرض جدري القرود في 40 دولة حول العالم، من ضمنها المملكة المتحدة، و ألمانيا وإسبانيا. ودعت منظمة الصحة العالمية لاجتماع طارئ لمناقشة الوضع.
ويناقش الخبراء خلال الاجتماع ما إن كان المرض يشكل تهديدًا واسعًا على الصحة العامة. ويمكن للمنظمة إعلان ما يسمى بـ ”حالة طوارئ ذات اهتمام دولي"، ولكن يتوقع خبراء أن يستغرق القرار عدة أيام.
لا قلق بشأن جائحة أخرى
وفي حال أعلنت منظمة الصحة حالة الطوارئ، فسيعني ذلك أنه على الأطباء الانتباه وإخبار مرضاهم عن الفيروس. ومع ذلك، من غير المرجح أن يتطور جدري القرود إلى جائحة. فعلى عكس سارس كوفيد 2، ينتقل الفيروس المسبب لجدري القرود فقط عبر الاتصال الوثيق بشخص مصاب به.
كيف ينتقل جدري القرود للبشر؟
على الرغم من اسمه، لا تعتبر القرود مضيفا طبيعيا للفيروس. ويعتقد الباحثون أن المضيفين الرئيسين، والمعروفين بـ ”الخزانات"، هي فصائل من القوارض مثل الجرذان الغامبية وحيوان الزغبة والسناجب الأفريقية.
ومن المرجح أن يكون الفيروس قد وصل للبشر في سبعينيات القرن الماضي عبر لحوم الطرائد أو الإصابة بلدغات أو خدوش من حيوانات حاملة للفيروس. ويقول خبراء إن تفشي جدري القرود هو ثمن زيادة الاتصال المتكرر بين البشر والحيوانات البرية بسبب الصيد الجائر وإزالة الغابات.
ويعتبر نقل الحيوانات حول العالم سببًا رئيسيًا لانتقال جدري القرود للدول خارج إفريقيا. فعلى سبيل المثال، تتبع الخبراء تفشيًا محدودًا عام 2003 في الولايات المتحدة الأمريكية بسبب قوارض تم نقلها إلى متجر للحيوانات الأليفة هناك من غانا.
لا تزال الألية المحددة لانتقال الفيروس غير معروفة، ولكن من المعتقد أن الفيروس يدخل للجسم عبر كسر في الجلد أو الجهاز التنفسي أو العين أو الأنف أو الفم. ويحدث الانتقال بين البشر في المقام الأول من خلال الاتصال عن قرب بشخص مصاب.
كيفية منع انتقال العدوى
يجب على أي شخص كان على اتصال بأشخاص مصابين بالفيروس، كأطقم الرعاية الصحية والأطباء أو الأشخاص على صلة قرابة أو صداقة بحالات إصابة مؤكدة، حماية أنفسهم من الإصابة بالمرض.
وتقول منظمة الصحة العالمية أن أهم الخطوات التي يجب اتباعها لمنع انتقال العدوى هي: تجنب الاتصال الجسدي مع المصابين المحتملين، استخدام الواقي أثناء العلاقات الجنسية، الغسيل الجيد لليد بالماء والصابون، السعال والعطس في ثنايا الذراع.
التطعيم ضد الجدري للوقاية من جدري القرود
حصل الكثير من الأشخاص، ممن تزيد أعمارهم الآن عن 50 عاما، خلال طفولتهم على التطعيم ضد الجدري، والذي يتسم بأعراض مشابهة لأعراض جدري القرود.
ويعتقد الأطباء أن التطعيم ضد الجدري يمكنه الحماية من الإصابة بجدري القرود بنسبة فاعلية تصل إلى نحو 85 بالمئة. وحتى إن لم يحمي التطعيم من الإصابة بالفيروس، يرى الأطباء أن الأشخاص الملقحين يتمتعون بحماية أفضل من حالات العدوى الشديدة.
وحصل لقاح الجدري Imvanex على الموافقة للاستخدام كحماية ضد جدري القرود في عدة دول. وبالرغم من ذلك لا ينصح الخبراء حاليًا بتطعيم الجميع، وإنما المجموعات الأكثر عرضة لخطر الإصابة فقط. وتوصي اللجنة الألمانية الدائمة للتطعيم (STIKO) بالتطعيم في الحالات التالية: للأشخاص الذين كانوا على اتصال وثيق بشخص مصاب، أو كحماية للأشخاص الأكثر عرضة للخطر كالعاملين في المختبرات والمسؤولين عن فحص عينات جدري القرود.
ويتكون التطعيم من جرعتين يشرف المتخصصون على وجود فارق زمني بينهما يصل إلى 28 يومًا على الأقل. أما بالنسبة للأشخاص المعرضين لخطر الإصابة ممن حصلوا خلال طفولتهم على التطعيم، فإن جرعة واحدة من التطعيم تعد كافية لتحسين الاستجابة المناعية لديهم.
عزل المصابين
في حالة ظهور أعراض كالطفح الجلدي والحمى وآلام الرأس والمفاصل على الشخص، فمن المحتمل أن يكون مصاب بجدرى القرود. ويجب على المتضررين الاتصال بالطبيب وسلطات الصحة المحلية فورا.
كما يجب علي المصابين عزل أنفسهم عن الآخرين لحين اختفاء الطفح الجلدي، والذي يمكن أن يستغرق حتى أربعة أسابيع. وفي معظم الحالات، يتسم مسار الإصابة بهذا المرض بكونه خفيف الحدة. حسب dw
أعداد المصابين في ازدياد.. منظمة الصحة العالمية تدرس إعلان جدري القرود “حالة طوارئ عالمية”
تدرس منظمة الصحة العالمية ما إذا كان ينبغي إعلان جدري القرود "حالة طوارئ عامة تستدعي اهتماماً دولياً"، بعد اجتماعها، لاتخاذ قرار في هذا الصدد، من المفترض أن تعلن عنه.
وقالت صحيفة The Washington Post الأمريكية إن إعلان جدري القرود "حالة طوارئ دولية"، من شأنه الدفع بزيادة التمويل المخصص للتعامل مع المرض، وحث الحكومات على اتخاذ تدابير أحكم بشأنه.
وقد يؤدي الإعلان إلى تعزيز التدابير العالمية لمكافحة المرض، لا سيما بعد تسارع وتيرة العدوى بالفيروس في بريطانيا على الرغم من المساعي المبذولة لاحتوائه.
أعداد المصابين في ازدياد
وبلغ عدد حالات الإصابة بالفيروس في بريطانيا ما يقرب من 800 حالة خلال مايو/أيار الماضي، لتصبح بذلك أكثر البلدان إبلاغاً عن حالات إصابة بالفيروس خارج مناطق وسط إفريقيا وغربها.
وقد استدعت وتيرة انتشار المرض قلقاً بين الخبراء في جميع أنحاء أوروبا، بؤرة تفشي المرض، وهو ما دفعهم للبحث في أنجع السبل لمواجهة الفيروس والاعتبار بما حدث مع جائحة كورونا المستمرة منذ سنوات.
من جانب آخر، كشفت البيانات التي نشرتها وكالة الأمن الصحي البريطانية عن ارتفاع حالات الإصابة بمرض جدري القرود في بريطانيا بنسبة 40% تقريباً في مدة لا تزيد على خمسة أيام، فقد زاد عدد المصابين بالفيروس من 574 حالة في 16 يونيو/حزيران إلى 793 حالة في 20 من الشهر ذاته.
يأتي بعد بريطانيا في ترتيب عدد الإصابات كلٌّ من إسبانيا وألمانيا والبرتغال، على التوالي.
خطورة المرض تنتقل إلى خارج أوروبا
وأشارت منظمة الصحة العالمية إلى أن الفيروس بدأت خطورته تتزايد خارج أوروبا، فقد أُبلغ عن 3200 حالة إصابة في 48 دولة خلال الأسابيع الستة الماضية.
واهتمت معظم الدول الأوروبية حتى الآن بالتواصل مع شرائح المجتمع المعرضة للخطر، وتتبع المخالطين، وعزل حالات الإصابة المعروفة بجدري القرود.
لكن مساعي المكافحة قد تشهد تعزيزاً لوتيرتها إذا أعلنت منظمة الصحة العالمية عن رفع مستوى التهديد المتعلق بتفشي الفيروس.
وقال ديفيد هيمان، أستاذ وبائيات الأمراض المعدية في "مدرسة لندن لحفظ الصحة وطب المناطق الحارة" وأحد الحاضرين في اجتماع لجنة الطوارئ، إن "اجتماع لجنة الطوارئ ثم إعلان المدير العام لمنظمة الصحة العالمية سيرفع المستوى السياسي للأمر".
يقول الخبراء إن الحد من تفشي المرض يستدعي فهماً أوسع لمصادر التفشي، وتطعيم المجموعات المعرضة لخطر الإصابة به، وتتبع المخالطين. وقد لاحظ الخبراء أن بعض المرضى يُحجمون عن مشاركة المعلومات الخاصة بمن خالطوهم جنسياً، وهو ما يصعب عملية التتبع.
وأقرَّ تيدروس أدهانوم غيبريسوس، المدير العام لمنظمة الصحة العالمية، في بداية اجتماع لجنة طوارئ المنظمة، بأن أعداد الإصابة بجدري القرود قد تزيد وتكون أعلى مما تشير إليه الأرقام الرسمية.
وقال لأعضاء لجنة الطوارئ: "إن انتقال العدوى من شخص لآخر مستمر، والغالب حتى الآن هو التقليل من شأن الأمر". حسب عربي بوست
اضافةتعليق
التعليقات