تشهد مناطق عديدة من العراق، خصوصاً في الوسط والجنوب، تكراراً متزايداً لموجات الرياح الرملية خلال فصل الربيع، مما يثير جدلاً واسعاً بين المختصين حول تأثيراتها المتباينة على البيئة والمجتمع.
من جهة، تحمل الرياح الرملية بعض الفوائد البيئية، إذ تسهم في نقل المعادن والعناصر المغذية من الصحارى إلى الأراضي الزراعية، مما يساعد أحياناً في تحسين خصوبة التربة. كما تلعب دوراً في الحد من انتشار بعض الآفات الزراعية بفضل طبيعتها الكاشطة والمبيدة.
لكن في المقابل، تتسبب هذه الرياح في أضرار صحية واقتصادية كبيرة. إذ تؤدي إلى تفاقم أمراض الجهاز التنفسي، خاصة بين كبار السن والأطفال، وتؤثر سلباً على مرضى الربو والحساسية. كما تعرقل الحركة المرورية وتؤثر على قطاع النقل الجوي، فضلاً عن تأثيرها على المعدات والبنى التحتية.
على سبيل المثال، شهد العراق في أيار/مايو 2022 واحدة من أقوى العواصف الترابية في تاريخه الحديث، حيث غطّت العاصمة بغداد بطبقة سميكة من الغبار البرتقالي، وتسببت في أكثر من 5 آلاف حالة اختناق نقلت إلى المستشفيات، إضافة إلى توقف حركة الطيران في مطار بغداد الدولي. كما تعرّضت مدينة الأنبار في نيسان/أبريل 2023 لعاصفة رملية أدت إلى انعدام الرؤية وتوقف حركة المرور بشكل شبه تام.
وفي تصريح خاص لـوكالة الأنباء العراقية، قال الدكتور حيدر الكعبي، خبير الأرصاد الجوية في الهيئة العامة للأنواء الجوية:
"نحن نواجه زيادة واضحة في عدد وشدة العواصف الرملية خلال السنوات الأخيرة، وهذا يعود إلى عوامل مناخية متعددة، أبرزها ارتفاع درجات الحرارة، وتراجع معدلات الأمطار، وتدهور الغطاء النباتي، ما يجعل الأرض مكشوفة أكثر للرياح."
وأضاف الكعبي: "الحلول تبدأ بتكثيف برامج التشجير ومكافحة التصحر، إضافة إلى تطوير نظم إنذار مبكر لتحذير المواطنين والحد من الآثار السلبية."
ويظل التعامل مع الرياح الرملية تحدياً يتطلب توازناً بين إدراك فوائدها الطبيعية والعمل على تقليل آثارها السلبية، خاصة في ظل التغيرات المناخية المتسارعة التي تشهدها المنطقة.
اضافةتعليق
التعليقات