ان ما يسبق معرفة البرنامج العملي لبناء العلاقات هو معرفة التجارب فعلينا ان نضع في عين الاعتبار ان للتجارب قيمتها العظيمة، فلا يمكن ان نفرط في تجربة الانسان في مجال بناء العلاقات، سواء تجارب الاخرين في هذا الحقل، او التجارب الشخصية التي يكتسبها الفرد ذاته في هذا الميدان سواءً الناجحة منها او التي انتهت بالفشل، لأنها تنير لنا الطريق امام النجاح، فلا بد للإنسان ان يستفيد حتى من تجاربه الفاشلة ففي الحديث (لا يلدغ المؤمن من حجر مرتين) ولعل أبرز الطرق العملية لبناء العلاقات هي:
لا تكن عفويا في علاقاتك
ان العلاقة هي التي تنشأ بين شخصين شاءت الظروف ان يلتقيا في مكان وزمان لم يحدده مسبقاً، فيلعب عامل الصدفة الدور الأكبر في الربط بين شخصين في علاقات عفوية.
ان هذا النوع قد يكون مفيدا ف العلاقات الاجتماعية بين سائر الناس، اما الرسالي فبحكم مسؤوليته في المجتمع فلا يصح له فقط الاعتماد على هذا النوع من العلاقات. لأنه لا يمكن الربط بين الصدفة والتربية، فهذا النوع من العلاقة لا تؤدي الى بناء الأشخاص، وتنمية قدراتهم ومواهبهم فهي علاقة وقتية، محدودة تنتهي بالصدفة كما بدأت بها.
أحسن الاختيار
حينما تسكن منطقة يقطنها عدد كبير من الشباب، او تعيش أجواء تحتك فيها بامواج متلاطمة من الشباب، كالمدرسة او المسجد، كن ذكيا في اختيار الشاب الحسن الصالح، لتقوية العلاقة معه.
فحاول ان لا تسلب المظاهر جل تفكيرك وتخدعك الظواهر الشكلية فتعتقد بأن كل الشباب جيدين، فلا تندفع إليهم بسرعة بل عليك التأني لمراقبة سلوكهم، وتقييم اندفاع كل شاب منهم، وهذا هو معنى حسن الاختيار والاّ فإنك سوف تلاقي مضاعفات سلبية ناتجة من عدم اختيارك السليم وعندها سوف تكتشف مدى الجهود التي تذلها والوقت الذي بددته دون ان تستفيد من ذلك شيئا، فالشاب الذكي الخلوق النشيط وما شابه أولى بعقد العلاقة البناءة معه من غيره.
تفهم الصديق استمرار العلاقة
إن الصديق بحاجة دوما الى انسان يفهم شعوره ويقدر وضعه، فإن فهمك لشخصيته ولفلسفته تصرفاته وعدم التسرع في الحكم على تصرفاته كفيل بدوام العلاقة معه، فاذا واجهت تصرفا منه لم يرضيك فلا تجرحه بسرعة في عبارات لاذعة دون معرفة مسبقات ذلك التصرف، فعليك ان تتأنى في حكمك على تصرفه هذا فقد يكون هناك ألف عامل وعامل وراء ذلك التصرف، وقد جاء بالحديث: "احمل اخاك المؤمن على سبعين محمل".
الحب مفتاح التعامل
قال الامام الصادق (عليه السلام): "ما التقى المؤمنان قط الا إذا كان أفضلهما اشدهما حبا لأخيه"، في علاقتك مع الصديق لابد ان تضع في عين الاعتبار انه كما تحب تبني شخصيتك الإسلامية كذلك يجب ان تكون محبا لأخيك وساعيا لبناء شخصيته على أسس إسلامية، فأحب لأخيك ما تحب لنفسك، وفي الروايات ان الله عزوجل يجمع المتحابين يوم القيامة على منابر من نور.
بالطبع ان الحب ليس هو ذلك الحب الذي يخرج عن معانيه الصحيحة نتيجة عواطف هاجسه في نفسه انما هو الحب في الله، فهذا هو المقياس المسلم الذي يجمع بينك وبين الطرف الاخر فالعلاقة العاطفية المبنية على الهوى تتوضح عندما تبحث عن شخص تصادفه من اجل ذاتك وراحتك، فمتى تحقق هواك تصادفه.
اما العلاقة المبدئية المعتمدة على الحب المتبادل فهي عندما تبحث عن شخص تصادفه فانك تعمل من اجله وفي سبيل تطويره وتربيته وليس من اجل راحتك، فلا تبحث عن الصديق الذي تستفيد منه وتستثمر تستغل طاقاته بل ابحث كيف تخدمه وتضحي بذاتك من اجله.
التولي والتبري تدعيم للعلاقة
ولكي تضمن قوة العلاقة بينك وبين صديقك عليك ان تدعهما بدعامة التولي والتبري، فان كان الطرف الاخر شابا مؤمنا مبدئيا وتتحبب إليهم وتصادفهم وعليك أيضا ان تتبرأ وتبتعد عن كل أولئك الذين يعادون صديقك من منطلقات غير إسلامية، وفي كلمة رائعة للإمام علي (عليه السلام) يصور لنا ذلك حيث يقول: "ولا تتخذن عدو صديقك صديقا فتعادي صديقك".
فاذا كنت انت وذو العلاقة معك على خط التوحيد والتدين، فعليك ان تدعمها بالوقوف مع كل من يقف في خط التوحيد، وتعادي كل من يخالف هذا الخط بإصرار وعناد، فانك ان أحببت أولئك تكون قد اسأت لعلاقاتك مع صديقتك، ولا يجوز ان تقف موقفا معاديا للقضايا الرسالية، ولا يجوز كذلك تبني موقف الحياد وتقول: الوقوف على التل اسلم!، فاذا كنت مع الإسلام لابد ان تحميه وتنصره، وعليك ان تكون واعيا حينما تكتشف جميع أصدقاء اصدقائك لتواليهم وهكذا بالنسبة لأعدائه فتعاديهم. يقول الامام علي (عليه السلام): "اصدقاؤك ثلاثة واعداؤك ثلاثة، فاصدقاؤك صديقك، وصديق صديقك وعدو عدوك، واعداؤك: عدوك، وعدو صديقك، وصديق عدوك".
الابتسامة تصنع المعجزات
ان للابتسامة الأثر الكبير في نفس من اردت بناء العلاقة معه، فاذا ما صادفت مجموعة من الشباب ولم تستطع الحصول على وسيلة سهلة للتعرف عليهم، وتحيرت في ذلك، فبادر لأن تمد اليه يدك مسلما عليه، راسما في وجهك ابتسامة حقيقية غير مصطنعة، حينها سوف ترى مفعول الابتسامة السحري في نفس الطرف الاخر، وحتى بالنسبة لمن يعاديك لسوء تفاهم مثلا فبادر اليه بذلك فتراه يتجاوب معك وينسى كافة خلافاته.
الاحسان استراتيجية ناجحة:
حينما ترد على من واجهك بالقبح بالجميل، وحينما ترد على الجميل بأجمل منه، وترد على من سلم عليك التحية، بأفضل منها، تكون بذلك محسنا فالإحسان اعلى درجات العطاء والايثار التي يتوصل اليها الانسان.
الموازنة بين... ونعم
حينما تبني علاقتك يجب عليك ان تعلم صديقك، بأنه ليس من السهل الحصول على كل ما يريده منك، ولا كل ما يكرهه سهل الاجتناب فالعلاقة المبدئية لا تبنى على المصلحة.
فمن الخطأ ان تكون علاقتك به دائما تحت مظلة (نعم) بأن توفر له ما يريد، فاذا عودته على تلبية كافة حاجاته ورغباته سوف يبني علاقته معك على أساس المصلحة والترف... كما انه من الخطأ ان تتغاظى عن اخطائه.
اكتشف الايجابيات والسلبيات
إذا شعرت بأن صديقك يستفيد منك حينها سوف يسعى بنفسه لتدعيم علاقته بك، ومن هنا تستطيع ان تفيده من خلال احراز المزيد من التقدم في حياته نحو بناء الشخصية الإسلامية.
وهذا يتم حينما تتعرف على كل جوانب الصديق السلبية منها والايجابية، معرفة ذلك تأتي من خلال السؤال عنه ومراقبته ومتابعته والاحتكاك به باستمرار، ومن هنا سوف يشعر بالاستفادة منك نحو بناء شخصيته الإسلامية فيتقرب منك وتشعر بأنه جزء لا يتجزأ منك.
اما اذا اهملته ولم تصعد من مستواه فانه سوف يشعر بأن علاقته بك باهته وغير معطاءة، وبذلك سوف يبتعد عنك.
الهدية
ولا نقصد بالهدية قيمتها المادية الصرفة ولكننا ننظر الى قيمتها المعنوية بالدرجة الاولى فبإستطاعتك اهداءه ابسط الأشياء لاكتسابه.
فاسلك هذا المنهج في بناء علاقاتك حتى تكون ناجحا في خدمة رسالتك الإسلامية على أكمل وجه.
اضافةتعليق
التعليقات