هناك دراسات عديدة تكشف المراحل العمرية الأصعب بالنسبة للآباء والأمهات في التدريس، وإن العديد من الآباء يتفقون على أن الفترة بين سن 6 و9 أعوام يمكن أن توفر مساحة للتنفس، لأن الأطفال فيها لا يزالون لطفاء ولم يطوروا بعد رغباتهم في الثورة والعصيان والاستقلالية، كمرحلة المراهقة المتعبة، بداية من عمر الـ12 وحتى الـ18 ومع ذلك، ليس من الصعب العثور على الآباء الذين يعتبرون هذه السنوات صعبة أكثر من أي مرحلة أخرى، باعتبار أن الطفل يستكشف فيها أنه يمتلك رأياً مستقلاً، ويرغب في التعبير عن نفسه بشتى الطرق الممكنة.
وفي سن الثامنة من المنطقي أن يكون عمراً صعباً، لأن الأبناء فيه يصبحون "كباراً" بشكل رسمي، لذا يتزامن هذا العمر مع ملامح بناء الشخصية والاستقلالية، كما يستعد معه الجسم للبلوغ واختبار الهرمونات المتضاربة المصاحبة لمرحلة المراهقة وفي استطلاع نشره موقع "بارنتس" (Parents) للتربية والأمومة والأبوة، أجري عام 2020، أجمع قرابة ألفي أب وأم على أن عمر الثامنة هو أصعب عام في التربية، في حين أن سن 6 كان أفضل من المتوقع.
إذ يمكن للأبناء في هذه السن أن يصبحوا عنيدين وانفعاليين في محاولاتهم لتأسيس استقلاليتهم وتفردهم الذي يختبرونه لأول مرة تقريباً، بالطبع قد يكون العمر الذي قد تجده أكثر صعوبة للتربية متبايناً، إذ لم تحسم الدراسات العلمية على نطاق واسع نتائج مثل هذا السؤال، ووجدت أنه يختلف وفقاً للكثير من المعايير والمقاييس الجغرافية والدينية والثقافية والنفسية.
وبالرغم من أن شخصية الطفل ومزاجه وبيئته من العوامل التي تلعب دوراً في الموضوع، لكن يحدث الكثير من النمو في الدماغ والجسم للأطفال في أعمار 7 إلى 9 سنوات، الأمر الذي يُسهم في هذا السلوك.
ففي الثامنة من العمر يحققون قفزات معرفية كبيرة، ويطوّرون مهارات أكثر تقدماً في اللغة والمعرفة والخبرة الجسمانية والمهارات الحركية، ورغم أنهم لم يمروا بمرحلة البلوغ بالضرورة بعد، فإنهم يصبحون أكثر وعياً بأجسامهم التي تنمو.
كذلك يختبر أطفال هذه السن نمواً عاطفياً، ويختبرون الاستقلال، ويتعلّمون مَنْ هُم، ويشعرون برغبة متزايدة في الانتماء إلى مجموعة وإيجاد مكانهم في النظام الاجتماعي، سواء في المدرسة أو منطقة السكن أو النادي أو غيره. وأثناء تجربتهم للاستقلالية الجديدة المتزامنة لهذا العمر، يمكن أن يكون الطفل أكثر حساسية وتطلباً وغضباً وصعوبة في التعامل.
ومع ذلك من الضروري للوالدين توخي الحذر الشديد في التدخل والتعامل مع الطفل في طور استقلاليته وبناء شخصيته، وذلك لكي لا يتحول الأمر إلى ما يُعرف بـ"تربية الهليكوبتر" المؤذية لصحة وسلامة الطفل النفسية، وحتى تهدد مستقبله على المدى الطويل.
المراهقة وصعوبات التعليم
يتراوح سن المراهقة المبكرة بين 12 إلى 14 عاماً، بينما تمتد سنوات المراهقة الباقية من 15 إلى 18 عاماً. وفي هذه الفترة الحساسة من طور بناء شخصية الأبناء، يبدأ البلوغ وتبدأ معه رحلة إفراز هرمونات جديدة وقوية، تقلب حياة الطفل رأساً على عقب، فيتحول رسمياً من مرحلة الطفولة إلى البلوغ.
لذلك يميل المراهقون إلى أن يفكروا وينظروا ويتصرفوا ويتحدثوا بطرق جديدة ومختلفة، ويرغبون في تحدي السلطة والاستكشاف والتجربة. كما قد يتعلمون الدروس بالطريقة الصعبة، وبشروطهم الخاصة، وهي التحديات التي قد لا يتقبلها الكثير من الآباء والأمهات، ولا يعرفون كيفية التعامل معها، وتقلبات المزاج والانخراط في الذات لدى الشاب أو الشابة المراهقة.
لا يريد أي والد أن تنقلب استقلالية طفله ضده، ومع ذلك لا يريد أي والد أن يسرق قدرة طفله على المرور بالمراحل اللازمة، ليصبح بالغاً واعياً وناضجاً بما فيه الكفاية لكي يكون شخصاً سوياً.
لكن لحسن الحظ، مع نهاية هذه المرحلة، تبدأ الأمور بالاستقرار، حينها ينضج المراهقون، ويطورون قدرة أكبر على التعاطف والاهتمام بمن حولهم وبأنفسهم، ويبدأون في التعلم من الأخطاء التي ارتكبوها في سن المراهقة المبكرة، ويرون الصورة الأكبر، فيتحملون مسؤولياتهم الشخصية بطريقة أو بأخرى. سواء أكان ذلك يعني البحث عن الكلية المناسبة لهم، أو العمل واختبار تجارب حياتية جديدة. أكبر التحديات التي يواجهها الآباء خلال هذه المرحلة هي رؤية أطفالهم أصبحوا أكثر استقلالية، ليتحملوا قراراتهم وعواقبها في هذا التقرير نستعرض بعض أبرز تحديات مراحل المراهقة التي يعاني معها الآباء والأمهات في التعامل مع الابن أو الابنة المراهقة، مثل رفض التقارب والحميمية، أو معاناة المراهق من الاكتئاب.
اضافةتعليق
التعليقات