إن من بركات سيد الشهداء ﷺأنه يكافئ كل من يقدم شيئاً في طريقه، وبالمقابل والعياذ بالله فإنّه يُجازى في الحياة الدنيا كل من يخطو خطوة في محاربته أو يكتب كلمة تحول دون خدمته، ناهيك عن جزاء الآخرة.
فمن الملفت للنظر عند تتبع أحوال حواري رسول الله ﷺ أمثال أبي ذر الغفاري أو حواري أمير المؤمنين والإمام الحسن وحــواري غيرهم من الأئمة الأطهار (عليهم السلام) أنّه لا نجد ولو زيارة واحدة تتضمن ذكرهم على جلالة قدرهم أما بالنسبة لأصحاب الإمام الحسين فقد ورد ذكرهم في زيارته، زيارة عاشوراء (السلام عليك يا مولاي وعليهم وعلى روحك وعلى أرواحهم وعلى تربتك وعلى تربتهم).
هكذا يصنع القرب من الإمام الحسين، بحيث إن كل من زاره بمن فيهم الأئمة المعصومون كما هو الحال مع الإمام الباقر الذي رويت عنه تلك الزيارة تجده قد سلّم على التربة التي دفن فيهـا أنصار الإمام الحسين (عليه السلام).
ولا يخفى أن في أصحاب الإمام الحسين من لم يكن قبل مناصرته للإمام كعمار بن ياسر ومالك الأشتر ومحمد بن أبي بكر في ولائهم، بل كان فيهم من هو عثماني الهوى كزهير بن القين، والقائد الأموي كالحر بن يزيد الرياحي والنصراني المذهب مثل وهب.
هكذا هي مدرسة الإمام الحسين قد انضمت في طياتها مختلف المذاهب والأطياف، فجعلت ممن كان عثماني الهوى بمرتبة من يُسلم على تربته، وكذا الحال بالنسبة للنصراني والأموي، فهي مدرسة عظيمة تحاكي عظمتها عظم مؤسسها الكلام.
لذا ينبغي لنا نحن الذين لم نوفق لدرك زمانه، أن نسير على خطى أنصاره الذين بذلوا مهجهم دون مهجته.
ونقيض ذلك ما ورد بحق أعدائه، فقد ورد بشأنهم في الزيارة نفسها: (والعن أرواحهم وديارهم وقبورهم......).
ولكي نكون مخلصين لله تعالى وأوفياء في المودة لذي القربى يلزم:
أولاً: أن نتعلم الإخلاص من سيّد الشهداء ونسعى في تطوير المجالس الحسينية في الهيئات وفي المنازل إلى الأفضل وعلى جميع المستويات ولا ندع الخلافات وغيرها تحكمنا، خاصة وإن الشيطان وأعوانه يسعون جاهدين لإفساد خدماتنا، بل ليكن نظرنا دائما إلى سيد الشهداء (عليه السلام).
ثانيا: علينا أن لا نقصر في قضايا الإمام الحسين، فعلى أصحاب الأموال أن يبذلوا أموالهم، والمتكلمون عليهم أن يشدوا قلوب الناس بألسنتهم، والكتاب لا يتوانوا في كشف الحقائق بأقلامهم. وإلا فإن من يقصر في قضية الإمام الحسين ستكون عاقبته الندامة ولابد أن يأتي يوم يتحسر فيه.
ثالثا: ثمة قضية أعتبرها مسؤولية ثقيلة ووظيفة شرعية على عاتقى لابد لي من بيانها وهي أن أحكام الله تعالى مهمة ومقدسة للغاية، بحيث إن سيد الشهداء على جلالة قدره وعلو مقامه قد ضحى من أجلها بكل غالٍ ونفيس.
ولم يقتصر الأمر على بذل نفسه، وإنما قدّم أمامه جميع أهل بيته غال ونفيس وأنصاره، ولولا هذه التضحيات لما وصلت إلينا الأحكام الشرعية ولضاع دين الله تعالى.
إن اللعب والعبث بأحكام الله تعالى يستتبع عواقب وخيمة، فحتى رسول الله الذي هو أشرف الأنبياء والمرسلين والذي خاطبه الباري تعالى في الحديث القدسي: (يا أحمد لولاك لما خلقت الأفلاك)، قال بالنسبة إليه في القرآن الكريم:(وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الْأَقاويل لأَخَدَّنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ").
وكما تعلمون أن (لو) أداة امتناع لامتناع وهي تستعمل لبيان عدم تحقق ما بعدها؛ لوجود المانع في نفس المحل، ولذا فإن قوله تعالى (وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا) معناه أن الرسول الأكرم الله لا يتقول، ولكن من باب (فرض المحال ليس بمحال).
فهذا ليس توهيناً من عند الله تعالى لنبيه الكريم والعياذ بالله، وإنما هو بيان لمقام الأحكام والأمانة في تنفيذها، فضلاً عن عدم المحاباة في هذا الأمر. فلو أن الرسول الأعظم مع مقامه العظيم تقابل وبدل أحكام الله لما عداه السخط الإلهى. كما لا يخفى أن هذا الخطاب هو من باب: (إيّاك أعني واسمعي يا جارة).
لذا يجب علينا جميعاً عدم الإخلال والتهاون بوظيفتنا الشرعية تجاه الأحكام الإلهيّة والسنن المطهرة لرسول الله وأهل بيته والالتزام بها بيننا وبين الله تعالى، وأن نسعى جاهدين ألا نخرج عن حدود أحكام الله وأن لا نبتعد عن الإمام الحسين (عليه السلام) فإن بعض الأمور غير قابلة للإصلاح فيما لو صدرت بدون تدبّر.
اضافةتعليق
التعليقات