قول الله تعالى في كتابه الكريم: (وَاعْلَمُوا أَنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ وَأَنَّ اللَّهَ عِندَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ) (سورة الأنفال: الآية 28).
وللإمام السجاد في الصحيفة السجادية، دعاء حول الأولاد، نقرأ بعضا منه ثم نرجع إلى الآية الكريمة ثم نتناول مرة أخرى كلامه صلوات الله عليه.
(أللَّهُمَّ وَمُنَّ عَلَيَّ بِبَقَاءِ وُلْدِي، وَبِإصْلاَحِهِمْ لِي، وَبِإمْتَاعِي بِهِمْ.
إلهِي أمْدُدْ لِي فِي أَعْمَارِهِمْ، وَزِدْ لِي فِي آجَالِهِمْ، وَرَبِّ لِي صَغِيرَهُمْ وَقَوِّ لِي ضَعِيْفَهُمْ، وَأَصِحَّ لِي أَبْدَانَهُمْ وَأَدْيَانَهُمْ وَأَخْلاَقَهُمْ، وَعَافِهِمْ فِي أَنْفُسِهِمْ وَفِي جَوَارِحِهِمْ وَفِي كُلِّ مَا عُنِيْتُ بِهِ مِنْ أَمْرِهِمْ، وَأَدْرِرْ لِي وَعَلَى يَـدِي أَرْزَاقَهُمْ، وَاجْعَلْهُمْ أَبْرَاراً أَتْقِيَاءَ بُصَراءَ سَامِعِينَ مُطِيعِينَ لَكَ وَلاوْلِيَائِكَ مُحِبِّينَ مُنَاصِحِينَ، وَلِجَمِيْعِ أَعْدَآئِكَ مُعَانِدِينَ وَمُبْغِضِينَ آمِينَ.
أللَّهُمَّ اشْدُدْ بِهِمْ عَضُدِي، وَأَقِمْ بِهِمْ أَوَدِيْ، وَكَثِّرْ بِهِمْ عَدَدِي، وَزَيِّنْ بِهِمْ مَحْضَرِي، وَأَحْييِ بِهِمْ ذِكْرِي، وَاكْفِنِي بِهِمْ فِي غَيْبَتِي وَأَعِنِّي بِهِمْ عَلَى حَـاجَتِي).
حديث اليوم يدور حول استراتيجية قلما أوليناها ماينبغي من العناية والرعاية، فلنبدأ أولاً مع الآية الشريفة (وَاعْلَمُوا أَنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ وَأَنَّ اللَّهَ عِندَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ).
هل الفتنة أمر حسن أم سيء
هنا سؤال يطرح نفسه وهو: هل الفتنة أمرٌ حسن؟ أم أمرٌ سيئ؟
كثيراً ما يبتلى الإنسان بفتنة فهل ذلك أمرٌ راجحٌ أم أمرٌ مرجوح؟
هل من الجيد أن يتورط الإنسان في الفتن؟
الإجابة على ذلك، أنَّ الفتنة أمرٌ حسن وهي أمرٌ قبيح لكن في اتجاهين، الأموال فتنة وهي حسنة لقوم أو في حالة وسيئة لقومٍ آخرين أو في حالة أخرى، الأولاد كذلك، الفتنة بهم أمر حسن تارة وقبيح تارة أخرى.
فليس الجواب جواباً بسيطاً، بل هو جوابٌ مركّب، الفتنة حسنة في بعض الحالات لبعض الأشخاص، والفتنة نفسها أمرٌ قبيح ضار خطير في بعض الحالات لبعض الأفراد.
الفتنة في بيان مبسط بعيداً عن التعقيدات تعني: الاختبار والامتحان.
تمرون بالامتحان مثلاً في الجامعة أو المتوسطة أو في الابتدائية أو في الروضة أو في أي موقع آخر مثلاً كشخص يريد أن يتوظف في شركة ما، فهل الاختبارات الجامعية أمرٌ حسن أم قبيح؟ الجواب: أنها أمرٌ حسن لذاك الإنسان الذي جدّ واجتهد لأنه يثبت بذلك كفاءته، بعد أشهر من الجد والاجتهاد في الدراسة والآن حان وقت أن يجني الثمرة ولذلك فانه سوف يذهب سعيداً إلى الامتحان لأنه يعلم انه سيرتفع إلى مستوىً أعلى، وكذلك الحال في الشركة، فان هذا الإنسان المؤهل من كل الجهات، إذا قالوا له ستُختبر وتُمتحن، فانه سيفرح بذلك إذ إن الاختبار يظهر مكنون الإنسان، وتتجلى فيه مواهبه وكفاءاته، بينما ذاك الإنسان الذي تكاسل وتقاعس عن الدراسة والجد والاجتهاد فالاختبار يعتبر أمراً سلبياً بالنسبة له.
وعندما نتلوا الآية الشريفة: (وَاعْلَمُوا أَنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ وَأَنَّ اللَّهَ عِندَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ) نتساءل هل الفتنة بالأولاد، جيدة أم سيئة؟ الجواب إذا كنتم قد ربيتموهم وربيتم أنفسكم بحيث تكونون لهم نعم الأسوة ونعم القدوة، (لأن الأولاد والبنات والأحفاد والحفيدات والأسباط ومن أشبه ذلك من الصغار في الأسرة الصغيرة أو الكبيرة، ينظرون لسلوككم أولاً، فإذا كان سلوككم سلوكاً ربايناً، إذا كان منطقكم منطقاً رحمانيا، وكان تفكيركم تفكيراً إلهيا، تعلموا منكم) فهذه الفتنة جيدة جداً بالنسبة لكم، بل ذلك مفخرة لكم، أما إذا كان ذاك الإنسان في سلوكه وفكره ومنطقه ومجلسه وحديثه وكلامه وفي ذهابه وإيابه، على غير الدرب الذي ينبغي، فان هذه الفتنة سيئة له وضارة به، وذلك كمن يسقط في الإمتحان في الجامعة أو الشركة.
معنى الفتنة في فقه اللغة
وفي مستوى أعمق نقول: عندما نرجع إلى فقه اللغة كي ندرس معنى الفتنة نجد الفتنة في فقه اللغة: إدخال المعدن الثمين كالذهب والفضة في النار لكي يبين منه الزيف من غير الزيف ولكي يتألق أكثر فأكثر.. النار ما الذي تصنعه بالذهب؟ انها تميّز الخبيث من الطيب فذاك الذهب الذي عياره 24 يبرق ويتلألأ ويشهد على نفسه بفتنته أنه من هذا العيار، أما الذهب المشوب بغيره برصاص أو غيره فسيتميز عن غيره.
والفتنة في الأهل والأولاد والأموال بالنسبة لنا جميعاً هي من هذا القبيل، أي انها تكشف لنا ولغيرنا عن جوهرها، (وَاعْلَمُوا أَنَّما أَمْوالُكُمْ وَأَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ) هذا الولد كيف ربيتموه؟ وتلك البنت كيف ربيتموها، وتلك الأموال كيف تعاملتم معها، فذاك البخيل، هذه الأموال تكشف واقعه، وذاك الكريم تكشف الأموال واقعه أيضاً، الحسود، الحقود، المتكبر، المتجبر، والذي يستعلي على الناس، تكشف واقعه، الأموال تكشف واقع الإنسان، فانه إذا لم توجد أموال فان الناس كلهم سيان، ولكن إذا امتلكتم الاموال فهل تدفعون الحقوق الشرعية مثل الخمس والزكاة؟ وهل تزيدون على ذلك بتبرعات وهبات وعطايا ومنح للسائلين والمحتاجين والمتعففين أو لا؟، وكذلك الأولاد.
فهذا هو المدخل العام للحديث، أنَّ الله سبحانه وتعالى جعل الأولاد والأموال فتنة لكم أي ليميزكم وهل أنتم ذهب أم فضة أم تراب، أم مخلوط من ذلك كله؟، ففي الواقع هذه الفتنة هي فتنة لي وإمتحان لي واختبار لي وتزكية وتطهير لي إن مشيتُ على الدرب، وإلا فالعكس صحيح.
إشارة إلى أهمية الصحيفة السجادية وسندها
بعد هذا وقبل أن ننتقل إلى حديث الإمام السجاد (صلوات الله وسلامه عليه) السابق، لا بد من تقديم مقدمة، وهي: إن الصحيفة السجادية لهي من أهم كتبنا المقّدسة المهجورة إلى حد كبير، وشهر رمضان المبارك وشهر محرم وصفر هي خير الأشهر لكي نعود إلى أحضان القرآن الكريم ونهج البلاغة والصحيفة السجادية، ولكن الحديث الآن يتمحور حول الصحيفة السجادية.
الصحيفة السجادية تُسمى بأخت القرآن، ومن أسمائها: زبور آل محمد، وإنجيل أهل البيت. وهي كتاب عظيم إلى أبعد الحدود لكن اذهبوا إلى المدارس والجامعات والشركات، وإلى بيوت المؤمنين والمؤمنات، كم شخصاً طالع الصحيفة السجادية من أولها إلى آخرها؟، هذا نادر خاصة القراءة بتدبر، وكم شخصاً طالع شروح الصحيفة السجادية ولو شرحاً واحداً؟، يوجد 80 شرحاً على الصحيفة السجادية، هل في بيتكم 3 من هذه الشروح، أربعة أو خمسة منها؟ هل تطالعوها أم لا؟
الصحيفة السجادية منهاج حياة، وهذا الدعاء الذي صدّرنا به الكلام ليس مجرد دعاء، بل كله توجيه، لذلك يجب أن نعرف قيمتها وأهميتها، نحن لا نعرف قيمة هذا الكتاب مع الأسف ولا نطالعه ولم نربِّ أولادنا عليه، ومن المفترض أو الضروري أن يحفز كل شخص وكل امرأة مؤمنة أبناءها وبناتها وهم في سن الرابعة أو الخمس سنوات والست سنوات على حفظ الصحيفة السجادية، ونهج البلاغة، والقرآن الكريم، هذا عملكم، إذا ربيتموهم على حفظ القرآن الكريم ونهج البلاغة والصحيفة السجادية، فالفتنة تكون لكم حينئذٍ حسنة وقد خرجتم من الإمتحان مرفوعي الرأس وبنجاح، وإلا فالفتنة في الواقع تكون نقمة.
أحد كبار مراجعنا وهو السيد المرعشي النجفي (رضوان الله عليه) بعث الصحيفة السجادية إلى شيخ الأزهر في ذلك الزمن وهو الشيخ الطنطاوي، والذي توفي في عام 1358، وكان شخصية مهمة، مثل المرجع الأعلى للسنة، والغريب انه لم يكن يعلم بوجود كتاب اسمه الصحيفة السجادية!؟، فعندما اطلع الطنطاوي على الصحيفة السجادية بعث رسالة معبّرة للسيد المرعشي، ونقرأ جزء منها: "ومن الشقاوة أنّا إلى الآن لم نقف على هذا الأثر القيّم الخالد في مواريث النبوة وأهل البيت (صلوات الله عليهم)، وإني كلما تأملتها رأيتها فوق كلام المخلوق ودون كلام الخالق".
كما ان أحد أشهر علماء العامة وهو ابن الجوزي يقول عن الامام السجاد (عليه السلام): "إنّ لعلي بن الحسين زين العابدين حق التعليم على المسلمين في الإملاء والإنشاء وكيفية التكلم والخطاب وطلب الحاجة من الباري تعالى، فلولاه لم يكن ليعرف المسلمون آداب التحدث وطلب الحوائج من الله تعالى، إنَّ هذا الإمام علّم البشر كيف يستغفرون الله وكيف يستسقونه ويطلبون منه تعالى وكيف يستعيذون به عند الخوف من الأعداء لدفع شرورهم".
هذا من جهة ومن جهة أخرى: هناك بحث مطروح في علم الرجال والأسانيد وان هذا الكتاب مثلاً كم سنداً له، يعني يرويه فلان راوٍ أو عالم عن فلان عن فلان وصولاً إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) أو الإمام الصادق (عليه السلام) وهنا نجد ان بعض الكتب لها سند واحد وبعضها لها سندان وبعضها لها عشرة أسانيد، مثلاً حديث الغدير من المتواترات بأعلى درجات التواتر، لماذا؟، لأن له مئات إن لم يكن ألوف الأسانيد في كتبنا وكتبهم.
من الغرائب أن والد العلامة المجلسي يقول بأنَّ للصحيفة السجادية ألف ألف سند، يعني مليون سند، هذا الشيء فوق الخيال، مليون سند؟، ولكن ذلك ليس بالمستحيل إذا عرفنا ان الصحيفة السجادية كانت في زمانه تشكل ظاهرة جماهيرية عامة.
أي كان هنالك الملايين من الناس، مليون على الأقل، حافظين للصحيفة السجادية أو يمتلكون نسخة منها ويرويها واحد منهم عمّن سبقه وصولاً لزيد بن علي بن الحسين وللإمام الباقر عن الإمام السجاد ، حتى أن البعض استغرب وقال لعل والد العلامة المجلسي _الشيخ محمد تقي_ مثلا لا يقصد المعنى الحرفي للمليون سند، أي يبالغ، لأن مليون سند عدد جدا كبير، يعني يقصد أسانيد كثيرة جدا جدا، والبعض يقول أن الألف هنا زائدة (أي ألف ألف، وأن الصحيح هو ألف).
ولكن يمكن القول: انّ مليون سند للصحيفة ممكن، إذا أصبح ظاهرة عامة ولكن ذلك مما قد لا يُقبل ولذا حتى إذا كانت ألف زائدة وأن الصحيح ألف سند لا ألف ألف سند فان ذلك أيضاً كثيراً جداً إذ يندر وجود كتاب أو رواية لها ألف سند سواء عند السنة والشيعة، بعبارة أخرى: ألف سند تشكل درجة عليا من درجات التواتر، لكن المشكلة في هذا الزمن اننا نحن الذين أهملنا الصحيفة السجادية.
استثمروا في أولادكم وبناتكم
وعوداً إلى دعاء الإمام عن الأولاد نقول: إنكنّ والحمد لله جميعاً من المؤمنات الناشطات الفاعلات في الحقول الدينية والثقافية والاجتماعية، وهذا كله ممتاز وضروري وواجب كفائي، لكن رأس المال الأول والأصلي والأقوى والأكثر ثراءً وغناءً وقوة، هو أولادكم وبناتكم وأحفادكم، هؤلاء هم امتدادكم، لا يعني ذلك ألا تشتغلوا في المحيط الاجتماعي لكن ابدأوا أولاً بـ(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا)، (سورة التحريم: الآية 6).
فالمسؤولية الأولى هي الأولاد والبنات والأحفاد والأسباط إذا أنتم ربيتموهم تربية مثالية، فان ذلك يعني انكم تحولتم من شخصية قيادية واحدة إلى عشرين شخصية قيادية، هذا ربح وانتصار، هذا تقدم، فالشخص الواحد يستطيع بذلك أن يصنع المعاجر.
نعم، ربما لا تكون لديكم سلطة أو تأثير على الفتيات الجامعيات أو لا يكون للرجال سلطة على الشباب الجامعيين، لكن لديكم سلطة وتأثير على أبناءكم الصغار، وبناتكم الصغيرات، فاعملوا عليهم، ذلك ان هذا الطفل الصغير بعد يومين يصبح شاباً كبيرا، والبنت تصبح شابة كبيرة، فإذا ربيتموها تربية حسنة فانها ستصبح قيادية في عالم المستقبل.
ما أريد أن أقوله بالضبط، هو ان غالب الرساليين والرساليات، والعلماء والعالمات، والناشطين والناشطات لا يركزون على أبناءهم وبناتهم، وعلى الأحفاد والحفيدات، كما ينبغي، وقد يستصغرون شأنهم، فهذه مثلاً طفلة عمرها أربع سنوات فيقولون لماذا أضيع وقتي عليها، لكن هذه الطفلة ستصبح، كلمح البصر في نهر الزمن، أماً ومدرّسة وأستاذة جامعية وتربي جيلاً إما من هذا القبيل أو من ذاك القبيل.
شركة توفر 325 ألف قرض خلال سنة!!
أذكر لكم مثالا، يفصح عن الذي أريد أن أقوله أكثر من هذا المقدار الظاهر من الكلام، إحدى الشركات الغربية المسيحية فكرت في أن أفضل طريقة لجذب الأفريقيين وغيرهم للمسيحية هي طريقة الاحسان إليهم، (وهؤلاء كما تعلمون تفكيرهم مادي، يعني ليس فقط الله والمسيحية عندهم، بل المال أولاً ثم الله) ففكروا بأفضل طريقة تجمع لهم، بزعمهم، الدنيا والآخرة: التبشير والمال، فاخترعوا فكرة تضمن لهم الأمرين، نحن نعلم أن الربا من المحرمات، ومن الطرائف أن الربا محرم في كل الأديان ولدى كل الحكماء مثل سقراط وغيره من الفلاسفة اليونان كلهم حرم ذلك بصريح العبارة، كذلك الأديان الاسلامية واليهودية والبوذية والمسيح كلها حرمت الربا.
المهم، هذه الشركة مسيحية لكنها تأخذ منها ما تريد وتترك ما تكره! فوضعوا خطة لكي يحرزوا بها 1- المال (ولو الحرام) 2- والتبشير، ذهبوا إلى أفريقيا وغيرها، رأوا أن الكثير من العوائل الافريقية تحتاج إلى رأس مال بسيط وانها بهذا الرأس مال البسيط يمكنها أن تدير مشروعاً استثمارياً، يعني مثلاً ماكينة خياطة فانه مشروع استثماري، أو ثور للمزارع مثلاً، فهذا الثور يزيد من المساحة المزروعة والمحروثة، ففكروا في توفير قروض بسيطة للعوائل هناك، القرض قد يكون مائة دولار أو 195 دولاراً، فمثلاً إحدى النساء كانت (قابلة) فاقترضت 195 دولاراً حتى تستأجر غرفة حتى تولد النساء الحوامل هناك، ولكن بأرباح تصل إلى 96%، (هذا لديه تبشير لكن الشيطان مستحكم حتى على تبشيره، أرباح تصل إلى 96 بالمئة!)، يعني هذه المرأة عندما تقترض عليها أن تعيد ضعفي المبلغ، مع ان متوسط الربح في العام هو 8 أو 10% لكنه الجشع.
أنتم لاحظوا هذه المقدمات حتى تعرفوا المغزى الأساسي الذي أريد قوله حول الأولاد، فهذه الشركة في سنة واحدة اقرضت 325 ألف عائلة في أفريقيا فقط، وهناك غيرها مثل تنزانيا ودول أخرى، لنفرض أن مجموع هذه القروض 5 مليارات دولار فانها خلال سنة سوف تصبح 10 مليارت!.
والتبليغ المسيحي يمضي كذلك لأنّ الناس يفكرون أن هؤلاء يساعدونهم، الآن أنتم فكروا مع أنفسكم، تستطيعون أن تعملوا هكذا عمل ولكن من دون ربا طبعاً؟، أنتم منذ سنوات في العمل الديني، هل تعرفون كيفية تأسيس شركة تستطيع أن تُقرض 325 ألف عائلة في سنة واحدة، أو حتى مؤسسة، لن تستطيعوا لأنه ليس عملكم ولا شاكلتكم صُبّت عليه. ولكن (وهنا الشاهد) يمكن ان تصنعوا شخصية أبناءكم الصغار وتوفروا لهم الدروس والدورات والمهارات لكي يقوموا بذلك عندما يكبرون.
وفي مثال آخر:
و(محمد يونس) يقرض 7 ملايين عائلة!
كان هناك شخص مسلم اسمه (محمد يونس) على نفس الخطة مضى، أي خطة توفير قروض كرأس مال للعوائل الفقيرة، 50 ، 100أو 150 دولاراً، هذا الشخص يأخذ أرباح 1%، بينما تلك الشركة المسيحية تأخذ 96%، فليس هناك قياس، وهو يقول: (ولا نقول أن كلامه صحيح بل هو خطأ) هذه النسبة ليست ربحا وربا وإنما هي أجور الموظفين الذين وظفتهم في الشركة أو المؤسسة أو البنك، والعلماء اختلفوا في ذلك، بعضهم قال انه حلال وبعضهم قال انه حرام، وهؤلاء هم الأكثر وليس علينا البحث الفقهي الآن، وعلماء العامة ثاروا ضده، وقالوا أن المرأة (في العادة النساء هم من يقترضون) التي تأخذ هذه القروض كافرة، ولا تدفن في مقابر المسلمين!.
المهم، هذا الرجل (الذي اسمه محمد يونس، وابحثوا عن اسمه في الانترنت على غوغل وسترون قصته في بنغلادش لأنه مشهور جداً، وقد أخذ جائزة نوبل في هذا الحقل)، استطاع أن يؤسس بنكا، وقد وفر هذا المصرف قروضاً لـ 7 ملايين عائلة، هذا عدد كبير، وفي تقدير آخر وصل العدد بعد سنوات إلى 18 مليون عائلة!!، ولقد كان محمد يونس أستاذا في الجامعة ثم تفرغ لخدمة الفقراء.
الآن فكرو امع أنفكسم، انظروا إلى ربط البحث والكلمة النهائية هنا، هل تستطيعون أن تأسسوا شركة مثل محمد يونس؟ وفوق ذلك مؤسسة تقرض بلا ربا تماماً؟ تقرض خلال 30 سنة 18 مليون عائلة؟ في الظاهر هذا شيء خيالي، ستقولون كيف ندير ومن أين ندبر رأس المال... الخ.
مفتاح الأعمال العملاقة: الأولاد والبنات
الحلّ هنا في أبنائكم، وهو بيت القصيد، أنتم لا تستطيعون، لماذا، لأنكم تربيتم بشكل آخر، لم تتربوا على المشاريع الضخمة العملاقة، لكن طفلكم ذا الأربع سنوات، من الآن هذا الولد أو هذه البنت إذا تعهدتموه أو تعهدتموها بالتربية لكي تكون في المستقبل هكذا فانها ستكون كذلك.
هناك دروس ودورات إدارية – قيادية – مالية تعلم الناس على الانتاجات الكبيرة، على أن يصنعوا ما هو أشبه بالمعجزة، هذه البرامج موجودة، وقطار الزمان لعله (أقول: لعله) قد تجاوزكم عن أن تصنعوا مشاريع عملاقة في نصرة أهل البيت (صلوات الله عليهم)، لكن مع أبنائكم.. الأمر ممكن.
نحن بالعادة ننشغل عن أبناءنا، حتى انه إذا لم يكن لدينا عمل فاننا ننشغل عنهم بجلسة أو بمشاهدة تلفاز أو غيره وإذا كان الرجل رسالياً ومؤمناً ومجاهداً أو المرأة كذلك، فاننا نرى ان أغلب أعمالهم في الخارج، في محاضرة، أو اجتماع، ولكنهم لا يجلسون مع أبنائهم سوى ربع ساعة أو عشر دقائق مثلاً، مع ان الأبناء هم أمل المستقبل، هم مكمن الخطر وهم مصدر الأمل في الوقت نفسه.
أبناءكم وبناتكم، أحفادكم وحفيداتكم، والأسباط وصغار الأسرة هم مكمن الخطر، لأن قوى الغرب والشرق عن طريق هؤلاء يغزون بلادنا، وهم مصدر الأمل أيضاً، إذا ركزتم أنتم عليهم فانه يتغير حينئذٍ كل شيء.
ولنعد الآن إلى التدبر في دعاء الإمام وفقراته، فانه ليس مجرد دعاء يستمد من الغيب بل انه منهج عمل أيضاً.
مقتطفات من دعاء الصحيفة السجادية
يقول الامام صلوات الله عليه: (أللَّهُمَّ وَمُنَّ عَلَيَّ بِبَقَاءِ وُلْدِي)، هذا طبيعي (وَبِإصْلاَحِهِمْ لِي، وَبِإمْتَاعِي بِهِمْ) أي إن الامام يوجهنا لتحديد الذي نريده من أبنائنا وأحفادنا، وهو انه أمران: الصلاح والمتعة، المتعة تعني متعني بهم وبصحتهم، فإذا كان الإنسان مريضاً وتعيساً وفقيراً فانه لا يستمتع بالحياة، الإمام يريد أن يجمع لنا خير الدنيا والآخرة، كما يرسم لنا خارطة الدرب للمستقبل ويعلمنا كيف نتعامل مع أولادنا ليتمتعوا بالصلاح ويصلحوا بالمتعة.
(وَرَبِّ لِي صَغِيرَهُمْ) وعلى الرغم من أن هذه مسؤوليتنا لكن طريقة الإمام في الصحيفة السجادية هي أن يجعل الحديث دائراً بين العبد وبين الرب فمن هذا الطرف يطلب من الله ذاك الطلب لأن الأمور كلها بيده، ومن ذلك الطرف وفي مقام العمل عليك أن تضع النقاط على الحروف فتسير في هذا الدرب، كما يقول الرسول الأعظم صلوات الله عليه: (اعقل وتوكل)[1].
(وَقَوِّ لِي ضَعِيْفَهُمْ) فاننا مسؤولون عن صحة أبنائنا ليتمتعوا بأفضل صحة، وهذه مسؤولية شرعية.
(وَاجْعَلْهُمْ أَبْرَاراً)، البَرّ يعني العامل بالصالحات، (أَتْقِيَاءَ بُصَراءَ) بأن يكونوا بصراء بالمطبات، وبمزال الأقدام، وبصراء بالحق من الباطل، و(بُصَراءَ) يتعلق بالعقل النظري بينما (أَتْقِيَاءَ) يرتبط بالنفس والسلوك العملي، و(أبرار) يتعلق بالعمل الصالح، إذن أتقياء وبصراء يرتبط بالإنسان في نفسه والبار في علاقته مع الآخرين.
ثم يقول : (أللَّهُمَّ اشْدُدْ بِهِمْ عَضُدِي)، لعلكم الآن لا تستطيعون أن تأسسوا مؤسسة ضخمة للإقراض الخيري الحسن، ولكنكم بمعونة أبنائكم يمكنكم ذلك إذا ربيتموهم أحسن تربية.
يقول أمير المؤمنين (صلوات الله عليه): أتزعم انك جرم صغير وفيك انطوى العالم الأكبر.
وقد لا تستطيعون أن تصلوا إلى أهدافكم بأنفسكم ولكن عن طريق أبنائكم قد تصلون، فركزوا إذاً على أبنائكم وبناتكم بهذه الطريقة، والدة الشيخ الأنصاري لم تستطع ان تكون فقيهة عملاقة لكنها ربَت فقيها عملاقاً، الشيخ الأنصاري من أهم فقهاء الدهر وليس فقط في الأسلام، أمه هي التي ربته.
(وَأَقِمْ بِهِمْ أَوَدِيْ)، الأود يعني الاعوجاج، فيعينون آباءهم وأمهاتهم لإقامة ما أعوجّ من أمورهم لأن الأب أو الام قد يزلّون لأنهم بشر، الإمام يوجهنا توجيهين: أن يكونوا عضداً لنا من جهة، ومن جهة أخرى أن يكونوا مسددين لنا.
(وَأَحْييِ بِهِمْ ذِكْرِي)، ذلك انكم بعد عمر طويل، مثلاً بعد 50 سنة أو أقل أو أكثر، تنتقلون إلى العالم الآخر، فمن الذي يحيي ذكركم؟ (الجواب: الأبناء والبنات والأحفاد والحفيدات)، وهذا مطلوب شرعاً، ليس حبا في الأنا وإنما حباً في الثواب، الإمام يعطينا خطاً ويقول امشوا على هذا الخط، يجب أن تفكروا كيف تحيي ابنتكم ذكركم.
(وَاكْفِنِي بِهِمْ فِي غَيْبَتِي)، فإذا غبتم غيبة قصيرة أو طويلة فأبنائكم يتحملون الثقل والمسؤوليات عنكم، (وَأَعِنِّي بِهِمْ عَلَى حَـاجَتِي) إلى آخر كلام الإمام.
إذن، الإمام (عليه السلام) يعطينا في هذه الرواية استراتيجية مستقبلية - حالية، فان الكثير يسألنا عن الوضع الخطر في الجامعات وكيف نسيطر على الوضع في مواجهة مدّ الشبهات والفساد الأخلاقي، والجواب على ضوء الرواية: استثمروا الآن في أبناءكم وهم صغار فإذا استثمرتموهم جيداً سيقوى عودهم ويشتد ويصلب على الإيمان والتقوى وسيكونون دعاة ورساليين وسيكونون أطوادا شامخة بإذن الله (أَفَمَنْ أَسَّسَ بُنْيانَهُ عَلى تَقْوى مِنَ اللَّهِ وَرِضْوانٍ خَيْرٌ أَمْ مَنْ أَسَّسَ بُنْيانَهُ عَلى شَفا جُرُفٍ هارٍ فَانْهارَ بِهِ في نارِ جَهَنَّمَ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمينَ) (سورة التوبة: الآية 109)، فهذا إذن أولاً.
ثانياً، وفي هذا الإطار، لا تكفي النظرية فقط، كلامنا إلى حد الآن كان نظرياً، إذ كنا نقول: ربّوا أبناءكم وبناتكم بحيث يأسسون مثل محمد يونس وأكثر، يحملون طموحات وأهدافاً كبيرة جدا، يألفون كتباً يطبع منها 10 ملايين، أسألكم سؤال: هل هناك واحدة منكن تطمح أن تألف كتابا يطبع منه 10 ملايين نسخة؟ حسب الظاهر لا، بل إذا طبع منه 10 آلاف نسخة فانكم تفرحون..، لعل الزمان لا يساعدكم، أما إذا ربيتم ابنكم وابنتكم سلكتم الطريق الذي يوصل إلى ذاك العدد فهذا ممكن، الشيء لعله الآن لا يمكن لكن بعد عشرين سنة يمكن، الحياة في حالة تغير وتبدل، فنحن كنا نقرأ الكتب بالطريقة التقليدية، في المستقبل في العالم الافتراضي لعل ابنكم يكتب كتباً وينتج أفلاماً وبرامج مختلفة بأدوات التواصل الحديثة فتصل المشاهدات والقراءات إلى 10 ملايين أو حتى 100 مليون قارئ وقارئة.
لا تكفي النصيحة فقط، بل صادقوا أولادكم
إضافة إلى ذلك فهنالك بحث آخر عن الجانب العملي وهو أنه: لا تكفي النصيحة فقط، بل من المفترض أن نكون أصدقاء مع أبناءنا وبناتنا، وحينئذٍ عندما يختلج في بال البنت شيء ويعتصرها همّ فانها لا تفضي بذلك إلى بنت مثلها جاهلة فترشدها بنصيجة خاطئة، بل تفضي إلى أمها، لأنها أنضج وأفهم وأعرف بالقضايا، ومن الواضح انه عندما يُغلَق باب الأب والأم بوجه الأولاد، ولا تكون هناك صداقة أو انفتاح بينهم فانهم سوف يُسِرّون إلى أصدقائهم بمكنونات ضمائرهم.
وبعبارة أخرى على المستوى العملي، هل تكفي النصيحة والموعظة؟، الجواب لا.
وبكلمة: ان عليكم أن توفروا كافة مستلزمات الحياة الطيبة لأودلاكم وبناتكم وأحفادكم، (فلنحيينه حياةً طيبة)، وهذا بالفعل يستدعي جهداً كبيراً ووقتاً كبيراً.
أذكر لكم طريفة لطيفة تمهيداً لكي نذكر مصداقاً من المصاديق المهمة لذلك وعليكم أن تفكروا في سائر المصاديق.
مزرعة الدجاج والكاهن الغريب!
كان هناك مزارع له دجاجات كثيرة ولنفترضها 2000 أو 3000 وكان يؤمّن معيشته بالأساس من بيع بيض الدجاج ومما تفرخه من دجاجات، ولكن انتشر مرض مجهول فقضى على المئات من دجاجاته، فجاء إلى كاهن (وهو الذي يتصل بالجن)، - فان الأمم تختلف في من تلجأ إليه، البعض يلجأ للطبيب البعض لرجل الدين، البعض يلجأ للعرَاف أو الكهنة وهكذا - فأتى إلى الكاهن وقال له هناك وباء غريب اقتحم مزرعتي وقضى على المئات من الدجاج، قال الكاهن له: اذهب في منتصف الليل في المقبرة واقرأ أوراداً معينة لمدة 4 ساعات فسيقضي ذلك على المرض ويحمي بقية الدجاجات!!، بالفعل ذهب المزارع إلى المقبرة بقى ساعات في ظلام الليل البهيم في تلك المقبرة المنعزلة يقرأ الأوراد على خوف ووجل وكله أمل في القضاء على المرض بذلك.. لكنه في اليوم التالي رأى أن قسماً آخر كبيراً من الدجاج مات، ذهب إلى الكاهن وقال له: لقد طبّقت الوصفة وذهبت للمقبرة وقرأت الأوراد كلها لساعات، لكن المرض لا يزال مستفشياً في الدجاجات، فما الذي أصنعه هذه المرة؟، الكاهن فكّر قليلاً وقال له هذه المرة الحل هو أن تذهب للمزرعة وتشغّل الموسيقا بأعلى الأصوات!!، وبالفعل ذهب ذلك المسكين ورفع صوت الموسيقا في المزرعة إلى أعلى الدرجات لكنه في غد ذلك اليوم وجد قسماً كبيراً آخر من الدجاج قد مات!، أتى إلى الكاهن وقال له أن هذا العلاج لم يفد، قال الكاهن، إذن هناك علاج آخر وهو أن تصبغ جدران المزرعة بألوانٍ زاهية ومشرقة، ذهب المزارع وصبغ الجدران لكنه فوجئ بأن ببقية الدجاجات ماتت كلها!.
أتى إلى الكاهن، فأخبره بأن الدجاج كله مات، - انظروا للوقاحة- فقال الكاهن له: واأسفاه.. لقد كان لدي المزيد من الأفكار المبدعة!!.
فكّر المزارع المسكين: إذا الدجاج كله مات فماذا أصنع بهذه الأفكار المبدعة!.
وهذا مَثَلٌ وليس بالواقعي كما هو واضح لكنه مَثَلٌ معبّر، كثيرا ما يجب أن نفكر فيه بالنسبة إلى أنفسنا، لأننا نتكلم كثيراً بطروحات كثيرة، وهنا بيت القصيد: مجرد أن تكون لدي أفكار إبداعية جميلة أو ان أوجّه ابني أو ابنتي والمجتمع، من على المنبر أو تحت المنبر، بكلمات خلّابة لا يكفي، وذلك لأن الناس والأولاد والبنات لهم حوائج طبيعية، فإذا لبيتم تلك الحوائج إلى جوار ذلك نظّرتم لهم وخططتم لهم فسيمشون على الدرب، وإلا فان مجرد الكلام لا يسيّر الأمور.
الأمير صلوات الله عليه يقول: (كاد الفقر أن يكون كفراً)[2].
استراتيجية تزويج الأولاد مبكراً
المثال الذي نشير إليه الآن من هذا القبيل: تزويج الأولاد والبنات في سن مبكرة، وذلك لأن الزواج حاجة طبيعية، لكنّ الأب والأم نتيجةً ثقافة خاطئة أحياناً وضغوط اجتماعية معينة أحيانا أخرى، أو لغفلة أحياناً، يأخّرون الزواج، وهكذا يرتفع سن الزواج في مجتمعاتنا، اليوم تجدون الشاب في الجامعة غير متزوج، والشابة في الجامعة غير متزوجة، ومع ذلك نقول لهم كونوا صالحين عفيفين! كيف يتيسر لهم ذلك؟ إلا من عصمه الله.
يوسف (على نبينا وعليه السلام) صنع معجزة في صبره في ذلك الابتلاء، الشباب في الجامعة يبتلون بعشرات المواقف، ربما المشابهة أو المقاربة، كل يوم، الشاب في الجامعة كل يوم يفتح عينيه على مناظر مختلفة وكذلك الشابة، كيف تتوقعون من هذا الشاب الذي يعيش في بحر الفتنة وهو غير متزوج والشابة التي تقضي ساعات في الجامعة وهي غير متزوجة، أنْ يستعصم؟
توفير فرص العمل لهم
مثال آخر: مسؤوليتكم لا تقتصر بالنسبة إلى الأبناء الذين هم أمل المستقبل على أن تبنوا استراتيجيتكم على التحدث معهم وان تجلسوا معهم وتعلّمونهم الروايات وتنظّرون.. هذا جيد جدا، لكن يجب أيضاً أن توفروا لهم فرصة عمل، البطالة تسبب الفساد وأقل شيء: انها تستوجب الكآبة النفسية، ويكفي ان العاطل عن العمل عنصر غير مفيد في المجتمع، أنتم مسؤولون.
كل من هذين الأمرين أصبح ظاهرة عامة: البطالة من جهة والعنوسة من جهة، هناك الكثير من الشباب يريد أن يتزوج، ولكنه لا يمكنه ذلك إما بسبب ثقافة الأب والأم التي تحول دون الزواج المبكر أو بسبب ثقافة المجتمع أو ضغوطات الحياة.
فهذا هو امتحاننا وهذه هي فتنتنا في أولادنا وقد قال تعالى: (وَاعْلَمُوا أَنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ وَأَنَّ اللَّهَ عِندَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ) فان أولادكم إذا أحسنتم - على مستوى العقل النظري - تربيتهم، وأحسنتم على مستوى العقل العملي إدارتهم عندئذ هذه الفتنة تكون لكم فتنة حسنة وتزيدكم درجات إلى درجات، تزيد جوهركم الذاتي جلاءً ونوراً وبريقاً وألقا، أما إذا قصّرتم في أي شيء من هذه المسؤوليات: في تربية أو صحة أو زواج أو أخلاق أو توفير فرص العمل للولد أو البنت فأنتم حينئذ تكونون حينئذٍ، لا سمح الله، ممن سقط في هذه الفتنة كما في الآية: (أَلا فِي الْفِتْنَةِ سَقَطُوا) (سورة التوبة: الآية 49).
بعض الناس يسقطون في الفتنة، والبعض ترفعهم إلى أعلى عليين.
مصادر للمراجعة
نسأل الله لكم ولنا أن يجعلنا ممن يتسمك بالقرآن الكريم ونهج البلاغة والصحيفة السجادية والتي يجب أن نطالعها حقيقة بتدبر مع شرحها، السيد الوالد (قدس سره) له شرح واضح بإسم: شرح الصحيفة السجادية، طالعوه كله، له في نهج البلاغة أيضا له شرح مبسط بإسم: توضيح نهج البلاغة، أيضا طالعوه ولو لمرة واحدة، وعلّموا أولادكم وبناتكم، نظموا دورات في المنزل وأحضروا معلّمين واصرفوا الأموال على ذلك، فان هذا هو التعليم الديني الثقافي التربوي المطلوب، الوالد أيضاً له تفسير بإسم: تبيين القرآن، هذا مختصر جداً لكنه نافع جداً وهناك مفصل بإسم: تقريب القرآن إلى الأذهان.
تفسير الصافي، للفيض الكاشاني أيضاً تفسير جدا ممتاز مركز ومختصر ومفيد مبني على العقل والنقل أيضا طالعوه. وإن شاء الله يكون في ذلك لكم الخير بلطفه وكرمه، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد وآل محمد.
اضافةتعليق
التعليقات