لما للتكنولوجيا من تأثير كبير على الأطفال ومستوى تعليمهم وتنشئتهم بادرت جمعية المودة والازدهار للتنمية النسوية بإقامة دورة (الطفل ومخالب التكنولوجيا) للأمهات؛ لمعالجة مخاطر الأجهزة التكنولوجبة على صحة الأطفال وتأثيرها النفسي والصحي.
حاضرت فيها الأستاذة (فاطمة مرتضى معاش) المختصة بعلم النفس وباحثة في أحاديث أهل البيت، لمدة يومين غير متتالين، بتاريخ 27/3/2023م.
بدأت بسرد قصص عن التغيير، وهمّة الفرد وأثرها. وأشارت إلى أن العبرة هنا هي أن علينا أن نتغير نحن أولاً لنكون قادرين على تغيير أولادنا.
فلا بدّ أن تكون علاقتنا نحن بالتكنولوجيا علاقة صحيحة؛ لنكون القدوة الصالحة، فإذا كانت الأم (24) ساعة تستخدم الموبايل، ولم تستخدمه بصورة صحيحة وصحّيّة سيؤثر ذلك على طفلها.
ثم ذكرت معاش أثر الكلمة والتعامل الحسن على الطفل، واستشهدت بقول الأمير علي (صلوات الله عليه) في نهج البلاغة لابنه الإمام الحسن عليه الصلاة والسلام: "وَجَدْتُكَ بَعْضِي بَلْ وَجَدْتُكَ كُلِّي"[1]، الكلمات والأسلوب الجميل الذي يُحدث الأمير به ولده لنتعلم منه الطريقة المثلى في التعامل مع الأبناء.
وأضافت أنه أي قضية نريد أن ندخل فيها نحتاج إلى معلومات حول كيفية عمل ذلك الشيء. نحن قبل أي شيء علينا أن نتكلم حول آلية هذا العالم وكيف أنه نحن وصلنا إلى حالة أننا أو شبابنا أو أولادنا أصبحنا شبه مدمنين على التكنولوجيا، يتلاعب المصممون بكيمياء مخنا بطرق يعرف عنها استثارة سلوكيات إدمانية، وشرحت الآلية حول هذه الطرق.
ثم أوضحت معاش التأثيرات السلبية للتكنولوجيا والتي لخصتها بنقاط:
1- عدم مواجهة أفكارنا: إن كانت هواتفنا الذكية تتفوق في شيء واحد فهو أنها تضمن ألا نضطر لأن نترك لأنفسنا أبدا وقتاً للتفكير، عندما نصاب بمشكلة ما في حياتنا يجب ويبقى علينا أن نحللها أو نجد حلول لها ولكن بدل ذلك للهروب من الحزن والكآبة نلجأ إلى التكنولوجيا.
2- أنها تسبب شعور الأطفال بالسلطة الفكرية الزائفة.
3- تجعل الأطفال يبتعدون عن العالم الواقعي ويعيشون في عالم الخيال.
٣- تجعل الأطفال يشعرون بالرضا الزائف أو الكاذب.
٤- تعلم الأطفال على عدم تحمل الصعوبات.
5- التكنولوجيا تنشيء لنا جيلا كسولا لا يستطيع تحمل أي مسؤولية، يقول الصادق (عليه السلام): "إِيَّاكَ وَالْكَسَلَ وَالضَّجَرَ فَإِنَّهُمَا يَمْنَعَانِكَ مِنْ حَظِّكَ مِنَ الدُّنْيَا وَ الْآخِرَةِ."[2]
٥- تجعلنا نصبح غير مبالين بكل شيء، الطبيعة مع جمالها لا نبالي بها، والظواهر الإنسانية كالظلم والفقر كلها أصبحت ظواهر عادية.
٦- أنها تسبب الانعزال الاجتماعي، أولا من العائلة وثانيا من الأرحام وثالثا من الأصدقاء، الأطفال الالكترونيون لا يرغبون بأداء أدوارهم في المجتمع، إذا مرَّ الأطفال بالمراحل الاجتماعية بشكل طبيعي في المراحل التالية يستطيعون بسهولة أن يكونوا علاقات اجتماعية موفقة ولكن إن لم تشكل بطريقة صحيحة فسيفشل لا محالة.
بعد ذلك تطرقت معاش للحلول لإدارة مخاطر التكنولوجيا على حياة الأطفال وقالت: إن هناك عدة خطوات يمكن أن نتخذها لنستطيع أن نقابل التكنولوجيا ونمنع من أن تسيطر على حياة أطفالنا ماديا ومعنويا ودينيا:
١- اليقظة الذهنية (mindfulness) وهي أن نركز بانتباه قوي لما نشعر به في الوقت الحالي.
٢- الوعي والتعلم، يجب أن نوعي أولادنا عن ماهية التكنولوجيا وعن مخاطرها، فعن أمیرالمؤمنین (عليه السلام): "يَا كُمَيْلُ مَا مِنْ حَرَكَةٍ إِلَّا وَ أَنْتَ مُحْتَاجٌ فِيهَا إِلَى مَعْرِفَةٍ".
٣- وضع قوانين وحدود للاستفادة من الأجهزة الالكترونية كمياً وكيفياً، وتطرقت إلى بعض هذه القوانين.
4- تعلم التفكير النقدي: إذا لم أتعلم أن أنظر إلى الأمور بصورة نقدية وأفكر بصورة انتقادية فأنا عرضة لكل التأثيرات والأخطاء والأكاذيب والإشاعات المنتشرة على الإعلام، فلنتعلم ذلك ونعلم أولادنا أن يفكروا ويحللوا الظواهر بصورة انتقادية.
ثم تحدثت عن عقل الإنسان وطريقة عمله وكيف أن الإعلام يؤثر على العقل الباطن من خلال الإيحاء والتلقين وكيف بذلك يشكل سلوكياتنا وسلوكيات أولادنا، وهناك مكاتب فكرية تعمل بجد في هذا العصر عن طريق الاعلام والتكنولوجيا تحاول أن تشكل سلوكيات أولادنا منها:
⁃ الإلحاد atheism
⁃ الفردية humanism
⁃ النسوية feminism
⁃ الشذوذ الجنسي homosexuality
⁃ مفاهيم ضد المهدوية.
وأوضحت كل من هذه المكاتب كيف تعمل لانتقال أفكارها وأكدت بأنه يجب أن نوعي أولادنا عن هذه المكاتب وكيف أنهم يدسون أفكارهم في الأفلام الكرتونية والانيميشن والألعاب الالكترونية.
5- الاهتمام بحاجة الأولاد إلى الحب والنمذجة: إن الحاجة إلى الحب والاقتداء هي فطرة لدى الانسان وإذا لم تلبى بصورة صحيحة فسيبحث الطفل عن بديل لها، ودين الإسلام أتانا بخير نماذج نقتدي بها فكما قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): "لَقَدْ كانَ لَكُمْ في رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ". في الطريقة التربية العصرية النمذجة للأطفال والشباب أخذت لونا آخر بجعل أما شخصيات غير حقيقية وزائفة سلبية وأما بمشاهير سلبيين على طريق سلبي وذو صفات سلبية عن طريق الإعلام.
يقول أمير المؤمنين علي عليه السلام في علاقته مع رسول الله (صلى الله عليه واله):
"وَلَقَدْ كُنْتُ أَتْبَعُهُ اتِّبَاعَ الْفَصِيلِ أَثَرَ أُمِّهِ يَرْفَعُ لِي فِي كُلِّ يَوْمٍ عِلْماً مِنْ أَخْلَاقِهِ وَيَأْمُرُنِي بِالاقْتِدَاءِ بِهِ".
التربية الدينية يجب أن تُبنى على الحب والمحبة؛ فتكون نتيجتها ازدياد محبة الله وأولياءه في قلوب أولادنا.
6- التربية الايمانية وحفظ المعنوية في بيئة العائلة: بأننا لتوقي الأثر السيء للتكنولوجيا يجب أن نركز على التربية الايمانية والمعنوية لأولادنا، حفظ المعنوية في بيئة العائلة تحفظ وتشبع روح أولادنا من الأخطار النفسية للإعلام، من أهم النتائج للتربية الايمانية هو تشكل حالة التقوى لدى الأطفال، والتقوى حالة يتعلم فيها اطاعة الله سبحانه وأن يتجنب ما حرمه، فبذلك يتشكل لديه تحكم ذاتي ومن الداخل، بحيث حتى في غياب الوالدين فإنه يستطيع أن يحفظ نفسه من مخاطر التكنولوجيا ويصبح ذلك ملكة لديه.
وفي النهاية أكدت على أثر دعاء الأم للأولاد والتوسل بأهل البيت (عليهم السلام) للتوفيق وتربية أولاد صالحين.
وعلى هامش الورشة للحث على تعليم الطفل وتعويده على الألعاب الفكرية كان هناك بازارًا للألعاب الفكرية والقصص والكتب الخاصة بالأطفال والتربية.
وفي استبيان أجرته الجمعية مع الأمهات حول الدورة فكانت أهم الآراء:
- كانت جلسة رائعة وتعلمت كيفية التعامل الصحيح مع الطفل لتفادي الأخطاء في التربية.
- كل ماقدم جيد ومفيد، أدركت أن طوفان التكنلوجيا ايجابي وسلبي ولكن ذلك يتوقف على كيفية استغلالنا لها، فنحن من نقرر أن تكون سلبية أو ايجابية.
- كانت فوق الممتاز وركزت على أمور كانت غائبة عنا أهمها تعليم التقوى للأطفال.
- الدورة كانت جيدة جدا، حيث استفدت منها الأسس التي تتبعها الثقافة الاعلامية على أولادنا وتأثيراتها على نفسيتهم على المدى البعيد، كذلك توجيه الأولاد نحو استخدام آمن ومنضبط للتكنلوجيا واحاطتها من الناحية الدينية والنفسية.
- اعط الدورة 10 على 10 وأحببت معلومة الصيام الالكتروني كثيرا وسأجربه مع العائلة.
- لابد أن أبدأ بنفسي وكذلك الانتباه الشديد على الجزء اللاواعي للطفل.
جدير بالذكر إنّ جمعية المودّة والازدهار للتنمية النسوية، تهدف إلى توعية وتحصين المرأة ثقافياً لمواجهة تحدّيات العصر والعمل على مواجهة المشاكل التي تواجهها، وإعداد العلاقات التربوية الواعية التي تُعنى بشؤون الأسرة، وكذلك دعم ورعاية الطفولة بما يضمن خلق جيل جديد واع.
اضافةتعليق
التعليقات