تسعى معظم الأمهات إلى توفير الاحتياجات الأولية مثل الطعام والنوم وغيرها، متجاهلين الجانب النفسي الذي يعتبر عنصراً أساسياً للأطفال، فمثلاً قد يكون استقبال الأم لأطفالها عند قدومهم من المدرسة بابتسامة له آثار إيجابية عليهم أفضل من اهتمامها بالجانب الذي يتعلق بالتغذية.
هذا الإهمال العاطفي للطفل يتسبب في بعض المشاكل النفسية التي أطلق عليها المحللون النفسيون والباحثون "جرح الأم"، الذي غالباً ما يصيب نسبة مرتفعة من الإناث بالمقارنة مع الذكور، خاصة مع انشغال الأم وإهمال أطفالها.
انشغال الأم ونفسية الطفل
حسب توضيح المعالجة النفسية "شيري جابا" لموقع "Psychology Today" أنه يمكن تعريف جرح الأم بفقدان الأمومة أو نقصها، كما يمكن أن ينتقل القصور في علاقة الأم بطفلها عبر الأجيال، وقد يكون انعكاساً لعلاقة الأم بوالديها أيضاً.
وأضافت المعالجة النفسية أن تشخيص هذه الحالة لا يعد محدداً، لكن يمكن اعتبارها طريقة للنظر في كيفية ارتباط السلوكيات الاعتمادية للأفراد بما فقدوه في الماضي، من بين السلوكيات التي تقوم بها الأم وتتسبب في جرح الأم نجد:
الانشغال الدائم عن الطفل، أي الاهتمام بالاحتياجات الجسدية فقط، متجاهلة الاحتياج النفسي الكافي الذي يحتاجه الطفل، كما أن عدم تعاطف الأم مع طفلها للتصديق على مشاعره، أو كبت مشاعره على سبيل المثال "الرجال لا يبكون" قد تكون من أهم العوامل المسببة لجرح الأم.
وأضافت الدكتورة شهد إبراهيم استشاري العلاج النفسي "للجزيرة نت"، أن من بين الأسباب التي تجعل الأطفال يعانون من جرح الأم هو التعامل معهم بجفاء، بالإضافة إلى النقد الشديد من خلال إظهار سلبياتهم ومقارنتهم بالآخرين.
حسب مجلة "Healthline"، فإن عدم القدرة على معرفة مشاعر الأطفال، قد يتسبب في خلل نفسي ناتج عن "جرح الأم"؛ إذ لا يطور الأطفال القدرة على تهدئة أنفسهم، بدلاً من ذلك قد يلجأون عند بلوغهم إلى الأشياء خارج أنفسهم من أجل الراحة، يمكن أن تشمل هذه الأشياء أنشطة التخدير مثل الكحول والمخدرات.
قد يواجه المصابون بجرح الأم بعد بلوغهم صعوبة في تكوين العلاقات الإيجابية التي نتوق إليها جميعاً والحفاظ عليها لأنهم لم يتعلموا أبداً الثقة بالمصدر الموثوق.
مخاوف واضطرابات نفسية
يعاني المصابون بـ"جرح الأم" مخاوف واضطراباً نفسياً يتعلق بمشاعر أمهاتهم ناحيتهم، فغالباً ما يتساءلون حول ما إذا كانت أمهم تحبهم أم تحب أشقاءهم أكثر منهم؟
تتسبب هذه الحالة في عدم الثقة وتذبذب علاقتهم بأمهم التي تتسبب في صعوبات في ربط علاقة وطيدة معها، ما يجعلهم دائماً يقومون بالأفضل من أجل لفت الانتباه والحصول على القبول.
يعاني المصابون بجرح الأم من نقص تقدير الذات والثقة بالنفس، وعدم القدرة على التهدئة الذاتية، بسبب افتقادهم الوعي العاطفي وكيفية إدارة المشاعر والتعامل معها بشكل صحي، ويشعرون دائماً بالنقص والافتقار إلى القدرات اللازمة للتواصل مع الآخرين.
تبدأ هذه العلامات في الظهور على الطفل من بداية 5 سنوات، وذلك عبر إظهار الطفل بعض المشاعر السلبية مثل الشعور أنه مرفوض وغير مرغوب فيه من الآخرين، والغضب الشديد، والانعزال وعدم القدرة على تكوين صداقات.
نصائح للعلاج من جرح الأم
رغم أن جرح الأم ليس تشخيصاً سريرياً أو طبياً، إلا أنها حالة يمكن ملاحظتها بشكل واضح، كما يساعد التئامه الطفل في تكوين علاقات اجتماعية وكسب الثقة في النفس، وهذه بعض النصائح المقدمة من الاختصاصيين النفسيين:
الخطوة الأولى في علاج جرح الأم هي السماح لنفسك بالشعور بالألم واستكشاف مشاعر الطفل الداخلية، ومن الأفضل أن تسمح له بالتعبير عن مشاعره في بيئة علاجية آمنة.
في حال كان المصاب بالغاً فهذه هي الخطوات اللازمة للتغلب على جرح الأم:
التعرف على مشاعرك واستكشافها ومعرفة كيفية التواصل معها.
أخذ الوقت الكافي لمعرفة ما تمر به ومحاولة التغلب عليه.
في حال كنت تنتقد نفسك بشدة، انتبه للصوت بداخل رأسك، وإذا وجدته صوت والدتك الناقد لك لاحظ ذلك، واعلم أنه لا يعبر عنك، وحاول أن تكون لطيفاً مع نفسك وتتعامل معها كما كنت تود أن تتعامل معك والدتك.
وأخيراً امنح نفسك شيئاً مما افتقدته خلال طفولتك.
وحسب المجلة نفسها تعتبر الرعاية الذاتية من بين أهم الطرق التي تساعد الشخص في التخلص من جرح الأم، وذلك عبر القيام بنزهة صباحية فردية قبل الذهاب إلى العمل، أو في بعض الأحيان الخروج مع الأصدقاء لشرب القهوة أو في رحلة، قد يجعل الإنسان يشعر بالرضا والثقة في النفس. حسب عربي بوست
لماذا يفضل الرضيع أن يظل دوما بين أحضان أمه؟
تتساءل الكثير من الأمهات عن السبب الذي يجعل الرضع يرغبون دائما في أن يحلموا، ويشرعون في البكاء إذا ما ابتعدن عنهم.
وتطرق موقع "ستيب تو هيلث" إلى حاجة الرضع الماسة لأمهاتهم والشعور بوجودهم دائما. ويقتضي هذا الأمر أن تعمل الأم على تقوية الروابط بينها وبين رضيعها حتى تلبي كل احتياجاته.
وبين الموقع أنه فور ولادته، لا يستطيع الطفل التعرف على أمه، لكنه وبشكل غريزي يستشعر ما يحتاجه للبقاء على قيد الحياة.
وفي الأثناء، تساعده الآلية -التي جعلته مرتبطا بأمه داخل رحمها- على تبين الطريق نحو ثدييها، حيث يمكن أن يجد غذاءه. وبعد ولادتهم، يكون الرضع غير ناضجين ومعتمدين بشكل كامل على أمهاتهم حتى يعيشوا.
وبين الموقع أنه غالبا ما تدفعنا غريزة الأم إلى العمل على تأمين الغذاء لطفلنا وقضاء أكثر وقت ممكن معه. في المقابل، وعوضا عن تأمين حاجة رضيعنا إلى الشعور بالحب والبقاء إلى جانبه، نسمح لآراء من حولنا بالتأثير علينا.
فللأسف، سيخبرنا الكثير من الأشخاص أننا لسنا في حاجة إلى حمل طفلنا كلما شرع في البكاء، وتعليل ذلك أنه في حال قمنا بذلك باستمرار سيتعلم الرضيع كيفية التلاعب بنا، ولن يكون مستقلا.
ولكن، يحيل هذا الاعتقاد إلى أن الرضع يفهمون حقيقة التلاعب بالأشخاص وماهية الاستقلالية. في حقيقة الأمر، يحتاج الطفل إلى الغذاء، أي الحليب، الأمر الذي يجعله يعتمد على أمه حتى يعيش وينمو.
وأكد الموقع أن الحب أكبر حافز لخلق روابط عاطفية مع رضيعك ويساعده خلال مختلف مراحل نموه وتطوره. وبالتالي، يمكن القول إن طفلك يرغب دائما في أن يكون بين أحضانك، لأن الحب والحنان يعدان حاجة أساسية بالنسبة للطفل تماما مثل الطعام وتغيير الحفاض.
رابط عاطفي
يرغب الرضيع في أن يُحمل دائما ويحتاج إلى أن يكون قريبا من أمه على امتداد الـ 9 أشهر الأولى من حياته على الأقل، حيث يساعده هذا الأمر على التأقلم مع الحياة خارج الرحم.
ويستطيع الرضيع أن يشعر بحب الأم من خلال البقاء بقربها والاتصال جسديا بها، وهو الأمر الوحيد الذي يضمن خلق رابط عاطفي بين الأم ورضيعها.
وأفاد الموقع أن بكاء الرضيع لا يكون فقط لأنه جائع أو لحاجته لتغيير الحفاض أو لأنه يشعر بالنعاس. في الحقيقة، يحبذ الرضيع البقاء بين أحضان والدته لأن بشرتها تعتبر الطريقة الرئيسية للشعور بحبها. فضلا عن ذلك، يوجد دافع غريزي يحث الطفل على أن يكون قريبا من أمه، وبالتالي البقاء بين أحضانها.
وأكد الموقع أن الكثير من الأشخاص يصرون على أنه يجب على الرضيع أن ينام لوحده في غرفة منفصلة، وأن نلزمه بجدول طعام صارم، أو أنه لا يحتاج إلى أن نشعره بالراحة والطمأنينة عندما يبكي. في المقابل، لا يدرك الكثيرون أنه وعلى امتداد 9 أشهر، كان الرضيع ينام بالقرب من قلوبنا ويتغذى عن طريق الحبل السري ويشعر أننا بجانبه دائما.
وأوضح أنه في فترة الأربعينيات، أجرى د. رينيه سبيتز، وهو محلل نفسي نمساوي، دراسة توصلت إلى أن عددا كبيرا من الوفيات بدور الأيتام كان بسبب انعدام الحب هناك. وعمدت الدراسة إلى المقارنة بين رضع يعيشون حالة من العزلة في مهود بالمستشفيات، وبين رضع نشؤوا في السجن مع أمهاتهم.
وتبين أن الرضع -الذين نشؤوا بين أحضان أمهاتهم- نموا بشكل أسرع وكانوا يتمتعون بصحة أفضل. من جهة أخرى، كان الرضع المعزولون يعانون من مشاكل جسدية وذهنية عندما كبروا في السن. وبشكل مؤسف، يكون الموت مصير 37% من الرضع في دور الأيتام الذين لم يحظوا بأي اتصال جسدي من قبل أمهاتهم.
وسنة 2007، نشرت دراسة مماثلة في رومانيا لتثبت صحة نظرية د. سبيتز، وتبين أن الحب يمثل الركيزة الأساسية حتى ينشأ الطفل بصحة جيدة وينمو بشكل سليم.
الحب
أقر الموقع أن غريزة الأم تحث السيدات إلى الالتصاق بأطفالهن، تماما مثل رغبة أطفالهن في البقاء في أحضانهن، فهذا الشعور طبيعي ومتبادل.
ونظرا لرغبتنا في أن يكون أطفالنا مستقلين، نعمل في بعض الأحيان على تسريع مراحل نموهم ودفعهم إلى المرحلة الموالية في وقت زمني أقل. لكن لا بد أن ندرك أمرا مهما للغاية، ألا وهو أن فترة الـ 9 أشهر التي تكون مخصصة لتقوية الروابط مع الرضيع كفيلة بأن تجعله يستعد حتى يكون مستقلا بالمرحلة الموالية.
على الرغم من ذلك، تبدأ مرحلة الاستقلال الفعلية عندما يبلغ الطفل سنته الثانية. ويمر بمراحل مختلفة من الاستقلالية في طفولته ومراهقته لتنتهي ما بين سن 15 و18.
على العموم، لا يسعنا القول سوى أن السماح لطفلك بالبقاء بين أحضانك يعد الطريقة المثلى لتعبري عن حبك. حسب الجزيرة
اضافةتعليق
التعليقات