(ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ)..
تعدّ المجالس الحسينية النسائية من أعظم الشعائر الدينية التي ازدهرت في الآونة الاخيرة في مدينة كربلاء المقدسة والتي تقام سنويّاً في عاشوراء، ومن أبرز هذه المجالس التي تشارك في احياء الشعائر الحسينية؛ حسينية العترة الطاهرة والتي تم تأسيسها في عام (1328هـ) في منطقة القزوينية، وقد سُميت بالعترة الطاهرة تيمنا بعترة رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) وقد كانت نشاطات الحسينية تميزها عن غيرها من الحسينيات لأهميتها و الدور الكبير الذي لعبته على مرّ السنين، في توعية المجتمع النسوي تجاه العديد من القضايا الفكريّة والعقائدية الهامّة، التي لا بدّ للنساء من التوعية فالحسين عِبرة وعَبرة.
تستمر الحسينية في إحياء المجالس في ذكرى وفيات ومواليد الأئمة الطاهرين (عليهم السلام) ومنها شهري محرم الحرام وصفر التي اُقيمت في الحسينية، وهي بلا شك من الممارسات التي حث عليها أهل البيت (عليهم السلام) على نشرها وإحياءها وتوارثها المؤمنون جيلاً بعد جيل، كما وهذه المجالس تُحظى بأهمية لدى عامة الناس ولها فوائد عظيمة لا يمكن تجاهلها أو تناسيها، من خلال المواعظ والتنوع في المحاضرات حيث احتوت على جوانب ايمانية وروحية وفكرية مرتبطة بمصيبة اليوم وما يعانيه المجتمع من التساؤلات الفكرية ومواجهة التيار وتوعية الشباب، حيث أن مجتمعاتنا اليوم تعاني من ثغرات أخلاقية وأخرى ثقافية، والنساء تعاني أشد المعاناة بحكم مسؤوليتها تجاه الأسرة.
"بشرى حياة" تسلط الضوء على حسينية العترة الطاهرة، فستعرض لكم أحبتي القراء أبرز المحطّات والنشاطات:
_تخليد شعائر أهل البيت (عليهم السلام) واحياءها في نفوس الاجيال.
_إقامة مسرح حسيني يعرض عليه أهم الأحداث التي شهدتها واقعة الطف خلال العشرة الاولى من شهر محرم الحرام.
_تعليم النساء الأحكام الفقهية.
_إطعام المعزين من بركات العترة الطاهرة.
_تأسيس الهيئات الشابة من داخل الحسينية منها هيئة السيدة رقية / هيئة المحسنية / هيئة بنات الحسين.
_اضافة الى جملة انشطة اخرى كالندوات الثقافية والمحاضرات التربوية التي يتم التنسيق فيها مع جمعية المودة والازدهار.
_ذكر آل الشيرازي رضوان الله عليهم وتوصياتهم نحو القضية الحسينية.
وقد التقينا مع خادمة الإمام الحسين (بتول المنكوشي)، من خدمة هيئة السيدة رقية (عليها السلام)، وسألناها، كيف تصف خدمتها لسيد الشهداء (عليه السلام)؟
بحرقة قلب وبعلامات الحزن بدأت ترتل علينا أبيات غرامها لشهر محرم الحرام لتقدم نفسها لمن بذل روحه وجسده لشيعته:
_نحن لا نقدم شيء كل ما نقدمه قليل جدا و قد يكون ذرة من التراب أمام هذا الصرح العظيم، طالما عشت مع هذه الخدمة أيام طويلة ويكفيني فخرا عندما ينادوني خادمة الحسين..
_ ماذا تعلمتِ من الحسين عليه السلام؟
_الحسين علمني التواضع والمحبة.
وقفة اخرى مع الهيئة المحسنية تحدثنا مع السيدة (أم محمد علي الصراف)..
_تعلمتُ من الحسين أن المظلوم ينتصر، تعلمت الإخلاص، وأتمنى من الله أن يديم علينا نعمة الخدمة وان لا يحرمنا منها..
سيدة عرف عنها التواضع والإخلاص تخدم من دون اسم أو لقب، السيدة الفاضلة (أم حسن وكيل)، تطرق بحزن وتقول:
_من انا حتى اتكلم عن الحسين وعن شرف الخدمة، "كل الخدم تنهان شفناها بالعين، بس بكرامة تعيش خدام الحسين"، عند رؤية هلال شهر محرم وحتى ليلة العاشر شعور لا يوصف، الكل يخدم، الكبير والصغير، فقط من اجل ان يسجل اسمه في سجل المعزين.
_كلمة تقوليها؟
_هيهات منا الذلة..
_المثال العالي للمرأة من الشخصيات النسوية الجليلة القدر؟
_ السيدة زينب(عليها السلام).
السيدة (أم أحمد الصفار) تطرح بعض المسائل الفقهية، وتعلق على كلام الأخوات:
_الحسين أعطاني كل ما أتمنى، فكيف لا أخدمه، نذرت عمري وسنيني ولدي وأحفادي لذرية الحسين وخدمتهم فهذا شرف لنا.
جلسة اخرى مع صاحبة هيئة السيدة رقية عليها السلام، السيدة (صفية الوكيل) قائلة:
_خدمة الحسين اضافت لي الكثير، لم اكن املك شيئا الحسين اعطاني كل شيء، المال والبنون والجاه، لهذه العطايا الكثيرة اقل ما نقدمه هو خدمة الامام الحسين وذكر اهل بيته (عليهم السلام) لذلك تأسست هيئة السيدة رقية في الوقت الذي كان فيه ذكر مصيبة الطفلة رقية غير معروفة عند اغلب الناس، في عام (1ـ 1ـ1427) بدأت الهيئة في اقامة مجلس العزاء في شهر صفر ايام استشهاد السيدة رقية حيث تقام سفرة السيدة رقية (عليها السلام) في كل عام و يشترك مجموعة من الاخوات المؤمنات في إعدادها والمساهمة معنا، وبعد مرور السنوات اصبحت مجالس السيدة رقية تكثر وتقام على مدار العام، حتى الاسم اصبح يردد في كل مكان وزمان.
مسك ختامنا كان مع السيدة (أم زينب فدائي) تقدمت بدورها بالشكر الجزيل لكل الهيئات والأخوات العاملات في الحسينية والمساهمين في أحياء المجالس الحسينية وأضافت:
_أرجوا أن أكون قد قدمت شيئا في خدمة آل البيت عليهم السلام وخدمة المعزيات، وأن نأخذ بكلام السيد المرجع السيد صادق الحسيني الشيرازي دام ظله حينما قال: إن قضية الإمام الحسين صلوات الله عليه قضية لا يُدرَك غورها أبداً، وإن العلماء بالنسبة إلى القضية الحسينية المقدسة هم جهلة حتى أكابرهم وأعظمهم، فهي قضية عظمى واستثنائية لا يعلم أسرارها وعظمتها إلاّ الله تعالى والمعصومون صلوات الله عليهم، فالإمام الصادق صلوات الله عليه يقصد من قوله: (مَا لا يَنَالُهُ المتخشط فِي دَمِهِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ) هو أن مقام شهداء بدر ليس مثل مقام من يعظّم الشعائر الحسينية ويحييها، يعني أنه أرفع مقاماً من شهداء بدر.
اضافةتعليق
التعليقات