عاشوراء الاسم الذي حمل الفاجعة الكبرى التي لازال أنين واقعتها ينبض إلى الآن حيت تناقلت الأجيال صور شتى لما حصل في ظهيرته عبر مواكب تشبيهية تحمل ذات الملامح لأنصار الحسين وأهل بيته (عليهم السلام) فكان من جملتها (موكب عزاء الملائكة) الذي أسسته هيئة الطفل الرضيع تيمنًا بشهادة رضيع كربلاء إذ يصور لنا مشهد تراجيدي يحبس الأنفاس لملاك مجنح يحمل جسد طفل صغير يخترقه سهمًا مستبيحًا دمه الطاهر ليرسم لنا لوحة تقطع نياط القلب من وقائع تلك الملحمة الخالدة..
(بشرى حياة) تنقلنا عبر سطورها في جولة استطلاعية للتعرف على نشاطات هذا الموكب العظيم..
عزاء مبارك
يسرد لنا الحاج ابراهيم الخفاجي رأيه قائلا: اعتدت على الحضور طوال شهري محرم وصفر إلى منطقة ما بين الحرمين الشريفين للمشاركة بجميع مراسيم العزاء التي تقيمها المواكب الحسينية وحتى الخدمية منها.
مضيفا، وكثيرا ما شدني موكب الملائكة التي تجهزه هيئة الطفل الرضيع من كل عام وذلك لجمال الأطفال الذين يسيرون وسط صخب المعزين، كما تعد هذه السنة الرابعة التي أشارك بها في مراسيم هذا العزاء المبارك.
كوكبة شهداء
فيما قالت السيدة ابتهال الحسيني: التفاته جميلة من القائمين على هيئة الطفل الرضيع بتأسيس هذا الموكب حيل يتمثل بشهادة رضيع كربلاء إذ ينقلنا تشبيه المجسم الذي يتوسط العزاء إلى رسم ذلك المشهد القاسي الذي يحمله الامام الحسين (عليه السلام) في مصرع رضيعه بين ذراعيه حيث قدمه قربانا لإرادة الله فشاء أن يكون شهيدا من كوكبة شهداء الطف (عليهم السلام).
طفولة وشهادة
برغم الأسى الذي يحمله مصاب المناسبة تجتمع براءة الأطفال وسط حضور بهي بجلابيب بيضاء واطواق تزينت بأكاليل الورود للفتيات ليسيروا نحو قبلة أبا الأحرار الامام الحسين ابن علي (عليه السلام) معزية بمصاب رضيعه الذي جسده مجسم توسط موكبهم المتلألئ ببياض قلوبهم وثيابهم لملاك يحمل طفل قد نحر بسهم وقارئ يرثي الفاجعة ليضج المكان بأنين يصدر من قلوب اعتصرها ألم المصاب لرجال والنساء شاركوا في إحياء مراسيم العزاء.
هيئة الطفل الرضيع
وللتعرف على نشاطات هيئة الطفل الرضيع المنبثق منها موكب عزاء الملائكة حدثنا كفيل الموكب الحاج أمير صالح مهدي كردله الوزني قائلا: تأسست هيئة الطفل الرضيع في عام (2000) ميلادي، حيث كان القائمون على الموكب الحاج عبد الأمير الأموي الكربلائي والحاج علي آل مسافر والحاج صالح مهدي كردله (رحمهم الله) يقيمون العزاء سرا في البيوتات ليوم واحد في الأسبوع وذلك لمنع اقامة أي مأتم تعزية آنذاك، وكان المأتم خاص بتعليم الأطفال أداء حضور مجالس العزاء وقواعد المنابر الحسينية وفن الالقاء للقصائد من خلال اختيار صاحب الصوت والحضور المناسب لاعتلاء المنبر.
إشراقة جديدة
استمرت هذه الطقوس تمارس شعائر عاشوراء سرا حتى آن لها أن تبصر النور وتشرق من جديد خارج أسوار تلك البيوت التي احتضنتها لسنوات طوال فصدحت حناجر الأطفال والكبار برثاء أهل البيت (عليهم السلام) ليتبنى هذه الخدمة المباركة في الاشراف العام الحاج عبد الأمير مهدي الأموي الكربلائي.
مشاركة فعالة
وحول المشاركات التي تقدمها الهيئة تابع الوزني حديثه قائلا: توسعت مشاركات هيئة الطفل الرضيع بالخروج في مواكب تعزية ضمن سلسلة المواكب الأخرى داخل وخارج صحن الروضة الحسينية والعباسية، ويكون خاص للبراعم الحسينية إذ كان الموكب مختصا بـ (عزاء الزنجيل) ثم تحول إلى (عزاء اللطم) ثم شرعنا بتأسيس (عزاء الملائكة) تيمنًا باستشهاد الطفل الرضيع عبد الله ابن الحسين (عليهما السلام) حيث ينطلق في اليوم الثامن من شهر محرم الحرام بزي مميز متمثلا بارتداء الأطفال جلابيبا بيضاء وتتوشح الفتيات بخمار رأس مزين بالورود وحمله أيضا، فضلًا عن مرافقة مسير العزاء عدد غفير من المشاركين على نفس شاكلة الثياب.
قوافل العطاء
لم يكتفِ المشرفون على هيئة الطفل الرضيع بهذا القدر بل استنفروا جهودهم بالمشاركة بجميع مآتم العزاء وإيقاد الشموع في ليالي الوفيات واحياء شعائر المناسبات الدينية بمدينة كربلاء المقدسة والمدن الأخرى، فضلا عن دعمهم اللوجستي في الخدمة بتوفير مآدب الطعام للزائرين، والالتحاق بقوافل العطاء من خلال السفر إلى سوريا وتوزيع السلات الغذائية في يوم استشهاد السيدة زينب الكبرى (عليها السلام) على العوائل المتعففة هناك.
مساهمات أخرى
كما كان للهيئة مساهمات أخرى تطرق لها الحاج أمير قائلا: لقد شاركت الهيئة في اقامة معرض خاص بفن البانوراما والذي يقيمه قسم المواكب والشاعر الحسينية في منطقة ما بين الحرمين الشريفين، إذ يختص بعرض سلسلة من الصور التي تجسد المصائب التي مرت بها السيدة فاطمة الزهراء (عليها السلام) وما تعرضت له من مظلومية.
بالإضافة إلى برنامج السلة الرمضانية وكسوة الثياب الموسمية ومن ضمنها تجهيز الحقيبة المدرسية بكافة لوازمها وتوفير العلاجات الطبية للعوائل المستحقة.
وللفرح نصيب
لم تكتفِ هيئة الطفل الرضيع بهذا القدر فكما تشارك أحزان اهل البيت (عليهم السلام) كانت تشاطرهم الفرح بهذا الجانب استطرق الوزني قائلا: ومن الطقوس التي نواكبها هو إحياء المناسبات الميمونة بذكرى الولادات المباركة لأهل البيت عليهم السلام حيث نجهز مسيرة تحمل الورود مع اقامة محفل خاص بالمناسبة، فضلا عن المناسبات الأخرى مثل زواج النورين وعيد الغدير الأغر.
ختامها مسك
ختم الحاج أمير حديثه متمنيا أن يتقبل الله منهم هذه الخدمة الحسينية كما أعرب عن سعادته على الرغم من أن هذه الطقوس طقوس حزن وأسى لكنه يشعر بالغبطة لأنه يشارك بها منذ سنوات خلت، مؤكدا بأنه سيستمر بهذه الخدمة إلى أن يذكره الله بأجله لينال في تلك اللحظة شفاعة الحسين وأهل بيته (عليهم السلام) .
اضافةتعليق
التعليقات