كنتُ شجرة عظيمة ملتفة الأغصان يشعر من رآني بالشموخ والعزة، ذات يوم نبتت بجواري زهرة فائقة الجمال لم اكن اعلم من بذرها بجانبي، صارت تلك الزهرة انيسا لوحدتي واصبحت قطرات الندى الساقطة منها والتي تبللني في كل صباح تزيد من نموي اكثر واكثر....
علاقتنا اضحت وثيقة، رأيتها ذات مرة وقد تغير وضعها، كان فيها غصنا مكسورا، ويعتريها الذبول وقطرات الندى التي تبللني في الصباح صارت تنزل في المساء ايضاً، علمت بفطرتي كشجرة أن شيئاً ما أصاب رفيقتي الزهرة، ولأني اصبحت شاهقة الطول لم استطع أن انحني كي اطمئن على رفيقتي وبعد أن تملكني التعب احنيت جزءاً من أطرافي لتلك الزهرة كمبعوث يستعلم منها ما جرى...
رجع غصني متعجبا مما رأى.... وقال لي: لست كما تظن، ان هذه الزهرة مكسورة الغصن وانها تقطر عليك من الندى صباحا ومساءا، أنا رأيت العجب العجاب؟!
قالت شجرة الأراك: تكلم ياسفيري الغصن وأخبرني بما رأيت وما جرى؟
قال : رأيت امرأة تشبه الزهرة الى حد كبير، نحيفة ومحنية الضلوع تندب وتبكي صباحا ومساءا
اتخذت منكِ ياشجرتي مأوى لها تشكي ظلم الزمان وظلم بني البشر لها...
يا أراكه عجباً لهم كيف تجرأوا على كسر غصن تلك الوردة وكيف أدموا أوراقها؟
كيف اقتلعوها من جذورها، انها تذبل ياشجرة الأراك انها تذبل ولا ارى سوى انها سترحل عما قريب..
غطت مسحة الحزن شجرة الأحزان وقالت: قد علمت من هي تلك الوردة ايها الغصن، من خلال عمري العتيد سمعت قصصاً وحكايا كثيرة عن نبي يأتي في آخر الزمان يرزقه الله بنتا تكون في غاية الرقة يسميها (فاطمة الزهراء) يفرح ذلك النبي لرؤيتها، يقبلها كلما رآها يحضنها ويجلسها في حجره يسميها (أم أبيها)، في يوم من الأيام تستيقظ ويفارقها ذلك الحضن للأبد، تبكي لفراقه الى أن يجزع البشر من بكائها فتجعل من اغصاني الملتفة بيت حزنها ومأواها عن البشر المتعجرفين، وعندما تعود كي ترى أطفالها يحدث الشيء العجيب، يكسروا غصن غصن تلك الزهرة وينهون ربيعها القصير كما كانوا يظنون ولكن عطر تلك الزهرة كان من السماء فبإنكساره ملأ الكون اريجه.
اضافةتعليق
التعليقات