مشاجرات الأطفال فيما بينهم أمر طبيعي، خصوصاً في الأسر التي تضم العديد من الأبناء المتقاربين في السن. ولكن أحياناً قد يكون الأمر نابعاً من مشكلة حقيقية ينبغي التعامل معها بوعي.
يحدث الشجار بين الأطفال عندما تصبح الخلافات البسيطة فيما بينهم أكثر تطوراً وحدة وتصل إلى درجة العدوانية – على سبيل المثال، يحدث الشجار عندما تجد الخلافات البسيطة بين أطفالك وصلت إلى حد العراك الجسدي أو انطوت على الصراخ أو الضرب أو البكاء.
وبالرغم من أن الأطفال عادة ما يكونون قيد رحلة التحكم في عواطفهم وفهمها واستيعاب كيفية التعبير السليم عنها خلال سنوات طفولتهم المبكرة، فإن ملاحظة ومتابعة مشاجرات الأطفال تُعد أمراً مُهماً لدى الآباء.
إذ ينبغي عليهم في بعض الحالات التدخل ومنع تطور الوضع وعلاج أسبابه الأصلية بوعي وحكمة لكي لا تؤثر على أطفالهم على المديين القصير والطويل أيضاً.
صحيح أنه أحياناً يكون من المفيد الابتعاد عن الخلاف، لأن هذا يمنح الأطفال الفرصة لعلاجها وتسويتها بأنفسهم ما يكسبهم النضج والنمو. ولكن عندما يتحول الخلاف إلى شجار محتدم، فأنت بحاجة للتدخل قبل أن يتأذى أطفالك نفسياً أو جسدياً.
صحيح أن مشاجرات الأطفال أمر طبيعي.. ولكن لها محفزات محددة
تبدأ معارك الأطفال غالباً عندما يرى الأطفال موقفاً ما على أنه غير عادل أو منصف بالنسبة لهم، أو عندما يحاولون تأكيد ما يعتقدون أنه من حقهم، أو عندما يشعرون أن الآخرين لا يرون وجهة نظرهم.
كذلك قد تندلع مشاجرات الأطفال عندما يختلفون في الرأي والرغبات فيما بينهم.
وبالنسبة للأشقاء، يمكن أن يحدث الشجار عندما يتنافسون مع بعضهم البعض لجذب انتباه والديهم أو كسب موافقتهم وإعجابهم.
وكلما كان الأشقاء متقاربين في السن، كانوا أكثر ميلاً للتنازع فيما بينهم، بحسب موقع Raising Children للتربية والأمومة.
ومع ذلك، يوضح الموقع التربوي أن تلك النوعية من الخلافات ضرورية للغاية في رحلة الطفل للنضج والتعلُّم والنمو بشكل سليم.
فوائد أن يختلف الأبناء فيما بينهم عديدة طالما كانت الأمور تحت السيطرة
يمكن أن تكون الخلافات فرصة عظيمة لأطفالك لممارسة المهارات الاجتماعية التي سيحتاجونها خلال حياتهم كبالغين.
عندما تؤدي الخلافات إلى الشجار، يمكن أن تكون تلك فرصة للأطفال لتعلم طرق أخرى لحل النزاع، خاصة إذا علموا أن الصراخ والبكاء والضرب لن تحقق لهم ما يريدون.
وبالتالي حينما يتم حل الخلافات بين الأطفال بشكل عادل ودون أن يتأذى أي شخص، يبدأ الأطفال في بناء مهارات حل المشكلات مثل التفاوض واستيعاب وجهات النظر المختلفة مهم.
كذلك يكون بمقدورهم أيضاً أن يتعلموا أهمية رؤية وجهة نظر شخص آخر واحترام حقوق الآخرين ومشاعرهم وممتلكاتهم ورغباتهم حتى وإن اختلفت مع رؤيتهم.
ثم بالتدريج خلال سنوات الطفل التالية، تبدأ المعارك والخلافات في التضاؤل، بينما يطور أطفالك مهارات اجتماعية أفضل وقدرات على التفاوض والتفاهُم.
ومع ذلك، أحياناً يكون على الآباء القيام ببعض الخطوات لحماية أطفالهم، وللعمل على مساعدتهم للاستفادة من تلك المشاحنات فيما بينهم. لذلك نستعرض فيما يلي الخطوات العملية الأنسب للآباء في التعامل مع مشاجرات الأطفال.
لا تتورط في المعركة إلا إذا استلزم الأمر
عندما يتدخل الآباء في مشاجرات الأطفال، فإن هذا يُعلِّم الأطفال أن المشاحنات والعراك يؤدي إلى تحقيق نتيجة سريعة؛ لذا تجنب اتخاذ موقف مباشرة فور اندلاع الخلافات بين أولادك.
بل ينبغي للآباء أن يعملوا على تحدي الأطفال للتوصل إلى حل عادل فيما بينهم؛ لأن إعادة الكرة إلى ملعبهم تظهر لهم أنه من المتوقع أن يكونوا جزءاً من الحل وأنهم ناضجون بما يكفي لحل المشكلة.
ولكن إذا تصاعدت حدة مشاجرات الأطفال، فقد يحتاج الآباء إلى التدخل أحياناً.
إذا كان لا بد من التدخل، فاجعل الأمر سريعاً وحاسماً.
وبحسب موقع Very Well Family التربوي، اعثر على حل وسط أو انفصل عن الأطفال، إما عن طريق الأمر بتحديد علاج المنازعة بين صغارك ، مثلاً "لقد لعبتِ بالدمية لمدة 30 دقيقة وحان وقت أن تشاركي أخاكِ الصغير بها".
أو يمكنك علاج المشكلة بشكل غير مباشر، "ما رأيك يا عزيزتي أن تلعبي معي بالمكعبات عوضاً عن اللعب بالدمية؟".
وفي هذه المرحلة لا ينبغي أن يتورط الأب أو الأم في نقاش مع الأطفال؛ بل يُنصح بترك مناقشة القضايا الكامنة وراء القتال لوقت آخر عندما تكون الأعصاب أكثر هدوءاً بين الأشقاء.
لا تقم بالتحكيم أو الانحياز لطفل دوناً عن الآخر
كآباء، نحن نحب أطفالنا بالتساوي مهما اختلفت سلوكياتهم عما نطمح إليه.
لكن في بعض الأحيان، قد لا نتمكن من إظهار معاملة متساوية عندما يتشاجر الأطفال فيما بينهم. وقد ينتهي بك الأمر، عن غير قصد، إلى انحياز لأحد الأطفال دوناً عن الأطفال الآخرين، مما يؤدي إلى مزيد من الاستياء في هذه العملية وقد يتطور الأمر إلى تشكيل عُقد نفسية للطفل تؤثر عليه على مدار حياته.
وبحسب موقع Brightside للمنوعات، إذا كانت مشاجرات الأطفال حادة وسيئة وقررت التدخل لفضها بشكل سليم، فلا تنحاز إلى أي طرف مهما كان المخطئ بالنسبة لك واضحاً.
بدلاً من ذلك، شجع الأطفال على التحدث فيما بينهم. وحدد المشكلة على أنها صغيرة أو متوسطة أو كبيرة جداً من خلال مساعدتهم على شرح المشكلة من وجهة نظرهم وبلغتهم الخاصة.
ثم اطلب من أطفالك إيجاد حلول متوقعة للمشكلة وساعدهم على التوصل إلى اتفاق بأنفسهم لكي ينفذوه بالتزام وتفهُّم.
ساعد أطفالك على توجيه طاقتهم في المكان الصحيح
من الطرق الرائعة لتجنب المشاجرات في المقام الأول هي السماح للأطفال بالخروج والتمرن والتخلص من بعض الطاقة في نوافذها الملائمة الصحية لهم جسدياً ونفسياً.
ومع تداعيات انتشار وباء كورونا خلال السنوات الأخيرة، تم حبس الكثير من الأطفال في دول العالم لفترات طويلة بشكل استثنائي في منازلهم.
إذا لاحظت وتيرة متزايدة ومتصاعدة لمشاجرات الأطفال في منزلك، حاول أن تأخذهم في نزعة إلى ساعة مفتوحة للعب وركوب الدراجات واستكشاف. وإذا تناسب الأمر، يُنصح بمشاركة الوالدين في مثل تلك الأنشطة لتحقيق الاستقرار الأسري والشعور بالأمان والانتماء والحماية بالنسبة للأطفال.
بالتالي سيكون الطفل الذي يبذل طاقته من خلال ممارسة الرياضة البدنية واللعب أقل عرضة لخوض المشاحنات مع من حوله، وسيكون أيضاً أكثر اهتمام بتناول وجبة دافئة وقضاء بعض الوقت الجيد والشعور بالحميمية تجاه أسرته.
أطفالك مختلفون فيما بينهم.. حدد الفوارق وتعامل وفقاً لها
أطفالك يشبهون أصابع اليد الواحدة، لا تجد أياً منهم مكرراً أو مطابقاً للذي يليه.
لذلك لا يتعين عليك معاملة أطفالك على قدم المساواة وبشكل متطابق، ولكن عليك معاملتهم بإنصاف ووعي وحِكمة، بحسب موقع Brightside.
إذا أراد أحدهم مشاهدة فيلم بينما يريد الآخر الاستمتاع بكتاب، فدعهم يقضون وقتهم بالطريقة التي يرغبون فيها مع التوفيق قدر الممكن في أساسيات اليوم بينكم، مثل أوقات الوجبات الرئيسية أو ساعات المذاكرة والنوم والاستيقاظ.
وفي نقاط مثل تحديد المكافآت والهدايا لكل طفل، تأكد من حصول كل منهم على ما يحلو له ويناسبه، بدلاً من الحصول على نفس الشيء.
كذلك قد يواجه الأطفال من مختلف الأعمار والأجناس مجموعة من المشكلات التي يرغبون في التحدث معك عنها، كل على حدة. لذلك خصص لهم الوقت الفردي، كأم أو أب أو أي من مقدمي الرعاية للطفل.
تحدث أو اقض الوقت معهم بشكل خاص ومنفرد، وافعل ما يحلو لكما لتقريب الروابط الأسرية والشعور بالحميمية؛ لأن هذا الشعور بالمكانة الخاصة من شأنه مساعدة الطفل على الشعور بالاستقرار والأمان، الأمر الذي من شأنه تقليل مشاجرات الأطفال فيما بينهم.
لا تكافئ الأطفال كلما انخرطوا في عراك أو مشاجرة
مكافأة الأطفال على الشجار؟ لماذا قد يفعل الآباء ذلك؟
في واقع الأمر يقوم الآباء بمكافأة الأطفال على الشجار في كثير من الأحيان، وذلك بإعطائهم الكثير من الاهتمام والوقت؛ إذ غالباً ما تدور المشاحنات من أجل جذب الانتباه أكثر من أي سبب آخر واقعي.
وبالتالي إذا كنت منشغلاً، فقد يدرك الأطفال حقيقة أن شجاراتهم الكبيرة ستثير انتباهك وتجعلك تخصص لهم المزيد من الوقت والتواصل؛ لذلك ينصح موقع Very Well Family ألا تأتي مسرعاً عند أول بادرة للعراك؛ بل امنحهم الفرصة للعمل عليها أولاً فيما بينهم. حسب عربي بوست
"الإخوة الأعداء".. كيف تنجحين في فصل النزاع بين الأبناء؟
"إنه يتنفس الهواء الذي أتنفسه"، إلى هذا الحد يصل الأمر أحيانا بين الإخوة، فأحدهما لا يطيق الآخر، ولا ينتهي الشجار أبدا، فهو يتجدد من العدم ويستمر بلا حدود ولا يتوقف أحيانا إلا إذا فقد أحد الأبوين أعصابه.
تقول مي الأم لثلاثة أبناء "أكره قيادة السيارة ومعي أبنائي، فهم يثيرون غيظي وجنوني حد أنني أريد أن أصدم السيارة بأي شيء أمامي، ليدرك الجميع أنني غاضبة ويتوقفوا عن الصراخ وأتمكن أخيرا من الاستمتاع بالهدوء".
تستطرد مي (30 عاما) قائلة "يجلس ابني وابنتي وحدهما في الكرسي الخلفي للسيارة الذي يتسع لأربعة أشخاص أو خمسة من حجمهما الصغير، وبالرغم من ذلك فهما يتعاركان على المساحة وأيهما يضع جزءا من رجله على نصف الكرسي الخاص بالآخر، ويصل الأمر أحيانا للعراك بالأيدي".
تؤكد مي على أن الحل الوحيد الذي وجدته لهذه المعضلة الحياتية المتكررة هو وضع عقاب شديد للعراك داخل السيارة، وبمجرد أن يبدأ التناوش تلوح بالعقاب بصوت هادئ واثق من نفسه، وهم يعرفون أنها ستنفذه، عندئذ يصمت الجميع.
يتعجب الآباء من أمر أبنائهم، فقد يتعاركون طوال اليوم دون كلل أو ملل، ولكن بمجرد وضع طفل من خارج الأسرة بين الأشقاء ليلعب معهم، ينقلب الموضوع من شجار دائم إلى استمتاع دائم. فما السبب وراء ذلك؟
لماذا يتعارك الأبناء؟
تجيب عن هذا السؤال نيرمين الهلباوي المستشارة التربوية والاجتماعية، فتقول للجزيرة نت إن أسباب العراك بين الأشقاء تتوقف على المرحلة العمرية، فالأبناء أقل من 12 عام يتعاركون لجذب انتباه الأبوين، حتى لو كان جذب الانتباه يتم بشكل سلبي من خلال العراك، فهذا أفضل للأطفال من "صفر" اهتمام.
والحل لمسألة العراك في هذه المرحلة العمرية يكون بقضاء الأبوين وقتا مع كل طفل على حدة، حيث إن كل ابن من الأبناء بحاجة ماسة إلى وقت خاص به وحده مع أبويه ليشبع عاطفيا، ولا بد من تحديد لغة الحب الخاصة بالطفل لإشباعه عاطفيا من خلالها.
وتوضح نيرمين أن الشجار هو محاولة من الطفل لأخذ ما لدى غيره (الأخ أو الأخت) من اهتمام أو ميزات لأنه ليس مشبعا عاطفيا ويشعر بالنقص، ولكن في حال كان الابن واثقا من نفسه ومن حب أبويه غير المحدود له، فلن يتشاجر مع إخوته.
أما ما تفعله الأم أحيانا من أنها تحاول حل المشكلة حينما يستنجد أحد الطفلين بها، بسماع تفاصيل العراك منهما، فإنه "لن يخمد النار إلى الأبد، ولكن ما حدث أنها قامت بحل المشكلة الآنية التي من المتوقع أنها ستتجدد بعد خمس دقائق. الحل يكمن في تخصيص وقت للأبناء للعب والحكي، مع التأكيد على عمل ذلك بشكل جماعي (جميع الأبناء معا) وبشكل فردي (كل ابن على حدة)".
وبحسب الهلباوي، فإن لشجار الأبناء فوق الـ12 عام عدة أسباب، فعادة يكون ذلك بسبب عدم احترام حدود الآخرين، سواء بالتعدي على خصوصياتهم أو بأخذ أشيائهم دون استئذان، وهذا يولد شعورا بعدم الاحترام، وهنا تظهر الحاجة إلى الدور التربوي للأبوين بشدة، حيث يجب وضع قواعد تتعلق باحترام الآخرين وأشيائهم، ووضع قوانين لاستخدام الأشياء الخاصة بكل فرد، وأن تسري هذه القوانين على الجميع في المنزل. حسب الجزيرة
اضافةتعليق
التعليقات