مع تطور العلم والإمكانات هناك أمور تجعلنا في دهشة كبيرة حيث باستطاعة خبر تافه أن يأخذ حيزاً كبيراً من الاهتمام في المجتمع، حجرة صغيرة ربما تتراءى للمشاهدين صخرة كبيرة شجيرة تتبين شجرة عملاقة ذات جذور عميقة في التراب و هكذا الحال بالنسبة إلى كل شيء حولنا من الأمور الصغيرة البسيطة إلى الأكبر والأعمق فبسهولة نتحرك هنا وهناك مع كل ريح ولا نعرف مع الحق نحن أم مع الباطل أو ربما بين هذا وذاك!.
نحن نفكر بأننا وصلنا إلى مراتب عالية في كسب العلوم وندعي المثالية ولكن يا ترى هل نستطيع تمييز الصح من الخطأ أم لا؟.
في كل زمن هناك مؤامرات باستطاعتها تغيير ظواهر الأمور، تبينها ذات بريق وتقضي على الرشد والرؤية الدقيقة للمهمات وتجعل الإنسان مشوه الفكر لذلك حثتنا الأحاديث والروايات والآيات القرانية على التدقيق والتمعن في الأمور والأخبار، (وإن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا).
ولكن مع كل هذا هناك فئة كبيرة تركض وراء الظواهر وتحكم على الأمور بمجرد ما ترى عينه من ظواهر الأمور، كم مسؤوليتنا صعبة تجاه الأخبار الواردة والأخذ بها والحكم عليها، كم مسؤوليتنا دقيقة تجاه ما نسمع ونرى فهناك من تشوهت عندهم الرؤية وفقدوا كل شيء وخسروا خسرانا مبينا.
صفحات التاريخ مليئة بالغدر والنفاق والقصص المختلفة حيث تدفعنا في التدقيق حول ما يحدث حولنا، فهذا سبط النبي صلى الله عليه وآله الذي كان يوقره ويبين عظمته وعلو شأنه وقال في حقه: الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة. وقال: الحسن والحسن امامان قاما أو قعدا، ولكن كيف كان تعامل الناس معهم؟ من سمعوا تعظيم النبي صلى الله عليه وآله والتجليل مرارا في حقهما!
فقد كانت جماعة منهم تنعت مولانا الحسن المجتبى عليه السلام بمذل المؤمنين!
ياترى كم عظمة المؤامرة حيث يقال لإمام معصوم لسيد شباب أهل الجنة مذل المؤمنين!
هو كان معز المؤمنين ولكن عيونهم لم تبصر
فقد حافظ على بيضة الإسلام وأنقذهم من الذل والغدر فقد شاهد ضعف الجماعة وعدم قدرتهم على النصرة وتزلزلهم فرأى بأن الصلح مع معاوية انقاذ لأرواح أصحابه الخلص.
خطبته لما عزم الصلح
روي أنه لما صار معاوية نحو العراق وتحرك الحسن عليه السلام عليه السلام واستنفر الناس للجهاد فتثاقلوا عنه، صار عليه السلام حتى نزل ساباط، وبات هناك، فلما أصبح أراد عليه السلام أن يمتحن أصحابه، ويستبرئ أحوالهم في طاعته، ليميز أولياءه من أعدائه، ويكون على بصيرة من لقاء معاوية، فأمر أن ينادى في الناس بالصلاة جامعة، فاجتمعوا، فصعد المنبر فخطبهم، فقال: الحمد لله كلما حمده حامد، واشهد أن لا اله إلا الله كلما شهد له شاهد، واشهد أن محمدا عبده ورسوله، ارسله بالحق وائتمنه على الوحي. أما بعد، فو الله إني لأرجوا ان أكون قد أصبحت بحمد الله ومنه، وأنا أنصح خلق الله لخلقه، وما أصبحت محتملا على أمر مسلم ضغينة، ولا مريدا له بسوء ولا غائلة، وإن ما تكرهون في الجماعة خير لكم مما تحبون في الفرقة، وإني ناظر لكم خيرا من نظركم لا نفسكم، فلا تخالفوا أمري ولا تردوا على رأيي، غفر الله لي ولكم، وأرشدني وإياكم لما فيه المحبة والرضا.
قال: فنظر الناس بعضهم إلى بعض، وقالوا: ما ترونه يريد بما قال؟ قالوا: نظن أنه يريد أن يصالح معاوية ويسلم الأمر إليه، فقالوا: كفر والله الرجل وشدوا على فسطاطه، فانتهبو، حتى اخذوا مصلاه من تحته - الخ ..
من بين استعداده التام للقتال انزلق في نهاية المطاف واستسلم لقوى الشيطان وصار من جنوده وترك امام زمانه، كان يراه بعينه ولكن قلبه أعمى.
كم هو صعب أمرنا ونحن بعيدون عن امام زماننا أرواحنا له الفداء، كيف نتعامل مع ما نسمع ونرى؟ إن الأمر صعب مستصعب لأن الإيمان في آخر الزمان كإلقاء الجمر في اليد.
اضافةتعليق
التعليقات