لا تتطابق رؤى جميع الناس تجاه قضية ما، كما وليس بالضرورة أن تتناغم جميع الأصوات ليغدو الصوت مسموعا بكل تأكيد.. لكنه من الضروري أن يُنظر لكل مسألة بشكل عقلاني ومتوازن بل ويحسب في الختام حسابات النجاح أو الاخفاق في النتائج والمخرجات.
اللامبالاة هي واحدة من تلك المفاهيم التي يختلف في تفسيرها أغلب الناس، وربما تتباين وجهات النظر حيالها لكونها تحمل بين طياتها دلالات مختلفة تبعا للناظر إليها من زاويته الخاصة.
فالبعض يرى اللامبالاة سبباً لكثير من الفشل واليأس، وكثيرا ما تقود إلى انعدام الثقة بالنفس.
يقول علماء النفس أن اللامبالاة هي حالة وجدانية سلوكية أي أنها تقود تصرف الفرد تجاه عمل معين ومن أسوأ مظاهر هذه الحالة أنها تبعد الشخص عن التفكير بالنتائج والأهداف التي قد يحصدها.
هناك الكثير من الناس من يعتبر اللامبالاة نوعا من الإخفاق المبكر أو الانهزام دون التفكير بأي حل تجاه أي شيء..
وهذه الرؤية محقة ولها بالتأكيد تمظهرات على ارض الواقع.. فالزوج اللامبالي مثلا يجد في اللامبالاة مخرجا سريعا للمشاكل الزوجية، حتى أنه لا يعيرها أي اهتمام مما يؤدي لتضخم المشاكل واستفحالها فيما بعد، وقد تؤدي في نهاية المطاف إلى استحالة العيش بهناء بين الزوجين.
جذور اللامبالاة
هل هناك جذور أو أسباب لظاهرة اللامبالاة ياترى؟
بالتأكيد هناك عدة أسباب تؤدي إلى ظاهرة اللامبالاة، لكن المسبب الرئيسي هو العامل النفسي.. فالتردد مثلا هو أحد العوامل الأساسية لنشوء اللامبالاة، وعندما يتردد الانسان ازاء الكثير من الأعمال سوف يولد داخله شعور بالعجز وعدم القدرة على انجاز المهام الموكلة إليه.. فإذا فشل في احداها فإنه سيلجأ إلى اللامبالاة لكونه الطريق الأسلم للهروب من تحمل المسؤوليات.
هذا بالإضافة لصعوبة الأعمال أحيانا، فيميل الشخص إلى عدم المبالاة والابتعاد عن القيام بها..
وفي أحيان أخرى تقوده السلبية لفعل ذلك. أما البعض الآخر ممن لا يرى اللامبالاة بهذا المنظار، بل لعله لا يجد فيها اهمالا أو مرضا، يجد في اللامبالاة قوة كبيرة تضفي على صاحبها مزيدا من الحنكة والحكمة معا..
فهو ينظر إلى صعاب الأمور بلا مبالاة مثلا.. ويحاول قدر امكانه الابتعاد عن تعقيدات الحياة، فلا يهمه إن صعد زيدا أو نزل عبيدا فالأمور تجري أمامه بمقاديرها..
من الممتع أن نعيش الحياة على بساطتها، كما أرادها الله لنا، نؤمن أن الله سبحانه بيده مقاليد الحياة المطلقة.. تجري على سننه ووفق إرادته وهو الرازق الوهاب يعطي مخلوقه على قدر ما يشاء، وليس أمامنا سوى العمل والكد، وأن نكون لا مبالين اتجاه الفقد في كل مناحي حياتنا.. المال.. الولد.. فالحياة حافلة بالتجارب الكثيرة مليئة بالدروس والعبر، وهذه النظرة تجاه الأشياء تجعلنا نتوازن نفسيا، لا ننفعل سريعا أمام تقلبات الحياة، ولا نحزن لمصيبة تلّم بنا، أو تحل قريبا من دارنا.. بل نتسلح باللامبالاة وننعطف صوب اللين والعدل والتسامح، فلا شيء في الحياة يستحق الصرامة والحديّة.
ربما هذه الرؤية تحتاج منا عقلا راجحا يزن الأمور بميزان الحكمة والإنصاف..
فهل نحن ممن أنار الله عقولهم بنور الحكمة ياترى؟ أم لازلنا نتخبط في دروب الحياة صعودا ونزولا؟ هذا ما تحدده مسارات المواقف ومخرجاتها.
اضافةتعليق
التعليقات