نفحات رجب المرجب مع اول هبوب لنسماتها اختارت ان تحط بنا في رحاب العلم والعلماء، تعرجُ بنا نحو سمو لا يُشابه الارض وما فيها، سمو سماوي يزيل من الروح كل شائبة فيشحذُها بطاقة تُصير الروح شُعلة وقادة تقتبسُ من فيض العلم زيتاً يبثُ نوراً يبدد تلك الظُلمة التي باتت تُخيم على بلادنا..
جمعية المودة والإزدهار النسوية وعلى عادتها في التزود من العلم والعلماء وتشجيع الاقلام النسوية المبدعة لتقديم الأفضل فالأفضل وتحفيزهنَّ للاستمرار في العمل الدؤوب قامت بزيارة لسماحة آية العظمى السيد مرتضى الشيرازي (دام ظله) مع كاتبات وكادر موقع بشرى حياة وذلك في يوم الخميس المصادف الاول من رجب الأصب 1438هـ المصادف 30 / 3 / 2017م من أجل التزود من نصائحه المبارك وأهم الوصايا التي تجعل من أقلامنا قادرة على مواكبة العصر ورفع الخطر المُحدق بالأُمة الإسلامية وبالأخص الشريحة الأخطر (المرأة) باعتبارها هي نواة المُجتمع والمُكون له..
وكان سماحته قد إبتدأ الحديث بآية مباركة من الذكر الحكيم (قُل كلُ يعمل على شاكلته)، وقوله تعالى (وقفوهم إنهم مسؤولون) فاذا وقفنا عند الآية الثانية وربطناها بالآية الاولى نخرجُ بسؤال يجب إنَّ يُؤرق كل مؤمن ومؤمنة وهو: لماذا خُلقنا؟ وماهي مسؤولياتنا في هذه الحياة؟
لأن الله سبحانه وتعالى أجَّل من أنَّ يقُوم بعملٍ عبثاً بل على أنَّ يقُوم بعمل بمستوى منخفض من درجات الحكمة..
إذن لماذا خلقنا؟ في الحديث القدسي بمضمونه: عبادي خلقتكم لتربحوا عليَّ لا لأربح عليكم، في الآية الشريفة (وما خلقتُ الجنَّ والإنسَ إلا ليعبدون) في بعض الروايات قد فُسرت (إلا ليعرفون)
إذن الربح يتحقق بالعبادة والعبادة من تجلياتها المعرفة، فالذي يعبد عن معرفة غير الذي يعبد دون معرفة.
وايضاً في الرواية المباركة: أول العلم معرفة الجبار وآخر العلم تفويض الأمر اليه. هذه الكلمتين تُغيران من واقع الإنسان لو أذعن لهما بكل وجوده.
لو توقفنا قليلاً عند الكلمة الاولى لوجدنا كلمة الجبار فيها دلالة ذات معنيين، الأول: المعنى المُتداول في أذهاننا وهو القهار (وهو القهار فوق عباده).
فالإنسان ما فيه من خير فمن الله (وما رميتَ إذ رميتَ ولكن الله رمى) فجُل الأمر يعود الى إرادة الله ولطفه..
والمعنى الثاني لكلمة الجبار هو: الذي يجبر الكسير، أي يجبر الكسر ويصلح شأنه..
وأما الكلمة الثانية (وآخر العلم تفويض الامر اليه) ومعناه قُم بدورك وأدي مسؤوليتك على أكمل وجه ثم أترك الامر لله فاذا نجح يشكرُ الله، واذا خسر لا يُصاب بالإحباط والكآبة وانما يكفي أن يكون بعين الله اذا لم يكن هناك تقصير.
واضاف سماحته: ولو وقفنا قليلاً عند هذه النقطة المهمة لاستطعنا إن نفهم فلسفة (العطاء والنجاح) ففي جميع أمورنا لو كان الهدف هو التقديم دون انتظار الرد من المُقابل لما توقف الكثيرُ منا بمنتصف الطريق بسبب الاحباط او أنهُ لم يُشكر على عمله..
اذن بعد هذه المُقدمة الدقيقة والعميقة بمعانيها نعود لنسأل السؤال الأهم: ماهي مسؤوليتنا التي تصبُ في هدف الخلق؟
هل مسؤوليتنا تربية الابناء؟ هذا يحتاج لجواب، هل مسؤوليتنا كتابة المقالات؟ أو تأسيس المؤسسات والدورات وتطوير الملاكات والقدرات؟ هل مسؤوليتنا الامر بالمعروف والنهي عن المنكر، والذي كل ما ذُكر من مسؤوليات سابقة كُلها من تجليات (الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر).
الجواب هنا: كلها نوع من انواع المسؤولية وجميعها صحيحة لكنها تبقى مسؤولية ناقصة..
إذن ما هي الإجابة؟ الإجابة عن هذا السؤال مُلخصة بهذه الكلمة حيث محور الحديث عن الإجابة يكمن هنا وهي المسؤولية هي (بناء الاُمة)..
تارة نتصور ان مسؤوليتنا هي في بناء الفرد، وهذا صحيح ولكن هذا جزء الجواب لأن التي تُربي إبنها إنما تضع لُبنة في بناء الأُمة، فكل ما سبق هي خطوات في بناء الاُمة، فالأمر جداً عظيم وجداً صعب لأنه إذا وصلنا الى هذه المرحلة عندها يتدخلُ الله غيبياً ويُغير المعادلات الكونية ويظهر المولى الحجة ابن الحسن روحي وارواح العالمين لمقدمه الفداء، إذن فالربح الحقيقي هو بناء الأمة).
وعلى هذا الصعيد نذكرُ أربع نقاط ينبغي للإنسان أن يمشي عليها كي يصل لهذه المرحلة العظيمة:
الاول: سمو الروح
مسؤوليتنا هي تهذيب الفتيات، الرجال، بل المجتمع أجمع فالأمر لا يقتصر على الفتيات فقط يقول تعالى (والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر..) هذه الآية عجيبة في بيان بُعد المسؤولية (تهذيب النفوس) والتشابه بين المؤمنين والمؤمنات في هذا البُعد الإجتماعي في تحمل المسؤولية مع الالتزام (بالضوابط الشرعية)..
فالهداية، التعليم والتزكية (ليزكيهم ويُعلمهم الكتاب والحكمة) هي من أهم الشروط في تعجيل الفرج والارتقاء بالنفس وبناءها البناء الصالح لأن الله لا ينظر الى صوركم بل الى قلوبكم وأعمالكم، قد يخالط النفس بعض من الشوائب مثل الحسد، العُجب، الكذب وغيرها التي تحول دون ان يسمو بنفسه فيحتاج ليزكيها ويجعلها ذات نفس ملائكية تسمو..
الثاني: عُمق العقيدة والفكر
يجب ان تدرّسوا وتسلطوا الضوء على الجانب العقدي من أجل تعميقه لأننا نواجه الكثير من الشبهات وتجتاحنا موجة إلحاد قوية تهزُ النفوس الضعيفة وتقتلعها لأنها غير مبنية البناء العقدي الصحيح الثابت، فتكوين الحلقات والدروس والدورات من أجل دراسة أو أقَّل ما يُمكن فعله مطالعة الكُتب العقائدية لتحصين النفوس ضد الانحرافات أمرُ ضروري لا بد منه فدراسة حق اليقين للسيد شُبر وغيره من الكُتب العقائدية من شأنه ان يُعمق العقيدة ويُحصنها..
هذا من جانب والجانب الآخر عُمق الفكر من الناحية الفكرية..
الكثير من الافكار والامور والمشاكل التي نُعايشها لم نتناولها بالعُمق المطلوب فمثلاً مُشكلة الكمارك، البطالة، التضخم، الفقر، الضرائب والعنوسة وعزوف الشباب عن الزواج كلها مشاكل تحتاج لطرحها بالصورة العميقة وإيجاد الحلول الاعمق.
وهذا يتم بتأسيس دورات تخصصية من أجل تحقيق القفزات الاستراتيجية التي من شأنها ان تواجه المد الغربي العامل على تخريب الأُمة الاسلامية بكل رواكزها، فسيرنا (النملي) الذي يشبه النمل في مسيره وبطىء خطواته مقابل القفزات التي يصنعها الغرب لا شيء، ولا يستطيع ان يفعل او يصد هذه القفزات المُنحرفة..
احدى الطُرق البسيطة والعميقة بنفس الوقت من أجل تحقيق هذه القفزات هي:
1- التسلسل الهرمي: فلو كانت أفعالنا ترتكز على مبدأ التسلسل الهرمي لاستطعنا أنَّ نُحقق هذه القفزات الاستراتيجية.. فعلينا أنَّ نشدُ الهمة ونشدَّد حيازيمنا من أجل تحقيق هذه القفزات، فالقطرات التي نُكَّونها أمام السيل الهادر من الماء الملوث من الجانب الآخر تكادُ تنعدم..
2- إنتاج وتفريخ القادة: إيجاد روح القيادة في كل فرد حتى يتمكن هذا الفرد انَّ يُربي عشرة والعشرة تربي مئة وهكذا تصاعدياً حتى يتكون لدينا السيل الانفجاري في تفريخ قادة من الطراز الرفيع تستطيع أن تُحقق هذه القفزات عن طريق (إنضمام الكم الى الكيف).
3- مطالعة تأريخ العظماء والشخصيات الذين أحدثوا تغيير في مسار التأريخ الصالح منهم والطالح وبمختلف ألوانهم يعطي ملكة القيادة، وبمستوى القيادة لا الادارة، فالادارة مستوى أقَّل من القيادة، والريادة مستوى أعلى من القيادة فاذا لم نتمكن من الوصول لمستوى الريادة فأقل الأمر ان نصل لمستوى القيادة.
الثالث: التميز والأبداع
تطوير نوعي لكافة الصناعات، تقديم الخدمات بصورة أكثر تميز وابداعي..
عليكم بالابداع في التأليف حتى نستطيع ان نتطور ونؤثر بالغير. التميز بالأداء والابداع لأحداث ثورة ايجابية عامة لا يقف امام هذا السيل لا شرق ولا غرب هو من أهم الامور في تحقيق القفزات..
الرابع: الالحاح في الدعاء
تحت القباب الشريفة وفي كل موطن علينا الدعاء بالحاح لتغيير معدننا من فضة الى ذهب مثلاً، التحول الجوهري، الدفع الحقيقي يكون تحت القُبة، فالمدد والعون وإحداث ثورة داخلية لا تتم الا بنظرة توفيق من أهل بيت العصمة..
نسأل الله ان يجعلنا واياكم من الذين يُؤدون الأمانة على أكمل وجه ونطاق وانَّ نكون ممن ينتصر بنا لدينه ولا يستبدل بنا غيرنا.
واذا وقفنا على الصراط والمحشر من أجل السؤال (وقفوهم إنهم مسؤولون) بأن لا تكون إجابتنا ناجحة فقط بل إستثنائية بحيث نحضى بأعلى درجات الرضا من الرب جل وتعالى..
اضافةتعليق
التعليقات