(رأسُهُ الشريف على الرمحِ يرتلُ القرآنَ) شعار كتب على بوسترات رفرفت في سماء كربلاء في ليلة العاشر من محرم الحرام رفعها شباب المدينة ليشكلوا مسيرة شبابية باسم (هيئة الكتاب الناطق) تجسد فلسفة وحكمة نطق رأس الحسين الشريف (عليه السلام) حيث يسيرون بشكل منظم يحثون الخطى ضمن سير بقية المواكب الحسينية, يتميزون بهيئة ذات هيبة وذلك لحملهم كتاب الله بين أيديهم وعلى رؤوسهم، تتوسطهم مكبرات صوت ينبثق منها آيات لتلاوة القرآن يبعث ذلك المشهد الرهبة في الأجواء والخشوع في النفوس للصوت الذي انخفضت لوجوده بقية الأصوات, وهو صوت القرآن الكريم.
(بشرى حياة) سلطت الضوء على هذه المسيرة لإجراء هذا الاستطلاع:
كربلاء تنبض بالحسين
حدثتنا أم بركات عن رأيها بهذه المسيرة وهي إحدى الحاضرات في مراسيمها قائلة: حينما سمعت مكبرات الصوت تعلوا بذكر القرآن الكريم ترجلت نحوها بين الحشود لأشاهد عن كثب تنظيم هذا الموكب غير المألوف بالنسبة لي.
وأضافت: أصابتني قشعريرة لهيبة الموكب إذ كان بمقدمته رمح رفع عليه رأس الإمام الحسين (عليه السلام) يليه مجسم كبير للقرآن الكريم وشباب يصطفون حاملين على رؤوسهم كتاب الله وشموع تنير بضوئها الخافت خطى الطريق يبعث في النفس ذلك المشهد السكينة وألم المصاب.
أرى أن هذه المسيرة تدل على عظمة هذه الليلة والرسالة المحمدية التي لأجلها زهقت أرواح بيت النبوة عليهم السلام فليبارك الله لكل من ترجل بها ومن ساهم على احيائها.
من جانب آخر شاركنا التدريسي رياض غانم قائلا: إنما الحسين (عليه السلام) ترجمان لقرآن ناطق لم ولن ينفصل عن تلاوته والعمل به طول حياته وحتى بعد مماته.
وكأن تلاوة رأسه الشريف للقرآن وهو على ذلك الرمح ما هي إلا آخر توصياته لنا أن عليكم بالقرآن، ألزموه تسلموا ويسلم زمانكم.
ليؤكد لنا أن ما نقوله (نحن أهل البيت) ونعمل به هو من القرآن والقرآن من عند الله.
فبهذه المعجزة الإلهية يؤكد لنا أن نلتزم بمضامين كتاب الله وعترته الطاهرة.
وأضاف: كان لي الشرف بالحضور إلى مراسيم هذه المسيرة المباركة والترجل مع الحاضرين لأشارك بهذا الموكب المهيب.
تنظيم المسيرة
ولتسليط الضوء على هذه المسيرة التي سيبقى أثر خطواتها على مر الأزمان التقت (بشرى حياة) بمنظم المسيرة وصاحب الفكرة الأستاذ علي جبار جودة ليحدثنا عنها قائلا: تنقل الروايات قصة ليلة التاسع عما حدث في معسكر الحسين (عليه السلام) ومعسكر ابن زياد, حيث أطفئت مشاعل النار وصدحت أصوات آل بيت النبي (عليهم السلام) وجميع من كان في معسكره بتلاوة القرآن الكريم للتقرب من الله تعالى فكان دويهم كدوي النحل, فيما انشغل معسكر ابن زياد بقرع الطبوع والرقص والعربدة طوال الليل.
وبعدما حلت الفاجعة ورتل رأس الحسين (عليه السلام) القرآن بسورة الكهف وهو مقطوع مرفوع على الرمح يسير مع ركب ضعنه الأسارى، ارتأيت إلى تمثيل تلك الواقعة لكن بصورة مختلفة وذلك بتجسيد مسيرة شبابية تحمل كتاب الله ومجسم لرأس الحسين الشريف (عليه السلام) مع مكبرات صوت بتلاوة القرآن الكريم لسورة الكهف.
وأضاف: كانت هذه المسيرة في مقدمة الشعائر الحسينية شارك بها الأطفال والشباب لتكون رسالة محمدية حملت بطياتها الكثير من القيم لشباب ساروا خلف نهج الفكر الإسلامي ليشكلوا أنموذجا حيا من الشباب الهادف الواعي ولتكون المسيرة ذخرا للأجيال فالإمام خرج لإصلاح أمة جده لا طالبا لمال أو منصب.
وعن هدف المسيرة قال جبر: الهدف من مسيرتنا نشر المفاهيم والقواعد التي يجب أن نقرأها في القرآن ونطبقها على أرض الواقع، لذا يتوجب علينا أن ندرس حياة الامام وفضائله وما قدمه خلال حياته فلأجل هذا انطلقت مسيرتنا برسالتها الأبية.
خطى النور
شموع أوقدها الصغار, وشباب رفعوا القرآن على رؤوسهم وفي مقدمتهم مجسم كبير له, ومن بعده رمح اعتلى عنان السماء رفع على قناته مجسم آخر يتلألأ يرمز للرأس الشريف, ومكبرات صوت ترتل سورة الكهف، كل تلك الطقوس تبعث الخشوع والرهبة لمن يصطف واقفا لمشاهدة موكب (هيئة القرآن الناطق) حيث يشعر الموجودين بأن الرأس يتلوا القرآن فعلا وليس مكبر الصوت, إذ يصمت الجميع وتخفت الأصوات ويضج السكون في المكان احتراما للقرآن الكريم, حيث يعيش الحاضرين واقعة الطف من جديد.
ضمت مسيرة القرآن الناطق أعدادا متفاوتة على مدار السنوات الماضية من المشاركين وفي كل عام يزداد العدد من بينهم أطفال وصبية, ومنهم عرب وأجانب, تلظوا بحب الحسين (عليه السلام) فلبوا ندائه برحابة صدر للمشاركة في حمل كتاب الله للسير به نحو خطى النور.
اضافةتعليق
التعليقات