فتحت عينيها بعد يوم متعب وآلام فضيعة، فقد كانت آلام المخاض جدا قوية وكانت الولادة متعسرة لولا رحمة الله..
كانت نظرات من حولها محيرة ووجوههم تحمل كلمات غريبة، أول ماخطر على بالها أنها فقدت صغيرها، بدون أي تفكير سألت: هل حدث لطفلي مكروه، أجابتها والدتها بلسان متلعثم وصوت مخنوق: لا إنها فتاة وهي بخير والحمد لله..
ارتاح قلبها، همست لنفسها: كل شيء يهون أمام سلامة طفلتي، سألتهم: اذن اين هي، قالت: اخذتها الممرضة لاعطاءها الرعاية الأولية بعد الولادة.
سألتهم: ما بكم لماذا هذه النظرات الغريبة، أجابوها: لا شيء. بدأ القلق يدخل قلبها مابهم لماذا يتشاورون فيما بينهم، في أثناء هذه اللحظات سمعت صوت صغيرتها، جاءت بها الممرضة وأعطتها لهم، قالت لهم: أريد أن أرى صغيرتي، قالوا لها: ارتاحي الآن، ألحّت عليهم وعندما جاءوا بها ونظرت لوجهها كانت الصدمة الكبيرة..
شعرت بخوف وصرخت وانتابتها نوبة هستيريا كبيرة، لمدة أسبوع لا ترى في وجه طفلتها ولا تحملها ولا تتقرب منها، ودخلت في حالة اكتئاب لأن صغيرتها كانت مشوهة.
وبعد أن خرجت من صدمتها بدأت تستوعب الصدمة وتحتضن ابنتها ولكن أبعدتها عن جميع الناس ولم تكن ترغب في لقاء أي شخص حتى لا تسمع منهم تعليقا يضايقها.
هنا الطفلة تعرضت لأول تنمر في حياتها من أقرب شخص لها وهي أمها في حين كانت بأمس الحاجة إليها وإلى حضنها ودعمها. بالرغم من أن أمها لم تكن تقصد ذلك وظنت بهذا الإجراء أنها تحمي صغيرتها.
أصعب اللحظات التي تمر بها كل سيدة هي لحظات المخاض وألم المخاض ولكن ثمرة نسيان هذه اللحظات هو النظر إلى وجه مولودها حتى تشعر بنشوة تعبها ومابالكم بماذا ستشعر الأم عندما تتفاجئ بأن طفلها مشوه أو أنه يعاني من عوق معين، هنا ستكون من أصعب اللحظات في حياتها وتتمنى الموت قبل أن تقع في هذا الموقف.
نعم من أصعب اللحظات على كل أم عندما ترى فلذة كبدها وحصاد زرعها لمدة تسعة أشهر مشوهاً ومن ذوي الاحتياجات الخاصة أي معاقا كما ينعتهم البعض..
ولكن يجب أن نعلم أن كل انسان معرض لاختبار وامتحان من رب العالمين وكل انسان يكون اختباره على مدى قابلية تحمله وصبره، وهي الآن في إحدى اختبارات رب العالمين وقد اختارها من بين جميع البشر لنيل شرف هذا الإختبار.
هنالك مقولة دائما تتردد، أن الله جلا وعلا يختار أحسن عباده لخوض أصعب امتحاناته وابتلاءاته.. وأنتِ هنا قد نلتي شرف أحسن العباد من خلال خوضك هذا الامتحان الرباني..
غضي بصرك عن كل نظرة شفقة واشمئزاز واغلقي مسامعك عن كل كلمة تنمر وشماته وضعي بين عينيك هذا الطفل الملائكي الذي سيكون هويتك إلى الجنة واجعلي أذنك تسمع مناغاته وضحكاته.
كوني قوية حتى يتعلم طفلك من ذوي الاحتياجات كيف يكون قوياً مثلك، هو في أمس الحاجة ليراك قوية ليستمد صلابته منك أمام مجتمع ظالم وينظر له بنظرة ريب وشفقة واشمئزاز، ربيه على أن هذا الاختلاف الذي يشعر به هو تميز، الله جل وعلا اختاره ليتميز عن باقي خلقه، اجعليه يحب نفسه حتى يحبه الآخرين.
ولكل انسان مواهب دفينة وكوني اكيدة أن رب العزة قد ميزه بموهبة مختلفة، فطه حسين كان أعمى وأصبح أكبر كاتب مشهور وله مخطوطات وكتب تدرس في الجامعات، وغيره كثيرين، اكتشفي ابنك وابحثي عن تميزه ليظهر بأحسن صورة أمام نفسه والمجتمع.
أن تكوني أماً لطفل من ذوي الاحتياجات الخاصة فتلك مهمة عظيمة، أنت أمام حرب مجتمعية وتكوين شخصية فريدة مختلفة ومتميزة، احذري الخجل من طفلك ولا تخبئي ابنك من أنظار المجتمع المريضة حتى لا تنجرح مشاعره بل دربيه على مواجهة الناس بكل قوة وحزم وهدوء، احبي اختلافه حتى يحب نفسه ولايأبه لتطفلات الآخرين.
اضافةتعليق
التعليقات