عندما تَشعر المؤمنة التي تَحمل في قلبها شُعاع نور من العقيدة والولاء لصاحب العصر والزمان (عجل الله تعالى فرجه) بشيء من الضعفِ والهوان لما يَحصل من تقلبات الزمان، وزيادة الظلم والخذلان؛ فإن من مفاتيح تَجديد القوة والعزيمة، هي ما ورد في فقرة من دعاء الندبة التي نقول فيها: [أَيْنَ مُعِزُّ الأَوْلِيَاءِ وَمُذِلُّ الأَعْدَاءِ ؟](١).
فهذه الفقرة هي ليست كلمات ندبة أو عتاب! إنما هي تساؤل نوجهه لأنفسنا، نعاتب به أنفسنا، فهذه (الأين؟) من مقاصدها: أين أنا من ولائي وانتمائي لمُعِز الأولياء؟! فهل يُخْلِيني من حمايته ورعايته، حاشاه.. حاشاه!.
وكما قال جده الحسين (عليهما السلام) بهذه الفقرة من دعاء عرفة: [وَكَيْفَ أُضامُ وَأَنْتَ النَّاصِرُ لِي؟](٢)، فبَعد هذا التساؤل يَحصل في القلبِ الحَياء، ثم يَكتسب القوة والسكينة؛ تُشعِرُ قائلتها بالعزة والفخر والثقة لتعود لتكمل طريقها بكل ثبات، إذ إن الإمام (عجل الله تعالى فرجه) مظهر تجلي عِزة رب العالمين، وفعل الإعزاز.
فأن تكوني عزيزة عند الناس ليس هو المقياس! إنما العزة كُل العزة أن تكوني عزيزة عند رب الناس، وإمام الناس، وأن لا يَحدث الأذى والهضم والاستضعاف في داخلك تراجع إيماني، أو سوء ظن بولاية واحاطة الله تعالى الدائمة بكِ، فالأذى الخارجي، الظلم، الجور هو من طبيعة هذه الحياة الدنيا، واختباراتها التي فيها نفوس طيعة لربها، وأخرى عاصية خارجة عن طاعته (جل وعلا)، تصدر منها هذه الأفعال تجاه غيرها.
وهذه الفقرة الدعائية الأخرى لإمامنا الحسين (عليه السلام) التي نقول فيها: [إِلهِي كَيْفَ تَكِلُنِي وَقَدْ تَكَفَّلْتَ لِي؟!](٢)، تعمق في وجداننا تَعريف العلاقة بين العبد ومعبوده (جل وعلا) وهي العلاقة القائمة بين الكفالة والوكالة الالهية، فهل تَفقد المؤمنة شعورها بالاطمئنان والأمان بعد إدراكها لهذه العناية الإلهية؟! أبدًا.
لذا المهم ما هو نَصيبكِ من عزة الله تعالى المتجلية بولي أمره إمام الزمان (عجل الله تعالى فرجه)؟ والتي نَطلبها أيضًا بهذه الفقرة في دعاء القاموس: [عَزِيزاً بِعِنَايَتِكَ] (٣)، تلك التي تَبني لكِ سُوراً يَحميكِ من التزلزل الداخلي، والتي أولى علاماتها أن تنظري بنعمة أن وفقكِ وجعلكِ موالية مؤمنة منتظرة، منتمية لوليه الأعظم، فهذه أعلى مصاديق العزة في هذا الزمان، فالذِلة كُل الذِلة لمن يكون عدوًا، غير مواليأ أو منتمياً للحق ولولي هذا الزمان.
لذا فعدم الابتعاد عن مصدر العزة الإلهية المُتجلية بالإمام صلوات الله عليه والارتباط الحقيقي، الصادق، الواثق به، لن يُفقدكِ الشعور بالاعتزاز بما تحملينه من عقيدة، ولن تَميلي عما تَسيري به من منهجية، مهما حَصل من سوء في العالم الخارجي.
(١) مفاتيح الجنان: ص٥٩١.
(٢) نفس المصدر: ص٣٢٦.
(٣) نفس المصدر: ص ١٤٨.
اضافةتعليق
التعليقات