كل من تعامل مع الأطفال يعلم كيف يمكن لعملية التواصل أن تكون صعبة في بعض الأوقات بسبب عدة عوامل تتغير بمرور الوقت بدءا من حاجز اللغة عند الرضع، ومرورا بسوء التفاهم البسيط، وانتهاء بصراع الإرادات في سن المراهقة.
وترجع أهمية التواصل الفعال لعدة أسباب؛ أولها أن التواصل الجيد مع الطفل في مرحلة الطفولة يعزز لديه إحساسه بالأمان، وثقته في العالم المحيط، مما يشجع الطفل على الانطلاق، واستكشاف العالم أكثر فأكثر، وعلى بناء المزيد من العلاقات.
كذلك يتعلم الأطفال من خلال ملاحظة وتقليد المحيطين به، وخاصة الوالدين، الكثير من طرق التواصل الاجتماعية.. فهم يقلدون مع أقرانهم ما نفعله نحن معهم.
عامل آخر في غاية الأهمية هو أن صورة الطفل عن نفسه تتكون خلال سنيّ نموه الأولى، وخاصة ما بين العام الثاني والسادس، وهذه الصورة تتكون من خلال تفاعل فيه عدة عوامل مثل كيف يرى الطفل نفسه؟ وكيف يرى صورته في عيون الآخرين؟ وهل يشعر بأنه ذو قيمة أم لا؟ وهل يتلقى الرعاية المطلوبة أم لا؟
التواصل الفعال يساهم في تكوين صورة ذاتية إيجابية للطفل عن نفسه؛ تنعكس في ثقته بنفسه فيما بعد، وفقدان هذا النوع من التواصل من خلال النقد المستمر والإساءات والإهانات المستمرة للطفل يسبب تكون صورة سلبية عن نفسه؛ مما ينتج منها فقدان الثقة بالنفس، والكثير من المشكلات النفسية إذا استمرت معاملة الوالدين بنفس الطريقة.
-أركان عملية التواصل:
المرسل (الوالدان)، والمستقبل (الطفل)، والرسالة، وحتى تكون عملية التواصل فعالة بحيث تساهم بشكل جيد في تعزيز صحة الطفل النفسية.. هذه بعض التوجيهات العملية الخاصة بكل ركن.
أولا: المرسل (الأم)
1. كوني هادئة وتجنبي الانفعال والصراخ، وهذا من أهم العناصر في تعزيز التواصل، وبدونه لا قيمة لباقي العناصر، ويساعدك على الهدوء فهمك لطريقة اكتساب الطفل للسلوك، ووجود علاقة جيدة نبني عليها من خلال اللعب.
2. تجنبي أوقات انشغالك كوقت إعداد الطعام، ووقت الحديث في التليفون، ووقت مشاهدة التلفزيون.. حتى تسهل عليك متابعة الأمر أو الطلب.
3. استخدمي مهارات التواصل:
- التواصل اللفظي
كوني مهذبة واستخدمي كلمات مثل (من فضلك – لو سمحت)، وتجنبي الشتائم والألقاب، والألفاظ المسيئة.
- التواصل غير اللفظي
اقتربي منه وانزلي لمستواه نفسياً وبدنياً، وانظري في عينيه، واستخدمي تعبيرات وجه لائقة.
4. دربيه على فعل السلوك المطلوب (غسل الأكواب مثلا) قبل أن تطلبي منه تنفيذه والتدريب عدة مرات، وليس مرة واحدة.
5. امدحيه عند تنفيذ السلوك المطلوب، واشكريه عليه.. فكما أننا لا ننسى توبيخه عن الخطأ، ينبغي مدحه عند الصواب (شكرا لأنك كتبت الواجب أو شربت اللبن).
6. ساعديه في التنفيذ إذا لم يستطع بمفرده، فإذا طلبتِ منه جمع الألعاب مثلا، وتكاسل فقومي وابدئي بجمعها معه.
المستقبل (الطفل)
يجب أن يكون:
- منتبهاً عند تلقي الأوامر وغير مشتت باللعب/ التلفزيون/ الكمبيوتر...
- متقبلاً للأمر فنتجنب الأوقات التي يكون فيها متعباً / غاضباً...
- قادراً على تنفيذه جسدياً – عقلياً – ولديه الوقت الكافي لفعله.
- صاحب اختيار.. حيث يمكن أن تعطي للطفل أمرين.. أنتِ موافقة على كليهما؛ مما يجعله يشعر بالسيطرة والقدرة على الاختيار.. مثل: هل تريد أن تلبس الجاكيت الأزرق أم الأسود؟ هنا أنت لا تخيرينه بين اللبس وعدمه، بل بين أي لون يختار.
- لديه حافز لتنفيذ الأوامر من خلال المدح والتشجيع والمكافآت..
-الرسالة
والمقصود بها محتوى الأمر أو الطلب الذي أطلبه من الطفل، وينبغي أن يكون:
- غير متناقض: مثل تضارب أوامر الأب والأم، أو تضارب أوامر الأم نفسها بين وقت وآخر، وأشهر مثال يحدث عند تعليم الطفل ماذا يفعل إذا تعرض للضرب.. فتارة يتم توجيهه من ضربك اضربه.. فإذا تعرض للضرب من أخيه وضربه يلام على ذلك.
- واضحا ومحددا: فطلبات مثل اهتم بنفسك أو رتب غرفتك أو كن منظماً؛ هي أوامر غير واضحة، وينبغي أن يكون الأمر محدداً وواضحاً مثل: ضع اللعب في الصندوق (المكان) الآن (الزمان).
- أوامر قليلة العدد وضرورية: حتى لا يمل الطفل من كثرة الأوامر والتوجيهات، وقد يساعدك على معرفة عدد الأوامر سؤال المحيطين بك، أو سؤال الطفل نفسه، أو من خلال لعبة تبادل الأدوار لتشاهد كيف يراك الطفل.
- مفهوم السبب: اشرح له دائما لماذا حتى لو كان صغيراً، وحاول إيجاد أقرب العبارات لتوصيل المعنى، واقبل مناقشته في السبب، واعتراضه عليه.
ألعاب وتمارين التواصل الفعال مع الأطفال:
-لعبة نقل الكلام: وهي لعبة شعبية معروفة يمكنك ممارستها مع الطفل وأفراد الأسرة أو تدريب مجموعة من الأطفال عليها، يجلس اللاعبون في دائرة، ويبدأ أحدهم بالهمس في أذن جاره، الذي ينقل المعلومة بدوره إلى جاره، حتى تنتهي الدائرة، يمكنك البدء بجمل بسيطة ثم الانتقال إلى جمل أكثر تعقيداً.
_الخريطة والتواصل بالإشارة: اطلب من طفلك أن يرسم خريطة للذهاب إلى متجر الألعاب مثلاً، في الطريق سيكون على الطفل تعديل الخريطة أو توضيحها من خلال الإشارات ولغة الجسد.
-قراءة تعابير الوجه: تعتمد هذه اللعبة على إظهار تعابير مختلفة للطفل ليحاول معرفتها وتحديدها، ويقوم هو أيضاً برسم تعابير على وجهه لتقوم أنت بتسميتها وتحديدها، وهناك بطاقات مصوّرة مخصصة لهذه اللعبة أيضاً.
_تمارين نبرة الصوت: في كل فرصة سانحة يمكنك أن تلعب مع طفلك تمارين نبرة الصوت، على طاولة الطعام مثلاً اطلب منه أن يطلب السلطة وهو غاضب، ثم أن يطلب السلطة بنبرة الهدوء والامتنان، شاركه أيضاً في التمرين على نبرة الصوت.
_تمارين التعابير العاطفية المتناقضة "العكوس العاطفية": على نفس نسق التمارين السابقة يقوم هذا التمرين على رسم التعابير العاطفية الأساسية، مثل الفرح والحزن، التوتر والهدوء، الدهشة والملل.
-لعبة الأسئلة المغلقة: فكر بمكان يعرفه طفلك، وعليه أن يحزر اسم المكان من خلال طرح الأسئلة، بحيث تكون إجابتك على الأسئلة نعم أو لا، مع الأخذ بعين الاعتبار تعابير الوجه التي تشير إلى ابتعاد الطفل عن الإجابة أو اقترابه منها، وتبادلا الأدوار في هذه اللعبة، كما يمكن أن يشارك فيها أكثر من طفل.
لعبة الأوامر المتناقضة: وهي من الألعاب الشهيرة التي تقوم على أوامر لفظية تتزامن مع حركات جسدية، يقوم قائد اللعبة في لحظة ما بإصدار أمر يتناقض مع الحركة، لكن على الطفل الالتزام بالأمر الصوتي وليس بالحركة، مثلاً يقول قائد اللعبة "اليدين إلى الأعلى" ويقوم بإنزال يديه إلى الأسفل، على الطفل في هذه الحالة أن يتبع الأمر اللفظي، هذه اللعبة أكثر متعة مع الأعداد الكبيرة.
-القراءة التعبيرية: تقوم تمارين القراءة التعبيرية على منح القصة أو النص مؤثراتٍ صوتية وحركية مناسبة، وحتى إن لم يكن الطفل قد تعلم القراءة بعد من المفيد أن ينخرط معك في تمرين القراءة التعبيرية.
اضافةتعليق
التعليقات