بمقدار ما تصنع الأمة أفراداً صالحين، بمقدار ما تبني مجتمعاً صالحاً وسليماً، فكيف إذا كان الأمر متعلقاً بمربية الأفراد وأمهم، فإن الأمر حينئذ يكون على جانب من الأهمية يستدعي بذل الجهد في سبيل تربية الفتاة خاصة تربية صالحة قويمة وإعدادها إعداداً جيداً وسليماً، لأنها سوف تكون المؤثر الأكبر في أولادها والملازم الأكثر لهم، فإذا ما حسنت تربية الفتاة حسنت تربية الجيل القادم كله، فيجب العناية بتربيتها عناية فائقة سواء من الناحية الصحية أو النفسية أو الدينية بإستعمال كافة السبل التي أرشد إليها الإسلام في نظامه التربوي، والطرق التي وفرتها الحياة الحديثة وأنتجها العلم الحديث في عالم النفس والتربية من أجل إتباع ما ينسجم مع خط الإسلام من هذه الأمور، فمن الضروري إبعادها عن كل ما يضر نفسها وجسدها وتعويدها على إلتزام الآداب والأخلاق الإسلامية، وبذل الجهد بالامتناع عن كل ما يُعقدها ويشعرها بالنقص وعدم الإحترام، كما ينبغي إبعادها عن الأجواء اللاإسلامية قدر الإمكان وتحبيب الإسلام إلى نفسها في كل فرصة ومناسبة، فإن كل هذا يخلق النواة التي سوف تنمو حتماً – للشخصية الإسلامية كما ينبغي أن تكون.
ما دمنا في الحديث عن التربية فلا بد من التعرض للاختلاط بالذكور في أجواء البيت والشارع والمدرسة، لأن الإختلاط مما يبدأ بالحدوث في هذه الفترة من عمر الفتاة التي نتحدث عنها.
إن لقاء المرأة مع الرجل – أساساً – ليس محرماً حتى ولو كان في خلوة لا ثالث معهما، فهو جائز بطريق الأولى في الشارع والمدرسة والمناسبات العامة، لكن الإعتبارات الثانوية هي التي تحكم في هذا الباب، فإذا كان الإختلاط مثيراً للشهوات وموجباً للوقوع في المعاصي كما هو حاصل في مجتمعاتنا وفي مجتمعات العالم كله تقريباً.. فإن الإسلام في هذه الحالة يحرم الإختلاط ويأمر بتجنبه قدر الإمكان، فليس مثل هذه الأجواء الفاسدة إلا مؤثراً على القاعدة الأخلاقية والشرعية التي يجب وجودها في كل علاقة تقوم بين الذكر والأنثى، فقد منع الإسلام حدوث كل ما من شأنه إيقاع الانسان في الفتنة، حفاظاً على الإطار القانوني والأخلاقي الذي إذا اخترق أوقع الإنسان في شر كثير وفساد كبير.
إن العلاقات العاطفية التي تحدث بين الشاب والفتاة، وتجرهما إلى مهاوي الإنفلات من القيود المنظمة للعلاقة الجنسية بينهما.. سوف تؤدي بالآخرة إلى تحلل الشخصية وغرقها في مزالق المغازلات والمطاردات والمغامرات.. الموجبة للانصراف عن الأمور الجدية، وعن بناء الأسرة، حيث تفرغ الطاقات في أمور تافهة نتيجتها الدمار والإنهيار لأن الأمة المحافظة الجدية، هي الأمة القادرة على بناء الحضارة السليمة.. أما غيرها فسرعان ما يسري التحلل والخراب إلى قواعدها، ويكون عاملاً من عوامل زوالها وانهيارها، وهذا لا يعني أن الإسلام يمنع من الإرتواء العاطفي، لا .. بل هو يحث عليه في إطار من التشريع وقواعد من الأخلاق يحفظان للأمة كيانها وللحضارة وجودها، ثم لا ينسى ما للاختلاط المتحلل من الأثر الكبير في إبتذال العلاقة الجنسية، وإطفاء حرارة اللقاء العميق، وإذابة الجاذبية العفوية التي تشد كل طرف إلى مخالفه، الأمر الذي يوجب تناول الأمور العاطفية والتعامل معها ببرودة وخواء.. فلأجل أن تبقى المرأة عالماً سحرياً يداعب خيال الرجل.. ويبقى الرجل عالماً جديراً بالاكتشاف لدى المرأة.. ولكي يبقى الدافع الطبيعي على حرارته وحيويته، ينبغي أن تجعل الحدود أمام الاختلاط بحيث لا يحدث أثراً نفسياً خطيراً.. ربما أثَّر على مستقبل الجنس البشري.
اضافةتعليق
التعليقات