تربية الأبناء من المسؤوليات التي تقع على عاتق الوالدين فتتطلب الصبر والجهد والتفكير.. فالتربية عملية شاملة ومفهوم واسع يشمل الناحية الدينية، والثقافية، والاقتصادية وغيرها.. قد يسعى الآباء جاهدين لتربية أبنائهم دينيا وثقافيا لكنهم متغافلين عن تربية أبنائهم اقتصاديا فالتربية المالية والسلوكيات الإقتصادية في سن مبكرة للأطفال والأجيال الناشئة تعتبر من الوسائل الفعالة والأساسية لإنشاء جيل واع وناضج فكريا وماديا واجتماعيا.
ويعزز تقدير الذات لدى الأطفال ويمكّنهم من إدارة حياتهم بإستقلالية ومهارة ويحررهم فيما بعد من الإعتماد الكلي على الأهل، لذلك فإن تربية الأبناء على إدخار الأموال والحفاظ عليها وكذلك معرفة قيمتها، لون من ألوان (التربية الاقتصادية) وهذا ما نسعى أن نوضحه في هذا المقال لما للتربية الاقتصادية من أهمية خصوصا ونحن في عصر شاع فيه ثقافة الاستهلاك السريع والبذخ اللامتناهي فوصلت إلى معظم الأطفال حيث أصبحوا متطلبين يفضلون الحصول على كل ما يشاهدوه وكل ما يسمعون عنه في الإعلانات التلفزيونية وفي الأسواق وعند زملائهم في المدرسة من ألعاب وملابس، وحلويات، حتى أنهم يطالبون بنزهات وسفر وترفيه..
لذا لابد لنا من وضع الخطط اللازمة لتربية أبنائنا تربية اقتصادية ونؤهلهم ذكورا واناثا للتوازن في الصرف وعدم افساد الأطفال في التبذير، كما جاء في القرآن الكريم حيث يقول الله تعالى (ولا تجعل يدك مغلولة إلى عنقك ولا تبسطها كل البسط فتقعد ملوما محسورا)، في هذه الآية نهي صريح عن البخل والإمساك، وتحذير من الإسراف والتبذير، والحث على التوسط في الإنفاق وعدم إهدار المال.
وهذا مايجب اتباعه في تربية الأبناء اقتصاديا، فالأطفال يجهلون كيف يأتي المال وكم من الصعب كسبه، فهم غالبا يتوفر لهم كل ما يحتاجون إليه ويحصلون على ما يريدون على الفور، وإن كانت قدرات الأسرة المادية تسمح لهم بذلك، يتوجب على الآباء والأمهات أن يربوا أبناءهم على أن المال لا يأتي بسهولة فمن الضروري أن يتعلّم الطفل والمراهق كيف يدخر نقوده للحالات الطارئة.
ويتعلّم كيف يحدد أولوياته في المصاريف وعلى ماذا ينفق أمواله، فالأسرة لها الدور الأكبر في تنشئة الأطفال تنشئة اقتصادية سليمة أو عكسها، فيتجسد أمام الطفل ما يسمى "القدوة الاستهلاكية" من خلال سلوك الأم وسلوك الأب.
قد يتسائل البعض ماهي الطرق التي يتوجب اتباعها في تربية الأبناء اقتصاديا؟
1- تخصيص مصروف معين للأطفال في عمر مبكر سيساهم في اكتساب الطفل لمهارة التعامل مع الآخرين خارج إطار العائلة، وتحمّل مسؤولية إدارة نقوده والحساب حيث يشتري ما يريده وحده ويتعامل مع البائع ويحتسب القيمة الشرائية للشيء الذي يرغب في شرائه ويفكر في ما إذا كان المبلغ مناسبًا أم لا، وهذا يشعره بالمسؤولية، ويعلّمه إدارة النقود فيكون مسؤولاً عن مصروفه الشخصي.
2- تعليم الأطفال أن يدخروا من مصروفهم اليومي ليتعلموا أهمية المال في تلبية احتياجاتهم وقيمته والأساليب الصحيحة لطريقة صرفه.
3- أوكلوا إلى أطفالكم إقتناء ما يحبون كشراء ألعاب اضافية أو شراء هدايا لأصدقائهم في المناسبات أو حتى للمساهمة في شراء ضروريات البيت من مصروفهم الخاص.
4- تعليم الأطفال التوسط في الإنفاق وعمل ميزانية، والتخطيط لتحديد الأولويات ليتعلموا التوفير والاستثمار ورسم الخطط المستقبلية حتى يستطيعوا تحمل المسؤوليات المالية وإن تزايدت.
5- إطلاع الاطفال على ما يحدد الأهل من ميزانية للنزهات ولشراء الملابس.. فإن الطفل المطلع على ميزانية الأسرة سيكون متفهم الظروف وينشأ نشأة صحيحة.
6- تعليم الأطفال الإنفاق والتصدّق على الفقراء مع تبيان عملية نماء الإنفاق في سبيل الله.
اضافةتعليق
التعليقات