كُلنا نبحث عن الحب, الطفل يبحث عنه في حنان أمه, والمراهق في الزمالة بين أقرانه, والبالغ يبحث عن زوجة صالحة يحبها لتشاركه حياته بكل تفاصيلها حتى يشيخان معاً.
كلها أنواع من الحب, إذ إننا نبحث عنه منذ نعومة أظفارنا، لكن بطرق شتى ومختلفة لمجرد أن نكون قد ملأنا فراغنا العاطفي بحب الأشياء والأشخاص من حولنا, لا يهم كيف, ومتى, ولماذا, أهمها أن نحب بصدق لتغمرنا السعادة بأعلى مراتبها, والتي بدت تنسحب من حياتنا لما عاصرناه بمراحل حياتنا المتنقلة بين الحروب وما تلاها, حتى غدت المفاهيم تتغير, وأصبح الكثير يحث الخطى خلف أي ثقافة تنص على الاتيان بالسعادة والحب وإن كانت تناقض أفكارهم.
يبحثون عن مأوى لأرواحهم المشردة خلف أسوار المدائن المهجورة من الحياة, التي خلت من أي لغة من الحب والسعادة, إذ بات اللون الأحمر يلون كل أيام السنة ويملأ طرقاتها الضيقة.
كثيرا ما يدهمنا السؤال أمازال للحب بقية؟
ففي أعماقنا كم كبير من المشاعر التي لا تحكى, ولا توصف, ولا تموت, هي فقط عالقة بين جحيم القلب, وثورة العقل, تعيدنا إلى أيام مضت بذكرياتها, غير أننا نعجز عن اصلاح ما أفسده العطار والدهر.
وكثيرا ما تغيب عنا حقيقة الحب الأبدي الذي يولد بالفطرة, كحب الطفل لأمه وشوقه لمهده, ذلك الحب الذي يمد حياتنا بوميض من الأمل تتوق الروح له, وسط كل هذا الكم الهائل من الصخب.
إننا اليوم بحاجة إليه بقوة، كحاجة الغريق ليد تمتد له في البحر، إنه حب يفوق حبنا للخير, والسلام, والوطن, حب اتصف بأقدس وأطهر المشاعر, إذ يقودنا إلى الولوج لعالم زاخر بالروحانية والتآزر فيما بيننا, حيث نهزم به خطى الشيطان ونسلك الخطى إلى طريق الرحمن, ونهدي به قلوب بيضاء مرسومةً عليها خريطة حب من نوع آخر, حبا يتزين بلون السلام؛ وأعلام بيضاء ترفرف داعيةً إليه, وهي تنثر فوقنا حفنة من زهور الياسمين.
حبا تهفو إليه القلوب العطشى للتقرب ونحن نتلوا صلواتنا بقربه مع خيوط الشفق نردد اسمه بالخفاء, والسراء, والضراء, يغنينا وصاله عمن حولنا فيكون كفايتنا فلحبه بقية بداخلنا ندركها ونحن نهمس باسمه... يا الله.
اضافةتعليق
التعليقات