لم تستطع الحضارة، أن تخفف من آلام الانسان ولو بمقدار بوصة واحدة.. كما لم يعد في امكان العقول الالكترونية العملاقة التي تستطيع أن تحل مشاكل الانسان، التي تتراكم عليه، يوماً بعد يوم. اخذاً من الاقتصاد والسياسة وانتهاءاً بأزمة الأخلاق، والغاء الانسان.
فطائرة الكونكورد، العملاقة – التي تنقل الانسان عبر القارات، في سويعات قليلة، لم تقدر – هذه الطائرة – ان تغسل اتعاب الانسان، بسرعتها الفائقة..!
أجل..
لقد تقدمت حضارة العصر، في مجال علم المادة، وغزو الفضاء، وتجزئة الخلية، وانفلاق الذرة، ولكنها ما تقدمت في مجال علم الانسان، إلا بمقدار أصابع اليد مُنْضمّة.
إن العلم الحديث، استطاع أن يوصل الانسان، إلى سطح القمر، واستطاع أن يجلب من المريخ، والزهرة، وبقية الكواكب، صوراً ملونة زاهية الابداع.. ولكنه لم يستطع أن يوصل الانسان إلى حقيقته، وأن يعرفه بنفسه، وبخالقه!
أجل..
لقد تمكن العلم أن يغوص في أعماق الطبيعة ويدرس دفاترها الغرامية، ويغازلها ويستوعب خلجات فكرها ونبضات قلبها، ولكنه لم يستطع أن يغوص في أعماق الانسان، ليدرس نفسه، وعقله، وفكره، بل وحتى اعضاءه الجسدية.
وان عجز العلم الحديث، عن معالجة مرض السرطان، وفشله في علاج كثير من الأمراض المعدية، لأكبر دليل على عمى العلم الحديث عن مشاهدة الصواب، وانحرافه عن الصراط المستقيم..
والانسان ذلك المجهول، كتاب أصدرته الحضارة الغربية، بعد دراسة استمرت قرابة ثلاثين عاماً، لهذا الانسان، ولكنها لم تزد في معرفة الانسان، إلا غموضاً، وتعثراً..!
هذا من جانب، ومن جانب آخر.. نلاحظ المطاردة الحثيثة، في سباق التسلح،.. فهذه الملايين تصرف على السلاح، بينما الانسان لا يجد قوت يومه، وذكرت التقارير الرسمية، ان في الأرض سلاحاً يكفي لقتل أهل الأرض، وتمزيقها مئة وعشرين مرة!.
ثم ماذا؟
لا شيء سوى الجوع، والفقر، والمرض والجهل، والحرمان. تخيم على معظم بقاع العالم. واذا ثار الأحرار، فسياط الجلادين، تطاردهم في كل مكان!!
وهذه السجون تكاد تختنق بالاحرار، والابرياء.. فما من بلد إلا وقد حوله المستعمرون، - بواسطة الحكام الخونة – إلى سجن رهيب لا يطاق..
وبدل أن يستوردوا خبراء الاقتصاد والزراعة.. استوردوا خبراء التعذيب والقمع.. وبدل أن يوفروا الطعام والامن للشعوب.. وفروا لهم، السجون، وآلات التعذيب وأعواد المشانق..!!
فالعالم غارق في الظلام.. والبشرية تحاصرها السياط من كل مكان.. فلا حقوق، ولا من يحزنون ولا عدل، ولا من يسهرون..!
وسط هذا الطوفان العارم من الظلام، وقفت البشرية حائرة تبحث عن الخلاص، وتفتش عن المخرج.. فإذا بها ترى نوراً جاء يسعى من أقصى الظلام وتباشر الناس مرددين: انه نور الخلاص، انه نور الحرية.. ولأنه بعيد عنهم فلا بد أن تطول فترة الانتظار..
المهم انهم رأوا هذا النور بعين الفطرة، ولذلك فكل انسان مشدود إلى هذا النور شاء أم أبى.. أجل انه نور الاصلاح، والنور الذي يهزم الظلام.
ورغم اختلاف الناس في أفكارهم، وأذواقهم إلا انهم يتفقون على الايمان بهذا النور بالاجماع.. وذلك لأن النور واحد، بينما الظلام متعدد، كما جاء في القرآن "يُخرجهم من الظلمات إلى النور..." فجاءت الظلمات بصيغة الجمع، لأنها متعددة، وجاء النور بصيغة المفرد، لأنه واحد لا يتعدد، وماذا بعد الحق إلا الضلال..
اضافةتعليق
التعليقات