ما معنى الموالاة؟، ليست الموالاة لأهل البيت (عليهم السلام) مجرد محبتهم والتعاطف معهم فحسب، بل النصرة لهم وعدم الخذلان، وأن يقف الموالي بصدق نية وخلوص مودة لهم في الدفاع عن مظلوميتهم واسترجاع حقهم،
ولا يتخاذل عن نصرتهم كما خذلتهم الأمة من قبل لأمير المؤمنين (صلوات الله عليه) الذي قال عنه رسول الله «صلَّى اللّٰه عليه وآله» قال: إنما رفع اللّٰه القطر عن بني إسرائيل بسوء رأيهم في أنبيائهم، وإن اللّٰه يرفع القطر عن هذه الأمة ببغضهم علي بن أبي طالب "عليه السلام". فقام رجل وقال: يا رسول اللّٰه وهل يبغض علياً أحد؟!، فقال "صلَّى اللّٰه عليه وآله: نعم القعود عن نصرته بغض. (١)
وكذلك خذلانهم للإمام الحسن المجتبى معز المؤمنين "صلوات الله عليه"
"ولقد وصلت مظلومية الإمام الحسن (عليه السلام) إلى حد تجرأ بعض قادة جيشه وهرب إلى معاوية، وتجرأ البعض الآخر من قادته بالهجوم على خيمته وسحبوا مصلاه من تحته، وجروه من قميصه وجرحوه."(٢)
وخذلانهم لسيد الشهداء الإمام الحسين "صلوات الله عليه"، حيث قال الفرزدق: لقيني الحسين عليه السلام [في] منصرفي من الكوفة، فقال: ما وراءك يا أبا فراس؟ قلت: أصدقك؟ قال: الصدق أريد، قلت: أما القلوب فمعك، وأما السيوف فمع بني أمية والنصر من عند الله، قال: ما أراك إلا صدقت، الناس عبيد المال والدين لعق على ألسنتهم يحوطونه ما درت به معايشهم، فإذا محصوا للابتلاء قل الديانون."(٣)
ويستمر الصراع بين الحق والباطل والنصرة والخذلان والنور والضلال حتى يمحصوا تمحيصا، حيث قال عزوجل:
(مَا كَانَ اللَّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَىٰ مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ حَتَّىٰ يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ) (٤).
وهنيئًا لمن فاز بنصرتهم وخلوص مودتهم وصدق أتباعهم، وها نحن اليوم تمر علينا فاجعة الذكرى السنوية الأليمة لهدم قبور الأئمة الأطهار وأوصياء رسول الله "صلى الله عليه وعليهم وآلهم" في البقيع الغرقد وأصبح ما يقارب ١٠٢ سنة على مظلومية هدم قبورهم الطاهرة!
ماذا فعلنا لنصرتهم ورفع مظلوميتهم؟!
ماذا قدمنا لهم؟
هل يكفي إقامة العزاء ولبس السواد ونشر تصاميم منشورات السوشيال ميديا؟!
بل يجب أن تكون له ضجة واقعية وافتراضية تزعزع الكون، ومسيرات كمسيرات الأربعين والفاطمية، ماهو تقديمنا للبقيع في هذه السنة هل يختلف وأفضل من العام الماضي؟
أوليس في الحديث الشريف عن الإمام الكاظم (عليه السلام): "من استوى يوماه فهو مغبون، ومن كان آخر يوميه شرهما فهو ملعون، ومن لم يعرف الزيادة في نفسه فهو في نقصان، ومن كان إلى النقصان فالموت خير له من الحياة"(٥)
ناهيك عن الأجل الجزيل والثواب العظيم لمن يعمر قبور الأئمة "صلوات الله عليهم"، روي عن رسول الله (صلّى الله عليه وآله) أنّه قال لأمير المؤمنين (عليه السلام):
"يَا أَبَا اَلْحَسَنِ، إِنَّ اَللَّهَ جَعَلَ قَبْرَكَ وَقَبْرَ وُلْدِكَ بِقَاعاً مِنْ بِقَاعِ اَلْجَنَّةِ، وَعَرْصَةً مِنْ عَرَصَاتِهَا، وَإِنَّ اَللَّهَ جَعَلَ قُلُوبَ نُجَبَاءَ مِنْ خَلْقِهِ وَصَفْوَتِهِ مِنْ عِبَادِهِ تَحِنُّ إِلَيْكُمْ، وَتَحْتَمِلُ اَلْمَذَلَّةَ وَاَلْأَذَى فِيكُمْ، فَيَعْمُرُونَ قُبُورَكُمْ، وَيُكْثِرُونَ زِيَارَتَهَا تَقَرُّباً مِنْهُمْ إِلَى اَللَّهِ، مَوَدَّةً مِنْهُمْ لِرَسُولِهِ، أُولَئِكَ يَا عَلِيُّ اَلْمَخْصُوصُونَ بِشَفَاعَتِي وَاَلْوَارِدُونَ حَوْضِي، وَهُمْ زُوَّارِي غَداً فِي اَلْجَنَّةِ.
يَا عَلِيُّ مَنْ عَمَرَ قُبُورَكُمْ وَتَعَاهَدَهَا فَكَأَنَّمَا أَعَانَ سُلَيْمَانَ بْنَ دَاوُدَ عَلَى بِنَاءِ بَيْتِ اَلْمَقْدِسِ". (٦)
فمن يريد أن ينال شفاعة رسول الله ويشارك في بناء قبور عترته الطاهرة في البقيع الغرقد وأن لا يكون مغبونا ويبخس حق ساداته الأطهار ويستكمل الإيمان؛ فالينصرهم بيده كما أحبهم بلسانه وقلبه، كما في رواية سلمان المحمدي (رضوان الله تعالى عليه) نذكر فقط الشاهد منها:".. سمعت حبيبي رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول لعلي (عليه السلام): يا أبا الحسن، مثلك في أمتي مثل سورة التوحيد (قل هو الله أحد) فمن قرأها مرة فقد قرأ ثلث القرآن، ومن قرأها مرتين فقد قرأ ثلثي القرآن، ومن قرأها ثلاثا فقد ختم القرآن، فمن أحبك بلسانه فقد كمل له ثلث الايمان، ومن أحبك بلسانه وقلبه فقد كمل له ثلثا الايمان، ومن أحبك بلسانه وقلبه ونصرك بيده فقد استكمل الايمان، والذي بعثني بالحق يا علي، لو أحبك أهل الأرض كمحبة أهل السماء لك لما عذب أحد بالنار،.."(٧)
فأوصي نفسي أولاً والغيارى من شيعة آل محمد محبيهم ومواليهم ثانيًا أن يصمموا من اليوم على أن يطالبوا بكل ما أُوتوا من قوة لإعادة بناء قبور البقيع الغرقد وهذا حق إسلامي وإنساني وضياعه في رقاب الجميع.
هل من الإنصاف أن لأبو حنيفة النعمان ومالك بن أنس ومحمد بن إدريس الشافعي وأحمد بن حنبل قبور ومراقد مرتفعة وهم تلاميذ الإمام جعفر بن محمد الصادق ولكن خالفوه ولم يطيعوه.
كما قال أبوحنيفة: وعن عبد الصمد، عن أبيه ذكر لأبي حنيفة قول النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): "أفطر الحاجم والمحجوم" فقال هذا سجع .
وقال تارة: " لولا جعفر بن محمد ما علم الناس مناسك حجهم" وقال أخرى: إني خالفت جعفرا في جميع ما قال، ولم أدر أنه يغمض عينيه في السجود أو يفتحهما، ففتحت واحدة وغمضت أخرى. (٨)
ماهذا الحقد والعداء الدفين لآل محمد الذي لايزال النبي يوصي بهم حتى ارتحل شهيدًا مسمومًا مظلوما!
عن النبي (صلى الله عليه وآله): اشتد غضب الله وغضبي على من أهرق دمي وآذاني في عترتي (٩).
إلى كل حر و شريف يدعي أنه مسلم ويتبع سنة رسول الله (صلى الله عليه وآله) حرر فكرك من الفكر الداعشي التكفيري وأحذر من غضب الله وغضب رسوله وساهم برفع مظلومية عترته وبناء قبورهم في البقيع الغرقد، ليتخذها المسلمين مسجدا يذكر فيها اسم الله تبارك وتعالى.
اضافةتعليق
التعليقات