• الرئيسية
  • كل المواضيع
  • الاتصال بنا
facebook twitter instagram telegram
بشرى حياة
☰
  • اسلاميات
  • حقوق
  • علاقات زوجية
  • تطوير
  • ثقافة
  • اعلام
  • منوعات
  • صحة وعلوم
  • تربية
  • خواطر

حين يرى القلب إحسان الله في شدائده

جنان الهلالي / السبت 05 نيسان 2025 / تربية / 530
شارك الموضوع :

بل التمسك بالدعاء والاستعانة بالله، فبعض الأبواب لا تُفتح إلا باللجوء إليه

قد تبدو الحياة أحيانًا سلسلة من المحن والابتلاءات، وتكاد النفس تتساءل: لماذا كل هذا الألم؟ لماذا الظلم؟ لكن حين ننظر بعين الإيمان، نكتشف أن وراء كل محنة إحسانًا إلهيًا خفيًا، لا يدركه إلا من صبر وتأمل في حكمة الله.

قصة سيدنا يوسف (عليه السلام) تجسد هذه الحقيقة بأبهى صورها. فقد واجه منذ صغره ألوانًا من الشدائد، من حسد إخوته إلى رميه في البئر، ثم بيعه عبدًا، وصولًا إلى ظلمه وسجنه. ورغم كل ذلك، لم نسمع منه كلمة تذمر أو شكوى، بل ظل محسنًا في كل حال، حتى إننا نجده في نهاية القصة لا يذكر الألم، بل يشير إلى لطف الله في كل ما مر به: "وقد أحسن بي إذ أخرجني من السجن وجاء بكم من البدو من بعد أن نزغ الشيطان بيني وبين إخوتي" (يوسف: 100).

لم يقل "ظلمني إخوتي"، أو "عانيت ظلمًا في السجن"، بل رأى الإحسان الإلهي حتى في المحن. هذا الإدراك العميق لقلب يوسف (عليه السلام) هو ما جعله يثبت في وجه الشدائد دون أن يفقد إحسانه، لأنه كان يرى يد الله تعمل في كل شيء، ولو كان ظاهره شرًا.

جزع الإنسان وعدم صبره

الإنسان بطبيعته عجول، يريد أن يرى نتائج الخير فورًا، فإذا أصابه البلاء جزع وضاق صدره، متسائلًا: لماذا أنا؟ لماذا يحدث لي هذا؟ فينسى أن المحن ليست عقوبة، بل قد تكون تهيئة لخير أكبر لا يدركه في لحظته. كثيرًا ما يدفعنا الجزع إلى فقدان الثقة بحكمة الله، فنرى الابتلاء وكأنه نهاية الطريق، بدلًا من أن ندرك أنه مجرد مرحلة في قصة أوسع، قصة يرسمها الله بعلمه ولطفه.

فالذي فقد عمله قد يكون على موعد مع رزق أفضل، والذي تأخر زواجه قد يكون محفوظًا لقدر أجمل، ومن تأخر شفاؤه قد يكون الله يرفع درجته ويكفر سيئاته.

لكن القلب عندما يضيق، لا يرى إلا الألم، فينسى أن حتى تأخير الفرج يحمل في طياته رحمة. وهنا يأتي دور الصبر، فالصبر ليس مجرد تحمل الألم، بل هو ثقة بالله أن العوض قادم، وأن ما يخبئه الله لنا أعظم مما نتمناه. فلو أن يوسف (عليه السلام) جزع في السجن، لما كان أهّل نفسه ليكون وزيرًا بعد ذلك. الفرق بين من يجزع ومن يصبر ليس في حجم البلاء، بل في طريقة رؤيته له. فمن رآه عقبة سقط فيه، ومن رآه خطوة نحو الأفضل انتظر الفرج وهو موقن أن الله لا يخذل عباده.

سر الإحسان وسط الابتلاءات

ما الذي يجعل الإنسان قادرًا على رؤية لطف الله وسط الألم؟ إنها الثقة بحكمة الله، والإيمان بأنه لا يقدر شيئًا إلا وفيه الخير، وإن كان الخير خافيًا. الإحسان ليس فقط في التعامل مع الآخرين، بل هو قبل ذلك إحسان الظن بالله، واليقين بأنه لا يترك عبده، بل يصنع له الأفضل، ولو بدا الطريق شاقًا. سيدنا يوسف لم يكن إحسانه مقتصرًا على صبره فحسب، بل امتد ليكون إحسانًا في العمل والسلوك، في البئر كان صابرًا، في بيت العزيز كان عفيفًا، في السجن كان ناصحًا، وفي الحكم كان عادلًا. لم يكن الإحسان مجرد شعور داخلي، بل كان أسلوب حياة، فكان الإحسان هو المفتاح الذي فتح له أبواب الخير رغم ظلمات المحن.

السؤال الأهم كيف نرى إحسان الله في حياتنا؟

ليس من السهل دائمًا أن نرى الخير في المحن ونحن نعيشها، لكن يمكننا أن ندرب قلوبنا على الثقة بالله من خلال التأمل في قصص السابقين: فكل قصة قرآنية تعلمنا أن الابتلاء ليس نهاية القصة، بل بداية لطف جديد.

كما لابد من مراجعة تجاربنا الماضية، كم من أمر كرهناه ثم اكتشفنا لاحقًا أنه كان سببًا في خير لم نكن نتوقعه. ولابد للمؤمن والعارف بكرم الله من المداومة على الإحسان رغم الألم، مهما كان حاله، فليحسن في القول والعمل، كما فعل يوسف (عليه السلام)، حين قابَل الجحود بالعفو، والظلم بالصبر، والغدر بالإحسان، فكان جزاؤه رفعةً ومُلكًا بعد السجن والمِحن، فلا تظننَّ أن الخير يضيع عند الله، فكل معروف تزرعه، ولو لم تلقَ ثماره الآن، سينبت في وقته المقدر لك.

وكما أن بعض الابتلاءات لا تُعرف حكمتها إلا بعد حين، يجب عدم الانزلاق في وادي الجزع، بل التمسك بالدعاء والاستعانة بالله، فبعض الأبواب لا تُفتح إلا باللجوء إليه.

وما يراه القلب اليوم ضيقًا خانقًا، قد يكون غدًا نافذة تُطل على رحمة لم تكن تخطر على البال. فالثقة بحكمة الله تجعل المرء يسير في دروب الحياة مطمئنًا، حتى وإن كانت الخطوات متعثرة، لأن خلف كل محنة منحة، وخلف كل ظلام فجرٌ جديد. حين يرى القلب إحسان الله، يتبدل الضيق سكينة، والمحنة منحة، وتصبح كل لحظة من الألم نافذة تطل منها على رحمة الله الواسعة. فليكن شعارنا في كل ضيق: "وقد أحسن بي".

الايمان
الحياة
الدين
الاسلام
القرآن
شارك الموضوع :

اضافةتعليق

    تمت الاضافة بنجاح

    التعليقات

    آخر الاضافات

    عاشوراء بين الألم والأمل: مدرسة الصابرين

    زيارة قبر الحسين.. وسيلة الوسائل لبقاء الصالحات إلى يوم القيامة

    مكملات الميلاتونين.. هل هي آمنة وفعالة؟

    فيتامين شائع يساعد في مقاومة علامات الشيخوخة

    في رحاب محرم: طلب الإصلاح على خطى سبط الرسول

    كيف أجعل حب الامام الحسين مشروعًا دائمًا؟

    آخر القراءات

    كيف يحافظ الطالب على تركيزه خلال الصيام؟

    النشر : الثلاثاء 18 نيسان 2023
    اخر قراءة : منذ 3 ثواني

    مشروبات الطاقة قد تضر وظائف القلب

    النشر : الأربعاء 31 آيار 2017
    اخر قراءة : منذ 6 ثواني

    التدبير القوتي في حالة السكري المعالج بالأنسولين

    النشر : السبت 13 آب 2022
    اخر قراءة : منذ 7 ثواني

    لا تقارنوهم بأقرانهم

    النشر : الأربعاء 27 حزيران 2018
    اخر قراءة : منذ 13 ثانية

    كيف يمكننا قياس قدرة المرء المعرفية؟

    النشر : الخميس 27 كانون الثاني 2022
    اخر قراءة : منذ 13 ثانية

    بين الظالم وظلمه.. محكمة ذكرى

    النشر : الأحد 16 ايلول 2018
    اخر قراءة : منذ 16 ثانية

    الأكثر قراءة

    • اسبوع
    • شهر

    مأساة مسلم بن عقيل: الغريب الوحيد في كربلاء ودروسٌ للشباب

    • 1262 مشاهدات

    أنصار الحسين يوم عاشوراء: قصة التضحية والوفاء الأبدي

    • 533 مشاهدات

    في رحاب محرم: طلب الإصلاح على خطى سبط الرسول

    • 391 مشاهدات

    جمعية المودة والازدهار للتنمية النسوية تنظم فعاليات نادي ريحانة الصيفي للفتيات

    • 383 مشاهدات

    أبا الفضل.. بقية الدمع في مآقينا

    • 372 مشاهدات

    بناء التنوع.. شعار اليوم العالمي لهندسة العمارة

    • 371 مشاهدات

    القليل خير من الحرمان

    • 1369 مشاهدات

    مأساة مسلم بن عقيل: الغريب الوحيد في كربلاء ودروسٌ للشباب

    • 1262 مشاهدات

    وميض من التاريخ: تتويج إلهي بالولاية

    • 1184 مشاهدات

    الخلود في زمن التفاهة: كيف ينتصر علم الإمام علي على مادية العصر

    • 1118 مشاهدات

    قراءة في كتاب: إدارة الموارد البشرية

    • 818 مشاهدات

    لمن تشتكي حبة القمح إذا كان القاضي دجاجة؟

    • 658 مشاهدات

    facebook

    Tweets
    صحيفة الكترونية اجتماعية ثقافية بادارة جمعية المودة والازدهار للتنمية النسوية

    الأبواب

    • اسلاميات
    • حقوق
    • علاقات زوجية
    • تطوير
    • ثقافة
    • اعلام
    • منوعات
    • صحة وعلوم
    • تربية
    • خواطر

    اهم المواضيع

    عاشوراء بين الألم والأمل: مدرسة الصابرين
    • منذ 21 ساعة
    زيارة قبر الحسين.. وسيلة الوسائل لبقاء الصالحات إلى يوم القيامة
    • منذ 21 ساعة
    مكملات الميلاتونين.. هل هي آمنة وفعالة؟
    • منذ 21 ساعة
    فيتامين شائع يساعد في مقاومة علامات الشيخوخة
    • منذ 21 ساعة

    0

    المشاهدات

    0

    المواضيع

    اخر الاضافات
    راسلونا
    Copyrights © 1999 All Rights Reserved by annabaa @ 2025
    2025 @ بشرى حياة