• الرئيسية
  • كل المواضيع
  • الاتصال بنا
facebook twitter instagram telegram
بشرى حياة
☰
  • اسلاميات
  • حقوق
  • علاقات زوجية
  • تطوير
  • ثقافة
  • اعلام
  • منوعات
  • صحة وعلوم
  • تربية
  • خواطر

بين التوجيه والسيطرة: كيف يحترم الآباء حرية الأبناء؟

جنان الهلالي / السبت 01 آذار 2025 / تربية / 764
شارك الموضوع :

إن احترام حرية الأبناء ليس مجرد خيار تربوي، بل هو استثمار في مستقبلهم

تعتبر العلاقة بين الآباء والأبناء من أكثر العلاقات الإنسانية تعقيدًا وتأثيرًا في تشكيل شخصية الفرد ومستقبله، فالأبناء هم امتداد لآمال وتطلعات الآباء، ولكنهم في الوقت نفسه كائنات مستقلة بذواتهم، تحمل أفكارًا ورغبات قد تختلف عما يريده الآباء. هنا يبرز السؤال الأهم: كيف يمكن للآباء أن يوفقوا بين توجيه أبنائهم نحو الطريق الصحيح، واحترام حريتهم في اتخاذ قراراتهم الخاصة؟

في البداية، يجب أن ندرك أن التوجيه يختلف تمامًا عن السيطرة، فالتوجيه هو عملية إرشاد ودعم تهدف إلى مساعدة الأبناء على فهم العالم من حولهم، واتخاذ قرارات مستنيرة بناءً على خبرات الآباء وقيمهم، أما السيطرة فهي محاولة لفرض إرادة الآباء على الأبناء، مما قد يؤدي إلى كبت حريتهم وإعاقة نموهم النفسي والاجتماعي.

الآباء الذين يختارون التوجيه بدلًا من السيطرة يعملون على بناء جسر من الثقة بينهم وبين أبنائهم، فالثقة هي الأساس الذي يسمح للأبناء بالشعور بالأمان عند استشارة آبائهم في قراراتهم المصيرية، مثل اختيار التخصص الدراسي أو المهني، أو حتى في القرارات اليومية البسيطة. عندما يشعر الأبناء بأن آباءهم يحترمون آراءهم ويقدرون اختياراتهم، فإنهم يصبحون أكثر انفتاحًا لتلقي النصائح والإرشادات دون شعور بالتهديد أو الخوف من الانتقاد.

من ناحية أخرى، فإن السيطرة المفرطة قد تؤدي إلى نتائج عكسية، فالأبناء الذين يشعرون بأنهم محاصرون بقيود آبائهم قد يلجؤون إلى التمرد أو الانسحاب، مما يفقد الآباء القدرة على التأثير الإيجابي في حياتهم. السيطرة لا تعني الحماية، بل قد تعني خنق القدرة على النمو والتطور، فالأبناء بحاجة إلى مساحة من الحرية ليتعلموا من أخطائهم، ويبنوا شخصياتهم بشكل مستقل. في كتاب (حرية التعلم) لجون هولت، يناقش المؤلف كيف يمكن للآباء دعم استقلالية أبنائهم دون فرض السيطرة عليهم. يقول هولت: "الأطفال يتعلمون أكثر عندما يشعرون بالأمان في بيئة تحترم اختياراتهم، وليس عندما يُجبرون على اتباع أوامر لا يفهمونها."

نفهم من هذا أن رأي المؤلف يقوم على الفكرة الأساسية للتوجيه دون السيطرة، حيث يكون دور الآباء هو توفير بيئة داعمة، بدلاً من فرض السلطة المطلقة على الأبناء.

لكن السؤال المهم هو كيف يمكن للآباء أن يمارسوا التوجيه دون الوقوع في فخ السيطرة؟ الإجابة تكمن في التوازن بين الحزم والمرونة، فمن المهم أن يضع الآباء حدودًا واضحة تساعد الأبناء على فهم الصواب من الخطأ، ولكن في الوقت نفسه، يجب أن تكون هذه الحدود قابلة للنقاش والتعديل وفقًا لظروف كل مرحلة عمرية. على سبيل المثال، قد يكون من المناسب أن يحدد الآباء ساعات معينة للنوم أو المذاكرة في مرحلة الطفولة، ولكن مع تقدم الأبناء في العمر، يصبح من الأفضل مناقشة هذه القواعد معهم وإشراكهم في اتخاذ القرار.

التواصل الفعال هو المفتاح الرئيسي لتحقيق هذا التوازن، فبدلًا من إصدار الأوامر، يمكن للآباء أن يطرحوا الأسئلة التي تشجع الأبناء على التفكير النقدي واتخاذ القرارات بأنفسهم، مثل: "ما رأيك في هذا الخيار؟" أو "كيف تعتقد أن هذا القرار سيؤثر على مستقبلك؟" هذه الطريقة لا تعزز فقط ثقة الأبناء بأنفسهم، بل تساعدهم أيضًا على تطوير مهارات حل المشكلات واتخاذ القرارات.

من المهم أيضًا أن يدرك الآباء أن احترام حرية الأبناء لا يعني التخلي عن مسؤولياتهم التربوية، فالأبناء بحاجة إلى إطار أخلاقي وقيمي يرشدهم في حياتهم، ولكن هذا الإطار يجب أن يكون مرنًا وقابلًا للتكيف مع احتياجاتهم المتغيرة. على الآباء أن يكونوا قدوة لأبنائهم، فالأبناء يتعلمون من أفعال آبائهم أكثر مما يتعلمون من كلماتهم، فعندما يرى الأبناء آباءهم يحترمون آراء الآخرين ويتعاملون معهم بتسامح واحترام، فإنهم يكتسبون هذه القيم بشكل طبيعي.

في النهاية، فإن احترام حرية الأبناء ليس مجرد خيار تربوي، بل هو استثمار في مستقبلهم، فالأبناء الذين يشعرون بأنهم محترمون ومقدرون من قبل آبائهم يصبحون أكثر ثقة بأنفسهم، وأكثر قدرة على مواجهة تحديات الحياة. على الآباء أن يتذكروا أن دورهم ليس التحكم في حياة أبنائهم، بل إعدادهم ليكونوا أفرادًا مستقلين ومسؤولين، قادرين على اتخاذ قراراتهم الخاصة وتحمل نتائجها. 

في عالم يتسم بالتغيرات السريعة، يصبح من الضروري أن يتعلم الآباء كيفية التكيف مع احتياجات أبنائهم المتغيرة، وأن يبنوا علاقات قائمة على الاحترام المتبادل والتفاهم. فقط من خلال هذا النهج يمكن للآباء أن يوفقوا بين توجيه أبنائهم نحو الطريق الصحيح، واحترام حريتهم في أن يكونوا أنفسهم.

الاب والام
الابناء
الاسرة
التربية
السلوك
شارك الموضوع :

اضافةتعليق

    تمت الاضافة بنجاح

    التعليقات

    آخر الاضافات

    السيدة الزهراء.. شريان الإيمان ونور اليقين

    بالكلمة الطيبة قوة الأثر والتغير

    السيدة الزهراء.. أسماؤها وألقابها

    بويضات من خلايا جلد لإنتاج أجنة.. البشرية أمام علاج جديد ثوري للعقم

    في ثرى البقيع... كُلُّ الذي دون الفِراقِ قليلٌ

    في يومها العالمي... الترجمة لغة ثانية للحياة

    آخر القراءات

    احذفها فورًا.. تطبيقات "مفخخة" تسرق كلمات المرور على فيسبوك!

    النشر : الثلاثاء 15 تموز 2025
    اخر قراءة : منذ 5 دقائق

    سماحة السيد مهدي الشيرازي: التفكير وتربية الأجيال والدفاع عن القيم من أهم وظائف المرأة

    النشر : الأربعاء 02 كانون الأول 2020
    اخر قراءة : منذ 5 دقائق

    متى تُفرج؟

    النشر : الثلاثاء 06 شباط 2018
    اخر قراءة : منذ 5 دقائق

    بالصور: مشاركة المرأة العراقية في المظاهرات

    النشر : الأربعاء 30 تشرين الاول 2019
    اخر قراءة : منذ 5 دقائق

    الهجرة الى خارج البلاد: بين عوامل الطرد وعوامل الجذب

    النشر : الأثنين 30 آب 2021
    اخر قراءة : منذ 5 دقائق

    ‫الرضاعة الطبيعية تحمي رضيعك من الموت المفاجئ

    النشر : الخميس 28 كانون الأول 2017
    اخر قراءة : منذ 5 دقائق

    الأكثر قراءة

    • اسبوع
    • شهر

    استبدل ولا تحذف: الفراغ عدو التغيير

    • 821 مشاهدات

    ماذا أنت فاعلٌ بحياتك؟

    • 732 مشاهدات

    الزواج.. ميثاقٌ إلهيٌّ تُنسِجه المودَّةُ والرحمة

    • 654 مشاهدات

    السيدة الزهراء.. شريان الإيمان ونور اليقين

    • 364 مشاهدات

    الشجاعة الحقيقية في مواجهة الهزيمة

    • 353 مشاهدات

    كانت مجرد كلمات… حتى بدأت أبكي دون أن أفهم السبب

    • 352 مشاهدات

    الحشمة المهدورة خلف ستار القرابة

    • 953 مشاهدات

    لغة الإيموجي… حينما تتحدث الصور وتصمت الكلمات

    • 906 مشاهدات

    استبدل ولا تحذف: الفراغ عدو التغيير

    • 821 مشاهدات

    تجاوز سطح الخلاف: كيف يختبئ الاتفاق خلف سوء الفهم؟

    • 780 مشاهدات

    قراءة في كتاب: في دقائق كيف نتغيّر؟

    • 756 مشاهدات

    ماذا أنت فاعلٌ بحياتك؟

    • 732 مشاهدات

    facebook

    Tweets
    صحيفة الكترونية اجتماعية ثقافية بادارة جمعية المودة والازدهار للتنمية النسوية

    الأبواب

    • اسلاميات
    • حقوق
    • علاقات زوجية
    • تطوير
    • ثقافة
    • اعلام
    • منوعات
    • صحة وعلوم
    • تربية
    • خواطر

    اهم المواضيع

    السيدة الزهراء.. شريان الإيمان ونور اليقين
    • منذ 20 ساعة
    بالكلمة الطيبة قوة الأثر والتغير
    • منذ 20 ساعة
    السيدة الزهراء.. أسماؤها وألقابها
    • منذ 21 ساعة
    بويضات من خلايا جلد لإنتاج أجنة.. البشرية أمام علاج جديد ثوري للعقم
    • منذ 21 ساعة

    0

    المشاهدات

    0

    المواضيع

    اخر الاضافات
    راسلونا
    Copyrights © 1999 All Rights Reserved by annabaa @ 2025
    2025 @ بشرى حياة