لقد عرض الله سبحانه الأمانة على السموات والأرض فأشفقن منها ولم يحملنها.. وحملها الإنسان ومن هذه الأمانة، كانت المسؤولية التي يضطلع بها الإنسان في حياته العملية والعبادية، فالصلاة مثلا ثقيلة إلا على المتقين، وكذلك الولاية التي أشهدنا الله عليها في عالم الذر، فاعترفنا له بأنه ربنا ومحمد نبينا وعلي إمامنا.. وبعدها تفرّقت الأديان والمذاهب والملل.
والعائلة هي جزء من المسؤولية الملقاة على عاتق الرجل، وتحملّه في أحيان كثيرة على ما لا يطيق، فقد يفكر بالانفصال عن زوجته، ورمي أطفاله فريسة التفكك والضياع، وقد يضعف تارة أمام التحديات الاجتماعية والصحية، وتارة أخرى يقلق وينزعج ويغضب، ويتفوّه بكلام بعيد عن المنطق والعقل، وقد يشعر بضعفه وقلة حيلته، حينها يكره موقعه فيتراجع أو يقدم، أو ينزوي وهو يشعر بالإنكسار والضعف وقلة الحيلة.
فكيف يستفيق طائر العنقاء من رفات التراب ليعود طائرا من جديد؟
هذا الطائر الإسطوري الذي يهزم الموت بإرادته، ومثله يهزم المقدمون على الحياة التحديات، التي يواجهونها كأبطال المقاومة الذين يعيشون أحياء بين عوائلهم ورفاقهم، إنهم يهزمون الموت، ويتألقون شهداء أحياء أبد الدهر.
ربما كانت المواجهات الصعبة التي عشناها سابقا، جعلتنا نحلق بعيدا عن ملامسة الواقع ، لكننا نكون ضعيفين في المواجهات القريبة العائلية، فقد ترى شخصا له وزنه الاجتماعي المرموق، ولكنه ضمن عائلته يتوجب عليه في يوم ما أن يقف بهذا الوزن، وأن ينتصر على ذاته أولا، ثم ينتصر على أعداء أمته وشعبه.
فالأسرة بيئة أخرى للمواجهة، فلينظر كل منا إلى أسرته وإلى أخوته وأخواته.. إلى أمه وأبيه ويرى احتياجاتهم، ثم يقف أمام مجتمعه ككل.. رغم كل التضحيات التي قدّمها له، فينتصر لعائلته أولاً، ثم آنذاك لمجتمعه.
وهكذا يستطيع أن يكون حاملا لمسؤوليته، قادرا على البناء والعطاء والتضحية، ولا ينسى أن يكون مضحيا للقيم والمبادئ بالدرجة الأولى والانتصار لها.
والمرأة الصالحة هي التي تسعد زوجها في بيته، وتتحمل معه ضغوطات الحياة ومصاعبها، ولا تدفعه يوما ما لأن يشكو حاجته إلى الراحة والأنس والطعام والسعادة خارج أسوار العائلة.
فالعائلة ساحة جهاد للمرأة، التي طُلب منها حسن التبعل، أمام ساحة جهاد للرجل في خارج البيت، يحمل فيها سلاحه ليدافع عن أسرته أولا ثم مجتمعه ثم أمته.
والمبادئ الاسلامية ضمنت الحياة السعيدة للإنسان، ودفعته لأن يكون قويا في ساحة الوغى، عطوفا محبا في بيئته ومجتمعه، فهو يعيش توازنا في عواطفه وعلاقاته، ويعطي لكل ذي حق حقه.. وهذه همسة تعيد للأسرة بهجتها.
اضافةتعليق
التعليقات