ماذا عن القرآن الكريم؟ كتاب الله الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، الكتاب الذي أُنزل على النبي الخاتم الأمين، فكان معجزةً ودليلاً على نبوّته، هذا الكتاب الذي حفظه الله على مدى الأزمان، وكان أن حدثنا عنه أمير المؤمنين بما يحتويه من علوم انسانية وتاريخ وفلك وأدب، بل جمع بين دفتيه ما لم يتوصل اليه العلم الحديث، كما فيه قصص الأنبياء والأمم السابقة .
وفي قراءة موجزة لكتاب (القرآن الكريم في أحاديث اهل البيت) لعز الدين الموسوي نطالع أهم ما جاء فيه بعد ذكر المؤلف الغاية من هذا الكتاب، جاء في مقدمته (هو تعريف القرآن من أحاديث أهل البيت عليهم السلام بفصوله الحادية عشرة يبين وجوب الاهتمام بالقرآن معرفة ومطالعة وممارسة وبحثا، وأخيرا تطبيقا في جوانب الحياة المتعددة).
ففصوله تتحدث عن عظمة القرآن الكريم وفضله، كما تحدث عن القرّاء وطوائفهم وتعلّم القرآن وحفظه وتفسيره، وأحاديث اهل البيت عنه خاصة في نهج البلاغة والصحيفة السجادية، وذكررأي العلماء الأجانب.
وهنا أسلّط الضوء على مجمل مفاهيم الكتاب، هو الكتاب العظيم أعظم ماوهب الله من العطايا لعباده.
( وان تعدّوا نعمة الله لا تحصوها ).
فعن النبي الأكرم قال (من قرأ القرآن فإن رأى أن أحدا اعطي أفضل مما اعطي حقر ما عظم الله وعظم ما حقر الله).
وهو نظام اجتماعي، وتربوي، وأخلاقي، وجهادي، ونظام حكم، ونظام في علم الصحة، والتعليم وهو مرآة لتجلي الله فعن الصادق عليه السلام (لقد تجلى الله لخلقه في كلامه ولكنهم لا يبصرون).
وبما أنه هدى وضياء، وعصمة من الهلكة، ورشد من الغواية، وبيان من الفتن، فهو دليل الى الهداية، يقول الامام علي عليه السلام (أيها الناس انه من استنصح الله وفّق، ومن اتخذ قوله دليلا للتي هي أقوم هُدي إلى صراط مستقيم).
وفي حديث آخر جاء عن الإمام الصادق (القرآن هدى من الضلالة، وتبين من العمى، واستقامة من العثرة، ونور من الظلمة).
وعن حقيقته قال الامام علي عليه السلام (أنّ ظاهره أنيق، وباطنه عميق، لاتفنى غرائبه، ولاتنقضي عجائبه، ولا تكشف الظلمات إلاّ به).
وقد جاء في رواية عن الإمام أبي جعفر الصادق، أنّ للقرآن بطنا وله ظهر، وللظهر ظهر، وهذا الحديث موافق لحديث عن النبي عليه وعلى آله الصلاة والسلام (هو الفصل ليس بالهزل، وله ظهر وبطن، فظاهره حكم وباطنه علم).
إنّ القرآن الكريم ذخر وكنز، لو تتبعنا آياته بلغنا الرقي في آفاق السماء، ولو ترنّمنا في طيب كلامه، لآنسنا من وحدتنا، فهو المؤنس وخير جليس، ولقراءته جزاءً الحسنى في الدارين.. يقول الامام زين العابدين (عليه السلام): لو مات ما بين المشرق والمغرب، لما استوحشت بعد أن يكون القرآن معي.
وفي حرم النبي والأئمة عليهم السلام يبدو القرآن اكسير ولاء، وإشعاع معرفة يدنينا إليهم مجلسا.
فتلاوة القران أفضل العبادة، كما قال النبي صلى الله عليه وآله (أفضل عبادة أمتي قراءة القران).
أما عن حفظه، فيقول الامام الصادق عليه السلام (الحافظ للقرآن والعامل به مع السفرة الكرام البررة) .
كما أنه دواء للقلوب، فيه يُستشفى من الأمراض النفسية، والظاهرية، والباطنية، والجسمية، فهو الشفاء للأمراض صغيرها وكبيرها.
وهو الكتاب المهيمن، والمفضل، والفرقان بين الحلال والحرام، وهو المعرب، والمفصّل، والوحي الإلهي، وميزان قسط، وعلم نجاة، ومحل اعتصام، ومعونة وأحسن العبارة، ورعايته، والتسليم لمحكم آياته، هو من الإيمان القلبي، والاعتقاد العملي الواقعي .
ففيه العجائب، والفضائل، والرفعة، كما له الحملة، والخزنة، والمصدّقين، فعلينا الاعتصام بحبله واتخاذه حرزا، ومعقل نسلك به سبل الرضا، ونتشرّف فيه منازل الآخرة، فهو المعراج وخير الشمائل، وخير العمل بعد الصلاة، فهو ينهى عن الباطل، ويذهب الغفلة والضياع، ويكسي حلل الأمان يوم الفزع الأكبر، وينجي من أهوال يوم الطامة، وأخيرا فهذا الكتاب من الكتب الشيقة والمشجعة لكل طالب علم يسعى سبيل النجاة، ويتخذ القرآن وسيلة للفلاح، وهو غني بما يحتويه من خير الأحاديث، ويستحق القراءة لمن يكون له القرآن ثقلا، يتمسك به كيلا يضل بعده أبدا، لا سيّما وأنه جاء بلسان النبي وأهل بيته في كلماتٍ مرشدةٍ مضيئة .








اضافةتعليق
التعليقات