الكتاب: دروس سبعة موجزة في الفيزياء
الكاتب: كارلو روفيلي
الفئة: علم الفيزياء الحديث
عدد الصفحات: 58 صفحة
يُقسم الكتاب إلى سبعة دروس يبدأ بالنظرية النسبية الخاصة لآينشتاين وينتهي بـالاحتمالية، الزمن وحرارة الثقوب السوداء وبعدها خاتمة يشرح فيها الكاتب معلومات أخرى.
لغة الكاتب أعلى من المتوسط كون المادة التي يقدمها ليست بالبسيطة بالعكس تماماً، مادة دسمة عالية المستوى، متقدمة، مركزة على الرغم من أن الكتاب قصير إلّا أنه غني بالمعلومات ولابد أن يكون القارئ على دراية جيدة بعلم الفيزياء خاصةً النسبية ونظرية الكم والثقوب السوداء والزمكان ومعادلات الحرارة والزمن.
بدأ الكتاب بدرسه الأول الذي عنوانه (الأجمل بين النظريات) قاصداً به الكاتب النظرية النسبية، يسرد الكاتب جزءا من حياة اينشتاين وكيف أنه هجر دراستهُ في ألمانيا ليعتمد على نفسه ويحضر محاضرات متفرقة في جامعة بافيا بشكل غير رسمي وذلك ليكون غير مقيدا بالامتحانات، والتعليم الذاتي هي أهم قواعد العلماء الجادين، وفي عام ١٩٠٥ أرسل ثلاثة مقالات دورية لـمجلة (أنالين دير فيزيك) وكانت كل مقالة تستحق جائزة نوبل، فالأولى أثبت فيها وجود الذرات والثانية أُسس ميكانيكا الكم والثالثة نظرياته عن النسبية.
منذ شبابه قد افتتن اينشتاين بالمجال الكهرومغناطيسي وسرعان ما أدرك أن الجاذبية كالكهرباء يتحتم أن تُنقل بواسطة مجال، أي يتحتم وجود مجال مغناطيسي يشبه المجال الكهربائي فانعقدت آماله حول فهم كيفية عمل هذا المجال وكيف يمكن وصفهُ بالمعادلات.
وكان في هذه المرحلة أن وقعت له فكرة استثنائية، كانت من العبقرية بمكان، إذ فكر أن مجال الجاذبية ليس منتشرا عبر المكان بل مجال الجاذبية نفسه هو ذلك المكان وهذه هي الفكرة التي تقوم عليها النظرية النسبية العامة وبذلك صار المكان الذي تحدث عنه نيوتن والذي تنتقل من خلاله الأشياء ومجال الجاذبية شيئاً واحداً.
وبشكل موجز تصف النظرية عالماً ملوناً ومعجباً تنفجر فيه الأكوان ويتداعى المكان إلى ثقوب لا نهاية لها ويهدأ فيه الوقت ويتباطئ بالقرب من الكواكب وتتموج فيها الامتدادات غير المحدودة.
نظرية الكم
إن الدعامتان الرئيستان لفيزياء القرن العشرين هما النسبية العامة ومكيانيكا الكم، يقال إن ميكانيكا الكم أبصرت النور عام 1900 على وجه التحديد، الأمر الذي يعني أنها أعلنت عن وجودها فعليا في قرن من الزمان سمته التفكير المتعمق فقد احتسب الفيزيائي الألماني ماكس بلانك المجال الكهربائي عند الاتزان داخل صندوق ساخن وللقيام بذلك، استخدم حيلة مفادها أنه تخيل أن طاقة المجال موزعة في شكل (كموم) أي في شكل حرم أو كتل من الطاقة وقد أدى ذلك الإجراء إلى نتيجة تمثلت في استنساخ ما قيس استنساخا مثاليا (ومن ثم وجب أن يكون صحيحا على نحو ما)، غير أنه تعارض تعارضا شديدا مع كل ما كان معروفا في ذلك الوقت فقد غدت الطاقة شيئا مستمر التغير، ولم يكن هناك أي سبب للتعامل معها كما لو كانت متكونة من وحدات بناء صغيرة وبالنسبة لبلانك، كان التعامل مع الطاقة كما لو كانت متكونة من حزم منتهية خدعة حسابية غربية، ولم يكن هو نفسه يعي وعياً كاملاً سبب فعاليتها ومرة أخرى، كان أينشتاين بعد خمس سنوات وهو من أدرك أن حُزم الطاقة كانت حقيقية وهذه هي شهادة الميلاد الحقيقية لنظرية الكم.
عمارة الكون
في النصف الأول من القرن العشرين، وصف أينشتاين طرائق عمل المكان والزمان، بينما رصد نیلز بور وتلاميذه الشباب الطبيعة الكمومية الغريبة للمادة في معادلات. وفي النصف الثاني من القرن نفسه، بنى الفيزيائيون على هذه الأسس؛ إذ طبقوا النظريتين الجديدتين على مجالات شديدة التنوع من مجالات الطبيعة؛ بدءا من التركيب الكوني للكون، ووصولا إلى الكون الأصغر من الجسيمات الأولية. وسيتناول الكاتب التركيب الكوني للكون والكون الأصغر.
يتكون هذا المحور من الكتاب في الغالب من رسومات بسيطة يرجع السبب في ذلك إلى أن العلم، قبل التجارب، والقياسات، والرياضيات، والاستقطاعات الصارمة، يتعلق بالأساس بالرؤى فالعلم يبدأ برؤية ووقود الفكر العلمي هو القدرة على (رؤية) الأشياء على نحو مختلف عما ارتُئیت به من قبل وهنا سيقدم الكاتب طرحاً موجزاً ومتواضعاً للارتحال بين تلك الرؤى.
الجسيمات
بداخل الكون يتحرك الضوء والأشياء. أما الضوء فيتكون من الفوتونات، وهي جسيمات الضوء التي أدركها أينشتاين مستخدماً حدسه وأما الأشياء التي نراها فهي تتكون من ذرات، وكل ذرة تتكون من نواة محاطة بالإلكترونات، وكل نواة تتكون من بروتونات ونيوترونات متراصة بإحكام، وكل من البروتونات والنيوترونات تتكون من جسيمات أصغر حتى إن الفيزيائي الأمريكي موراي جيل-مان قد أطلق عليها اسم «کوارکات» (جسيمات دون ذرية) لذلك، فكل ما نلمسه يتكون من إلكترونات ومن تلك الكواركات باسم «الصمغونات» وتتولد القوة التي «تلصق» الكواركات داخل البروتونات والنيوترونات من طريق الجسيمات التي يسميها الفيزيائيون، على باشم الصمغونات.
وتعد الإلكترونات والكواركات والفوتونات والصمغونات جميعا مكونات أي شيء يتحرك في الفضاء المحيط بنا. فتلك الإلكترونات والكواركات والفوتونات والصمغونات هي «الجسيمات الأولية» التي درستها الفيزياء الجسيمية. وتُضاف بضعة جسيمات أخرى إلى تلك الجسيمات، مثل النيوترينوات، التي تتحرك في جماعات في جميع أنحاء الكون، لكنها لا تتفاعل معنا إلا قليلاً.
ويستمر الكاتب بهذا الوصف وفي ظل هذا السياق ليشرح بشكل دقيق نظريات حُبيبات المكان، الاحتمالية ونظريات الحرارة والزمن وكذلك الثقوب السوداء، كتاب جميل ورائع ويعتبر مقدمة ممتازة رغم اختصارها للاكتشافات الاساسية في الفيزياء الحديثة تذكرنا بأن أصول العلوم هي الفضول والتساؤل.
اضافةتعليق
التعليقات